يحبس الغزّيون أنفاسهم؛ تخوفاً من بداية جولة تصعيد "إسرائيلي" جديد ضد القطاع مع انطلاق مسيرة الأعلام الاستفزازية اليوم الخميس. فلم يتمكنوا بعد من لملة جراحهم مع الإعلان عن انتهاء جولة التصعيد الأخيرة مساء 13 مايو الحالي، التي امتدت لخمسة أيام أطلقت خلالها المقاومة مئات الصواريخ تجاه مستوطنات غلاف غزّة والعمق الإسرائيلي مما أدى لشلل داخل دولة الاحتلال؛ وذلك ردًا على جريمة اغتيال ستة من قادة المجلس العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
خطورة المسيرة في رمزيتها لا في مسارها
وتُنظم سلطات الاحتلال الإسرائيلي في 18 أيار/مايو ما تسمى مسيرة الأعلام أو رقصة الأعلام، والتي بدأت للمرة الأولى عام 1968، للاحتفال باحتلال شطري مدينة القدس وفق التقويم اليهودي.
وللعلم هذا العام يوافق "يوم توحيد القدس" 19 مايو/ أيار (غدًا الجمعة)، لكِن الجماعات الاستيطانية قررت الاحتفال قبل يوم من الموعد الرسمي "اليوم الخميس"؛ خوفًا من الاصطدام بالمصلين المسلمين في "الأقصى"، فهي تخطط إلى ضم اقتحام المسجد ضمن تقاليد "مسيرة الأعلام" السنوية.
ومع انطلاق المسيرة تحولت مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية، بنشر "إسرائيل" الآلاف من الجنود لحراسة المسيرة ومسارها الذي على غير العادة تأخذ هذا العام أكثر من مسار، إذ سيتم اقتحام البلدة القديمة عبر الدخول من باب العامود مرورًا بالحي الإسلامي، ثم التوجه صوب حائط البراق "في السور الغربي للأقصى"، بينما سيدخل مستوطنون من باب الخليل "أحد أبواب البلدة القديمة"، مرورًا بالحي الأرميني إلى ساحة البراق.
مسيرة حاشدة بمشاركة وزراء نتنياهو
وسيشارك في مسيرة الأعلام، أعضاء حكومة الاحتلال مثل وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير "تطوير النقب والجليل" يتسحاق وأسرلاف، ووزيرة النقل والمواصلات ميري ريغيف، وسط تهديدات إسرائيلية باغتيال من يحاول عرقلة سيرها.
جدير بالذكر أنَّ معركة سيف القدس عام 2021، كانت شرارتها مسيرة الأعلام في القدس، التي تزامنت مع شهر رمضان وأحداث حي الشيخ الجراح، مما أدى إلى إطلاق مئات الصواريخ لتفريق المستوطنين. ولكِن في العام التالي 2022، مضى المستوطنون في مسيرتهم الاستفزازية، والتزمت المقاومة الصمت، فهل تبقى المقاومة على حالة ضبط النفس هذه المرة؛ أم تفتح جولة تصعيد جديدة مع الاحتلال؟.
بدوره، توقع المختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أنّ تكون مسيرة الإعلام اليوم حاشدة؛ كترجمة لجهود اليمين الصهيوني في الحشد لها بشكلٍ كبير؛ وذلك في إطار ترجمة رسالتها من إفراغ المدينة من الفلسطينيين وتهويد المقدسات من أجل الوصول إلى ما يُسمى القدس الموحدة.
لن تخرج عن مسارها المحدد
وأضاف منصور، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "لكِن ستُحاول شرطة الاحتلال أنّ تمنع قدر الإمكان خروج المسيرة عن مسارها المحدد؛ كي لا تخرج صور صادمة للمقاومة؛ لمنع التصعيد إلى جبهات أخرى"، مُستبعداً اللجوء اليوم إلى مواجهة صاروخية، فكل الأطراف ليس لها مصلحة في التصعيد، خاصةً بعد تصعيد الأيام الخمسة.
وأردف: "الأطراف غير معنية، وإذا تمادى المستوطنين وجرت اشتباكات، فقد نشهد عمليات في القدس والداخل والضفة؛ لكِن لن تصل الأمور لمواجهة صاروخية".
ورأى أنَّ طابع المسيرة ورسالتها أخطر بكثير من مسارها، ولذلك على الفصائل الفلسطينية وأذرعها العسكرية والمجتمع الفلسطيني والسلطة، أنّ يُفكروا لليوم التالي للمسيرة التي ستنتهي؛ ولكِن الاقتحامات ومشاكل القدس وأهلها ستبقى، مُستدركاً: "هنا يجب أنّ تتضافر الجهود لدعم صمود المدينة وسكانها لمنع تهويدها".
من جهته، اتفق المحلل السياسي، على الأعور، مع سابقه في أنَّ شرطة الاحتلال الإسرائيلي، ستمنع الجماعات الاستيطانية من الخروج عن المسار المحدد؛ لمنع تجاوز الحدود الحمراء حتى لا تنفجر الأوضاع؛ لأنّها تتوقع رد قوي من فصائل المقاومة.
كما توقع الأعور، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنّ تنتهي مسيرة اليوم التي ستنطلق ضمن المسار المحدد لها؛ وبالتالي لن يكون هناك ردود فعل من المقاومة، مُشيراً إلى أنَّ المسيرة التي انطلقت مُنذ احتلال القدس الشرقية بعد نكسة 1967، باتت تأخذ طابعاً وطنياً استعراضياً مُستفزاً للاحتلال، ورد من فصائل المقاومة في غزّة.