يا للهول أطفالنا مزقوا الكتب بمجرد انتهاء الفصل الدراسي بانتهاء فترة الامتحانات.
مظهر الورق الممزق عند ميناء غزة أثار حفيظة الجميع، وكأنهم يعتكفون أمام الكتاب ويستبدلونه باَخر بمجرد انتهائهم من قراءة اخر صفحة به.
الأغلبية أصبح منهجها في التحصيل الثقافي الهاتف المحمول ، سواء من مواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة أو اليوتيوبات القصيرة، وهذا بدوره انعكس على الأطفال والطلاب.
ونحن نتتبع اَراء المواطنين حول الظاهرة كما عكستها تدوينات النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، نجد أنهم أرجعوها للضغط النفسي الواقع عليهم من الحروب .
صحيح قد تكون الحرب سببا في تولد الضغط النفسي لدى الطلاب، لكن السبب الرئيسي هو أن الطفل والطالب لم ير في بيته الأب الذي يهتم بالكتاب ويقرأ به، ولم يجد الأم التي ترتب الكتب وتضعها على رف المكتبة وتحثه على القراءة، بل وجدهم يلتقطون الهاتف ولا يتركونه.
وهذا يعيدني إلى شكوى عدد من المثقفين أنهم حين يكتبون تدوينة سياسية أو ثقافية لا يجدون الإقبال والإعجاب، على العكس حينما يكتبون نكتة أو يضعون صورة!
كل هذا ناتج عن الثقافة التي أصبحت منحصرة بالهاتف المحمول والتدوينات السريعة الفيسبوكية والتيكتوكية والإنستجرامية.
لا سخط على تصرف أطفالنا وطلابنا، فهذا ما غرسه الاَباء بهم.
وبخجل ألقي اللوم على الاَباء خاصة في قطاع غزة، الذين لا يجدون الوقت لتربية أطفالهم تربية سليمة، لانشغالهم بتوفير مصدر رزق لهم في ظل تردي الوضع الاقتصادي السيئ المتأزم بسبب الحصار المطبق والانقسام الفلسطيني الذي ليس له حل.
الاَباء ليس لديهم الطاقة لمتابعة أطفالهم، وكذلك الأمهات بسبب الضغط النفسي الذي يقع عليهم من عدم قدرتهم على توفير احتياجات البيت الأساسية. وهنا لا أبرر القصور.
كل ما يهم الاَباء أن ينام أطفالهم وهم لديهم مصروفهم المدرسي لثاني يوم، رغم وعيهم بأهمية القراءة والكتاب، لكن فقدان استقرارهم الحياتي جعل هذا الوعي غائبا.
للأسف المجتمع كله يحتاج إلى إعادة ترميم وتأهيل وعلاج نفسي وتربوي، للوقوف على مثل هذه السلوكيات الأقل خطورة من الانتحار والفساد .
والهم الذي يَضحك ويُبكي أننا نطالب بقراءة الكتب، وفي جيب أكثر الاَباء لا يوجد ثمن كتاب، لأن ربطة الخبز أهم.
للأسف كل شيء في غزة يختلف، حتى الاسترخاء لا يجده الاَباء لقراءة كتاب.
في غزة يربكنا كل شيء، لكننا نخجل أن نلوم الضعفاء فيها ونظهرهم أنهم لا يواكبون التقدم ، لأننا نعرف الحقيقة انهم يصارعون الحياة !