في بيانٍ غير مسبوق، حذّرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، من شنّ الاحتلال الإسرائيلي، عدوان وشيك على قطاع غزة، بعد انتهاء مهلة الأعياد اليهودية، وذلك في مسعى من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو؛ لإنقاذ مستقبله السياسي، المهدد بالانهيار، بفعل المعارضة الواسعة في الشارع الإسرائيلي، للإصلاحات القضائية، التي ستعمل على تغول السلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية.
الخارجية الفلسطينية.. عدوان وشيك ضد غزة
كعادته، يسعى نتنياهو، جاهداً لتبرأه نفسه، من 3 قضايا فساد "الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال"، بـ"شن عدوان على غزّة، على اعتبار أنَّ المعارضة الداخلية، ستقف معه في تلك المواجهة العسكرية، ما سيضعف أو حتى يوقف حملة المعارضة ضده". حسبما جاء في بيان وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينيين.
ونبهَّت الوزارة، في بيانها، المجتمع الدولي من خطورة ما سيقوم به نتنياهو بعد انتهاء الأعياد اليهودية، وطالبت بمواقف دولية إستباقية لمنع تلك الجرائم من أنّ تُرتكب بحق الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني وتحديداً في قطاع غزة، بما فيها استعادة سياسة الاغتيالات بحق القيادات الفلسطينية هناك.
وأكّدت الوزارة، على أنَّ الشعب الفلسطيني لن يقبل هذه المرة انحياز بعض الدول لموقف دولة الاحتلال والأبرتهايد من هذا العدوان المرتقب لصالح دولة الاحتلال، وإعطاء دولة الاحتلال الحماية غير المقبولة بادعاء حقها في الدفاع عن النفس رغم أنّها دولة اعتداء واحتلال وإجرام وحصار.
ما سبق، يطرح تساؤلات، حول توقيت الخطاب الغير مسبوق؟ وهل بُني على تصريحات قادة الاحتلال التي تتوعد غزّة بالرد القاس على إطلاق الصواريخ؟، أم أنَّ الوزارة تمتلك معلومات استخبارتية سرية؟، وما الخطة المطلوبة لمنع أيّ عدوان ضد غزّة؟.
هل لدى الخارجية معلومة استخبارتية؟
بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزّة، حسام الدجني، أنَّ "وزارة الخارجية الفلسطينية، مؤسسة رسمية لديها سلك دبلوماسي منتشر في العواصم، والمعلومة التي تنشرها خطيرة جداً، وتدل على امتلاكها معلومات من جهات دبلوماسية أبلغتها بشكلٍ أو آخر، نية الاحتلال ارتكاب حماقة سواء باستئناف سياسية الاغتيالات أو شنّ عدوان جديد على غزّة".
وأكّد الدجني، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، على أنَّ البيان يجب أخذه على محمل الجد، باتجاهين "الأول بمزيد من الاحتياط والحذر من طرف فصائل المقاومة والقيادات الفلسطينية. والطرف الثاني بالعمل الدبلوماسي على صعيد الجبهة الدولية من خلال لجم الاحتلال والضغط عليه ألا يذهب باتجاه مواجهة مع القطاع".
وحذّر من أنَّ أيّ مواجهة مع غزّة ستكون الخسائر كبيرة، في ظل واقع القطاع المحاصر، وكذلك عدم إعمار ما تدمر في عام 2021، مُشدّداً في ذات الوقت على أنَّ المطلوب من المجتمع الدولي والإقليم، هو التدخل والوقوف عند ما جاء فيه والتواصل مع الخارجية لمنع هذا التصعيدومنع أيّ عدوان، ووقف أيّ توجه لنتنياهو لتصدير أزمته الداخلية بشن عدوان على غزّة.
المطلوب.. العمل لمنع العدوان بعد التحذير
من جهته، اتفق الكاتب والمحلل السياسي، أحمد رفيق عوض، مع سابقه على خطورة بيان الخارجية الفلسطينية، من حيث توجه الاحتلال لشنّ عدوان وشيك ضد غزّة، واصفاً البيان بـ"غير مسبوق".
وقال عوض، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ البيان ربما يكون مبني على على عدة تقديرات، أولاً الإشارات العلنية التي يُطلقها قادة الاحتلال اتجاه قادم الأيام؛ خاصة نتنياهو عندما أشار إلى أنّه بعد انتهاء حرمة الأعياد اليهودية، سيكون لإسرائيل تصرف آخر ضد المقاومة في غزّة. وذلك بعد اتهامات لحكومة نتنياهو، بأنَّ قوة الردع تآكلت ولابّد من إعادة الهيبة لنفسها".
وأضاف: "ثانياُ أنَّ إسرائيل لا تُريد فتح جبهات متعددة عليها وستختار جبهة غزّة من أجل إغلاق الحساب أو إعادة التفاهمات القديمة على الأقل، أما النقطة الثالثة فهي هشاشة التفاهمات والموقف العسكري والأمني بين إسرائيل وغزّة، حيث إنَّ الوسطاء باختلافهم سواء العرب أو الأمريكان أو الأمم المتحدة، لم تصل للنتائج المطلوبة".
وبشأن تحذير وزارة الخارجية من ارتكاب الاحتلال مجازر في قطاع غزّّة، بيّن عوض، أنَّ "هذا الأمر مخيف جداً وبيان غير مسبوق"، مُستدركاً: "لكِن يمكن أنّ يكون البيان غير مبني على تصريحات علنية من قادة إسرائيليين، وإنّما بناء على معلومات استخبارتية سرية".
وتساءل: "لا أدري هل الخارجية تُريد حشد العالم لمنع إسرائيل من ارتكاب مغامرة عسكرية في غزّة؟، أو جزء من محاصرة الممارسات الإسرائيلية وحصرها؟، مُردفاً: "لكِن البيان مخيف".
وشدّد على أنَّ "إسرائيل" كيان محتل وبدون كوابح، ولا تحترم ضغوط ولا قرارات ولا تفاهمات، ومن الممكن أنّ تُهاجم غزّة في أيّ وقت.
وخلص عوض في ختام حديثه، للتأكيد على خطورة بيان الخارجية الفلسطينية كونه لم يأت من فراغ، وبالتالي يجب أنّ يؤخذ بكامل الجدية والاستعداد له، مُؤكّداً في ذات الوقت على أنَّ الخارجية الفلسطينية مطالبة، إذا كان لديها معلومات بهذا الشأن، بتحشيد الحلفاء والضغط على إسرائيل لمنع أيّ عدوان وترتيب الجهود وعدم الاكتفاء بالتحذير بل الذهاب للعمل".