فائض قوة لتنفيذ المخططات

مراقب لـ"خبر": اجتماع حكومة نتنياهو أسفل المسجد الأقصى مهَّد لدعوات تقسيمه بين العرب واليهود

المسجد الأقصى
حجم الخط

القدس المحتلة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

حذَّر رئيس مركز القدس الدولي، حسن خاطر، من خطورة دعوة النائب في حزب الليكود، عميت هاليفي، لتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود وإنهاء الوصاية الهاشمية على الأقصى؛ لأنّها لم تأت من مجرد شخص يميني متطرف، بل ضمن تقاسم الأدوار التي تقوم به القوى والشخصيات اليمينية في الكنيست "الإسرائيلي" ومختلف المواقع داخل حكومة الاحتلال.

تفاصيل خطة هاليفي

وبحسب خطة عضو الكنيست الليكودي عميت هاليفي، فإنّه سيكون للمسلمين الجزء الجنوبي بما فيه المصلى القبلي، في حين يحصل اليهود على المنطقتين الوسطى والشمالية بما في ذلك قبّة الصخرة المشرفة.

وأبلغ هاليفي موقع "زمان إسرائيل" الإخباري "الإسرائيلي" بأنَّ خطته تقضي بإنهاء الوصاية الهاشمية على المسجد.

وزعم في حديثه للموقع: "مساحة الحرم القدسي هي 144 دونماً. جزء صغير منه هو المسجد الأقصى، في الطرف الجنوبي، وقد قام المسلمون بتوسيع المسجد بشكل لا يُمكن التعرف عليه ابتداءً من العام 2000، عندما قاموا بضم إسطبلات سليمان (المصلى المرواني)، وحفروا وأزالوا كميات ضخمة من الأوساخ مع اكتشافات أثرية ثمينة، وبنوا مسجداً كبيراً آخر في الفضاء"، على حد تعبيره.

التقسيم في عهد حكومة نتنياهو أقرب من السابق

وقال خاطر، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ دعوة عضو الكنيست عن الليكود خطيرة، لأنّها ليست مجرد تعبير عن رغبات وأمنيات وأحلام حيث لم يكن هناك وسط مناسب لتمرير دعوات تقسيم الأقصى؛ فالأمر مختلف مع وجود حكومة يمنية معروفة بسياستها وأهدافها اتجاه تقسيم الأقصى".

وأضاف: "إنَّ متغيرات اليوم تخدم مخططات اليمين فهو الذي يُسيطر على الحكومة والكنيست والمؤسسات المختلفة، وكذلك منظمات الهيكل التي تُحيط بالأقصى من كل اتجاه، وبالتالي هناك رغبة وقدرة لدى قادة الاحتلال بضرورة تقسيم المسجد الأقصى".

ولفت الانتباه إلى أنَّ الأجواء التي سبقت دعوة عضو الكنيست لتقسيم الأقصى مهدت لتطبيقها، باجتماع حكومة الاحتلال أسفل حائط البراق في 21 مايو الماضي، وذلك ضمن احتفالاتها بالذكرى الـ56 لاحتلال الشطر الشرقي من مدينة القدس عام 1967 وضمها إلى الشطر الغربي الذي احتلته عام 1948.

وبدأت حكومة الاحتلال احتفالات ما يُسمى توحيد القدس بـ"مسيرة الأعلام"، في الـ18 مايو، وشارك فيها وزراء بالحكومة وأعضاء بالكنيست حيث اعتدى المستوطنون خلالها على الفلسطينيين بالبلدة القديمة ومنطقة باب العامود.

ورأى خاطر، أنَّ مبادرة قيادة الاحتلال للاجتماع أسفل الأقصى، مهدت لبلورة لوبي صهيوني لتهويد الأقصى والقدس، لافتاً إلى أنَّ مطالب منظمات الهيكل الـ16 لوزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، ايتمار بن غفير، لتهويد الأقصى، تُعطي تربة خصبة لتنفيذ مخطط تقسيم الأقصى في ضوء عدم الاكتراث العربي والعالمي بالوضع في الأقصى.

وبالحديث عن الدعوة لرفع الوصاية الهاشمية عن المسجد الأقصى، أوضح خاطر، أنَّ "الدعوة واضحة، وتُريد الاستحواذ على الأقصى بشكلٍ كامل وإلغاء كل الترتيبات والحالات الموجودة ومن ضمنها الوصاية الهاشمية والإدارة الإسلامية"، مُبيّناً أنّها ليست جديدة، حيث كانت هناك دعوات سابقة لإلحاق الأقصى بوزارة الأديان "الإسرائيلية".

وأكّد على خطورة مثل هذه الدعوات، لأنَّ حديث صادر عن الدولة وليس مجرد أشخاص متطرفين، فمن يتحدث الحكومة والكنيست والقوة الحاكمة ومنظمات الهيكل التي تُحيط بالأقصى من كل مكان، ما يعني وجود خطر حقيقي قد يؤدي لتنفيذ قسم كبير منه؛ لأنّها الفرصة الذهبية لحكومة الاحتلال.

تاريخ الوصاية الهاشمية

ويعود تاريخ الوصاية الأردنية على القدس ومقدساتها إلى عام 1924، خلال فترة حكم الشريف الحسين بن علي، حيث تبرع حينها بمبلغ 24 ألف ليرة ذهبية؛ لإعمار المقدسات الإسلامية في الحرم القدسي الشريف.

وبعد تولي الملك الراحل الحسين بن طلال الحكم بالأردن، أمر عام 1953 بتشكيل لجنة ملكية بموجب قانون خاص؛ لإعمار المقدسات الإسلامية في القدس، وكان أبرز ما قامت به هو إزالة آثار الحريق الذي تعرض له المسجد الأقصى في أغسطس/ آب عام 1969، وسميت تلك المرحلة بالإعمار الهاشمي الثاني.

وواصل ملك الأردن الحالي عبد الله الثاني مهمة آبائه وأجداده، وفي عام 2002، وضع اللوحة الزخرفية على جسم منبر صلاح الدين، بعد أن طاله حريق عام 1969.

واحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية "وادي عربة" للسلام، التي وقعها مع "إسرائيل" في 1994.

وتنص الفقرة الثانية في المادة 9 من ذات الاتفاقية على أنّ "تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن".

الساحات الفلسطينية العقبة الوحيدة أمام مخطط التقسيم

أما عن الكوابح التي قد تحد من ذهاب الاحتلال لتنفيذ مخطط تقسيم الأقصى، باعتبارة "وصفة جاهزة لحرب دينية عالمية"، شدّد خاطر، على أنَّ حسابات حكومة الاحتلال، على مستوى المنطقة والمجتمع العربي والإسلامي، ليست حاضرة بقوة وهنا تكمن الخطورة، فلا كوابح دولية للاحتلال، مُشيراً إلى أنَّ العقبات التي تقف أمام مخطط الاحتلال لتقسيم الأقصى، هم المقدسيين وكذلك داخل الساحات الفلسطينية المختلفة.

وفي ختام حديثه، بيّن خاطر، أنَّ ابتداء دائرة التفاعلات حال إقدام الاحتلال على تنفيذ مخطط تقسيم الأقصى، مربوطة بالساحات الفلسطينية التي ستُحدد مستوى جدية المخططات وطريقة الرد عليها، وبعد ذلك سيتلوها الردود الأخرى على كل المستويات شعبياً ودولياً.