لم يتمكن رأس التحالف الفاشي الحاكم نتنياهو، التقاط أنفاسه بعدما أضطر للتراجع النسبي تحت وطأة التهديد الأكبر له، من الهستدروت ورجال الأعمال وقطاعات مختلفة بوقف حال دولة الكيان، مع مظاهرات كسرت كل "الخطوط المحتملة"، وبدأت تتجه لمواجهات "بينية"، لمعسكرين يفترقان أكثر فأكثر الى حد اعتبارهما، وكأنهما "خطان متوازيان لا يلتقيان...وبروز ملامح صدام "دموية" تقترب من ملامح "حرب أهلية"، خاصة في القدس وتل أبيب.
ومع انطلاق لقاء "بيت هرتسوغ" لاحتواء "أزمة الصدام الكبير" مساء يوم 28 مارس 2023، خرج الرئيس الأمريكي وربما للمرة الأولى منذ سنوات، ليعلن عن رفضه لمسار حكومة نتنياهو، وقالها بلا رتوش، أنه لا يمكن لإسرائيل أن تستمر في هذا الطريق، وبأنه قلق عليها، ولن يدعو نتنياهو الى البيت الأبيض".
كلمات مختصرة محددة، لم تذهب للشرح والتفسير، بل موجه بشكل مباشر الى "رأس الحكومة القائمة"، وبعبارة أخرى، بايدن يقول أن هذه الحكومة باتت تشكل "خطر على إسرائيل"، وجب اسقاطها، لذا جاء رد نتنياهو فوريا، لم يفكر طويلا ولم ينتظر، بأن "إسرائيل مستقلة لا تتلقى أوامر من الخارج"، ليكشف أثر "رصاصة بايدن" المباشرة.
"أزمة سياسية" صريحة واضحة، لا تحتمل تأويلا ولا تفسيرا، سوى مسبباتها، وهل هي فقط بحرص على "إسرائيل" و "ديمقراطيتها"، بعد ذهاب حكومتها لتأسيس جهاز بمسمى "حرس وطني" أثار غضبا واسعا لما يحمل من "هدف فاشي"، وترهيبي، أم أن استخفافها بما قالته أمريكا ما قبل ذلك لنتنياهو، بطرق مختلفة، لكن الرد جاء من نجله ليعتبر ما كان "تدخلا أمريكيا"، بل واتهمها بتمويل الاحتجاجات، لم تجد رفضا ولا توضيحا من والده رأس الحكومة.
ما سبق جزء هام من خلفيات "الصفعة البايدينة"، التي كان لها أن تتأخر، لولا وجود ما هو أكثر من "القلق الداخلي"، مع انطلاق "حوار الاضداد" قبل تصريح بايدن بصوته وليس مكتوبا ليتم تعديله، فما حدث من تطاول علني من داخل تحالف نتنياهو، وخاصة بن غفير وسموتريتش وكذا نجله يايئر، وتسريبات الى وسائل إعلام عبرية تنال من الموقف الأمريكي، وسفير واشنطن "اليهودي" نيدس، جزء من قرار "الصفعة العلنية".
ولكن، لا يمكن تجاهل أن غالبية "يهود الحزب الديمقراطي" في أمريكا، يطالبون بقوة من اجل الضغط على حكومة نتنياهو لوقف مسار يرونه الأخطر على دولة الكيان منذ العام 1948، بل باتوا يعيدون مخاوفهم من نشوب "حرب أهلية"، وبالتحديد بعد مساومة رخيصة بين نتنياهو و وبن غفير على تشكيل قوة إرهابية بمسمى جديد، ما دفع الكثير من "يهود الحزب الديمقراطي"، وكذا صحف بارزة، وصحفيين كبار ومنهم توماس فريدمان، الطلب العلني من الإدارة الأمريكية للتدخل.
"صفعة بايدن" العلنية والقاسية الى نتنياهو تحالفه، لن تذهب سريعا، وستترك أثرها المباشر على مسار الأحداث في دولة الكيان، وستكون قوة ضغط مضافة تستخدمها "المعارضة" بكل ألوانها "الرسمية والحراك" في التفاوض المباشر في "بيت هرتسوغ"، لفرض التراجع الحقيقي لنهج الحكومة، وليس مشاريع القوانين فحسب، ما سيؤدي لو حدث لتقزيم "التحالف الحاكم"، ليبدو كانه "فأر سياسي" مع اول "صفعة أمريكية"، وفي حال تجاهل موقف أمريكا، فحركة الغضب ستزداد قوة، ليس من المعارضة الرسمية والحراك فقط، بل ستجدها داخل حزب الليكود ذاته، ما يدفع نحو انشقاق كبير، بقيادة وزير الجيش المقال يوآف غالانت (مطلب أمريكي لإعادته الى المنصب)، ليكون السقوط الكبير والأبدي لنتنياهو "واليمين الفاشي اليهودي".
في صباح يوم السادس من نوفمبر/تشرين الثاني 1956، وبعد "7" أيام فقط على العدوان الثلاثي (فرنسا، بريطانيا وإسرائيل) على مصر، وجه الاتحاد السوفيتي إنذارا شديد اللهجة إلى كل من بريطانيا وفرنسا، كما وجه إنذارا آخر إلى إسرائيل، وخوفا من مضاعفات الإنذار السوفياتي أرسل الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور إنذارا لكل من إسرائيل وفرنسا وبريطانيا يدعوها للانسحاب، فأرغمت الدول المعتدية على قبول القرار الدولي والانسحاب.
"صفعة بايدن" العلنية لنتنياهو وحكومته ستبقى أحد "علامات التاريخ السياسي" بين دولة الكيان وأمريكا، وربما سيعيد بيبي وتحالفه مقولة غولدا مائير بعد "إنذار الرئيس الأمريكي" عام 1956، عندما قالت "كم نحن صغار أمام الكبار".
ملاحظة: بعد "غيبة رمضانية" خرج الرئيس محمود عباس "ورقيا"، فاصدر أول علامات "الكفر السياسي" في الشهر الفضيل..بمراسيم خارقة للدستور السري لدولة فلسطين...مجاملة غير مطلوبة لمدير مخابراته..الصراحة هيك مرسوم يفتح باب "النميمة" للقادم!
تنويه خاص: قصة الإضرابات المختلفة ضد حكومة د.اشتية صار بدها وقفها مختلفة...المسكنات ما عادت تنفع..والاتهامات كمان حتى لو فيها بعض الصح مش كافية..المكابرة طريق الخراب دايما..وبلاش تكرار سلوك غيركم اللي دمر أسس المشروع الوطني.