القدس شرارة التصعيد

aac57ec2b3ab917b9541a226e90c25eb.jpeg
حجم الخط

بقلم مصطفى ابراهيم 

 

 

 يبدو أن التاريخ يعيد نفسه مرات وليس مرة واحدة، المشاهد القاسية من الحرم القدسيالشريف، واقتحام قوات الاحتلال المصلى القبلي، والضرب والاعتداء الوحشي  علىالمرابطين والمعتكفين ، تكرر مراتٍ عديدة خلال السنوات الماضية، وفي شهر رمضانبالتحديد. والمثل الصارخ على ذلك كان في شهر رمضان في العام 2021،  واندلاع هبةالكرامة في القدس وفي صفوف فلسطيني الداخل، وتطورت الاحداث إلى شن  إسرائيلعدوان اجرامي على قطاع غزة.

مشاهد الاعتداءات والقمع الوحشي في القدس تجري بشكل يومي، ومنذ فترة طويلةتحاول قوات الاحتلال وشرطتها  منع الفلسطينيين من الاعتكاف وممارسة حقهم فيالعبادة، واعتدت على  المصلين بالقوة كما حدث ليلية أمس الثلاثاء.

وسبق ذلك التصعيد، عدوان مخطط له، واقدام  الشرطة الاسرائيلية على اعتقال المئات  منالشباب المقدسيين، ومن بينهم صحافيين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي،واتهامهم بالتحريض وافرجت عن بعضهم بشروط عدم استخدام الانترنت.

وفي السياق ذاته واستمرار العدوان والاعتداءات على الفلسطينيين في القدس، ارتكابجريمة اعدام  الشرطة  الاسرائيلية  الشاب محمد العصيبي ، من حورة في النقب، بادعاءاعتدائه على افراد الشرطة، واخفاء الشرطة الصور من الكاميرات التي تنشرها في جميعالشوارع في القدس والحرم المقدسي الشريف، ما اثار الشكوك في رواية الشرطة. إضافةالى  محاولات المستوطنين  النشطاء في حركات جبل الهيكل الصعود إلى ساحة المسجدالاقصى  وتقديم القربان.

هذه السياسة العدوانية من أجل ردع وتخويف الفلسطينيين ومنعهم من مقاومة محاولاتالمستوطنين من اقتحام المسجد الاقصى. هي السبب في اشعال الاوضاع ومقاومةالفلسطينيين في القدس لها، كل ذلك  دليل على نوايا قوات الاحتلال على فمعالفلسطينيين وردعهم.

وهل الاعتكاف والصلاة في المسجد الاقصى يؤثر على الامن وتغيير الوضع القائم فيالقدس؟

اثارت مشاهد  الاعتداء الوحشي على المصلين من قبل الاحتلال حزناً عارماً وغصباً ساطعاً،والشعور بالقهر والظلم، والادعاء الاسرائيلي بضرورة تهدئة الاوضاع الامنية وأن المصلينهم مجموعة من المتطرفين.

ما أدى إلى قيام المقاومة الفلسطينية بإطلاق نحو   16 قذيفة صاروخية  من قطاع غزة علىالمستوطنات المحيطة بغزة. ورد الجيش الإسرائيلي بهجمات  جوية ضد مواقع للمقاومة. 

كما اندلعت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين والجيش الاسرائيلي في اكثر من منطقةفي القدس والضفة الغربية.

منذ عملية سيف القدس في العام 2021،  تحاول حركة حماس والفصائل الفلسطينيةتصعيد المقاومة في الضفة الغربية والقدس، وليس من غزة، لذا كان واضحاً أن اطلاقالصواريخ رسالة محدودة، وانها ليست بعيدة عن ما يجري في القدس، لكنها ليستمستعدة لفتح جبهة كما حدث في العام 2021. وكذلك رسالة لاحراج السلطة الفلسطينيةوتحريض الفلسطينيين ضدها خاصة بعد مشاركتها في قمتي العقبة وشرم الشيخالأمنية.

يأتي العدوان الوحشي في القدس في ظل حكومة يمينية فاشية هاجم شركاؤها سابقاًحكومة بينت لبيد  في كل مرة كان يحدث فيها تصعيد أمني محدود. إضافة إلى أزمةاسرائيلية حادة على خلفية خطة الاصلاح القضائي، والخلافات بين اطراف الحكومة،وزير الامن معلق بعد إقالته وإجبار نتنياهو على تعليقها في مواجهة معارضة شعبيةغير مسبوقة، ولا يستطع اتخاذ قرارات حازمة. بالاضافة للخلاف بين وزير الامن القوميايتمار بن غفير. والمفوض العام للشرطة على خلفية التسريبات العنصرية ضدالفلسطينيين في الداخل.

وكما  يقول المعلقين الاسرائليين أن الحكومة الإسرائيلية لا تريد مواجهة عسكرية عشيةليلة عيد الفصح ، الأمر الذي قد يجبر مئات الآلاف من المستوطنين في الجنوب  على قضاءليلة العيد في الملاجئ.

قد يكون  كل هذا مؤقت إذ ممكن أن يتغير في لحظة بسبب حادث في  القدس أو الضفةالغربية.

 الحرم القدسي وهو المكان الأكثر تفجراً وحساسية للفلسطينيين، وأهميته الدينية، وتغيرالظروف مع تصاعد المقاومة في الضفة الغربية وقيادتها من جيل  الشباب.

وهناك احتمال بأن تكون إسرائيل على شفا صراع عسكري أكثر اتساعاً، قد ينشب فيالمستقبل القريب. وهي تواجه هذا الاحتمال عندما تكون الخلافات كبيرة ورئيس الوزراء لايتحدث مع وزير دفاعه.

وفي ضوء استمرار العدوان الاسرائيلي والجرائم اليومية، حال الفلسطينيين على ما هومن تشتت وانقسام وغياب للمشروع الوطني. وتقسيم الفلسطينيين الي قبايل ومناطق، كلمنطقة تحارب وتدافع عن نفسها وحيدة، وما يجري في القدس وفي الضفة الغربية هومسار واضح لاستكمال المشروع الاستيطاني الاستعماري واقامة دولة الشريعة، وما الحالالذي وصل اليه الفلسطينيين، إلا وصفة ممتازة لدولة الاحتلال الاستفراد والتنكيل بهم.