يقف الحاج الستيني محمد سعيد المصري، يضرب كفاً بكف، والدموع تحتبس في مقلتيه، فوق منزله الذي تحول إلى كومة من الحجارة في منطقة الشيماء شمال قطاع غزة، فلا معالم للطوابق الأربعة، التي غدت كقطعة من البسكويت، بعد قصفه بطائرات الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان الأيام الخمسة على غزّة.
خرج المصري مع عائلته المكونة من 12 فردًا عاريين الرأس والقدم، فلم يُمهلهم، ضابط المخابرات الإسرائيلية الذي تواصل مع جيرانهم، أكثر من خمسة دقائق للإخلاء. حينها دب المنزل بالصراخ، بالكاد نفذوا بأنفسهم وتمكنوا من حمل الصغار؛ حتى أنهم نسوا أحد الأحفاد "عمر" ابن الـ4 سنوات، والذي كان نائماً في غرفته وعادوا والطائرات فوق رؤوسهم ولا يعلموا كيف نجوا بأنفسهم.
"بعد قصف المنزل، أصبحنا مشردين في الشارع، الجيران قاموا بلملمتنا. حتى استوعبنا الصدمة بعد ذلك ذهبت أنا وزوجتي إلى بيت أخي، وزوجات أولادي ذهبت كل واحدة إلى بيت أهلها، ما باليد حيل، في غمضة عين، تحولنا إلى مشردين". يتمتم في حيرة الحاج المصري في حديثه لوكالة "خبر".
"الواحد بيتعب وبيشقي؛ علشان يبني حياته وفي دقيقة، الاحتلال بيروح كل اشي عملناه". يتحدث والحسرة تتملكه."راتبي لا يتجاوز الـ800 شيكل، كيف لي أنّ أبدأ حياتي من جديد بهذا السن وبعد خسارتي كل ما أملك".
ويُضيف: "لا أملك شيء، كل تحويشة العمر من مال وذهب، راحت في تجهيز شقق أولادي"، ثم يتنهد ويقول "يا حسرة من سيعوضني كل هذا".
حال الحاج محمد المصري، يعكس حال مئات الأسر والعائلات التي قُصفت منازلها خلال العدوان على غزّة، فقد دمر الاحتلال 20 منزلاً بما مجموعه 56 وحدة سكنية هدماً كلياً، وتضررت 940 وحدة سكنية، منها 49 وحدة أصبحت غير صالحة للسكن. وبحسب وزارة الاقتصاد بغزة؛ فإنَّ القيمة التقديرية الأولية للخسائر للعدوان بلغت قرابة 5 ملايين دولار.
ويبقي مصير هذه العائلات مجهولاً، مع استخدام الاحتلال ملف إعادة الإعمار كورقة ضغط لمساومة المقاومة للإفراج عن جنودها الأربعة الذين أسرتهم المقاومة خلال عدوان 2014.
وبدأت "إسرائيل" العدوان على غزّة، باغتيال غادر لثلاثة قادة في حركة الجهاد الإسلامي، وهم خليل البهتيني 45 عاماً، وشاكر غنام 62 عاماً وطارق عزالدين 50 عاماً. لترد المقاومة بعدها بمئات الصواريخ التي وصلت عمق الاحتلال. ليتدخل الوسطاء وخاصة مصر بهدنة بين الاحتلال والجهاد تتضمن وقف استهداف المدنيين وقصف المنازل ووقف استهداف الأفراد.