في زمن قياسي، وربما هو الأسرع منذ عام 1967 بعد احتلال بقايا أرض فلسطين، تقدم حكومة التحالف الفاشي المستحدث، على إقرار مخطط استيطاني نوعي رقما ومكانة، مع كسر كثيرا من "القيود البيروقراطية"، وتضعها بيد وزير مستوطن هو الإرهابي سموتريتش.
المخطط شمل أجزاء مركبة، تضمن تسريع العمل بمشروع "إي 1" والذي سيعمل تقطيع أوصال الضفة الغربية، وفصل وسطها عن شمالها، مما يعزز حالة تقسيمها إلى كانتونات، وبالتالي تلاشي فرص قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيا.
بالتوازي مع بناء 5500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، لاستكمال الهدف المركزي الذي بدأ الحديث عنه منذ عام 1995 ردا على توقيع اتفاق (إعلان المبادئ -أوسلو)
المخطط الجديد المقر من قبل حكومة نتنياهو-سموتريتش- بن غفير، يذهب لاستكمال خطة شارون – مردخاي، التي تم عرضها في حكومة نتنياهو تحت مسمى خارطة المصالح الاستراتيجية عام 1997، ولم يتم تنفيذها في حينه، وبدأ العمل جزئيا بها خلال المواجهة الكبرى 2000 – 2004، ثم تسارعت الخطوات بعد اغتيال الخالد المؤسس ياسر عرفات، وخاصة بعد قيام حماس بانقلابها في قطاع غزة.
حكومة التحالف الفاشي المستحدث، وبعدما أعلنت أنها أوقفت مسار المخطط الاستيطاني التهويدي، بناء على طلب أمريكي تراجعت سريعا، وقررت البدء بالتنفيذ نحو تحقيق خارطة "المصالح الاستراتيجية" التي تضمن لها ضم وتهويد ما يفوق 62% من أرض الضفة والقدس، على أساس تقسيم الضفة إلى خمس مناطق فلسطينية مفصولة عن بعضها بمناطق سيطرة أمنية – استيطانية، والمناطق هي، جنين، نابلس، رام الله والخليل، وأريحا (دون القدس)، وبما يحقق:
1. سيطرة كاملة إسرائيلية على طول منطقة الأغوار.
2. عزل كامل لشريط حدودي على امتداد خط الرابع من يونيو 67.
3. ضمان معابر واسعة تربط الخط الأخضر بالأغوار.
4. مناطق عمق جغرافي وسط الضفة الغربية.
5. فصل مدينة القدس بالكامل عن الضفة الغربية.
لم تعد خطة خارطة "المصالح الاستراتيجية" مسألة نظرية، او قضية للنقاش الداخلي في الأوساط الإسرائيلية، بل بدأت عمليا بالتنفيذ المتسارع، ولكي تهرب من حرب معارضة سياسية واسعة ضمن مشروعها الراهن، ذهبت لفرض ملامح أمنية على المشهد القائم من خلال عمليات تصفية واعدام شباب فلسطيني كما حدث في جنين مساء وفجر الاثنين والأربعاء، وبينهما عملية مستوطنة "عيلي"، سارعت حماس على غير عادتها بإصدار بيان رسمي بتبني الفعل والمنفذ، توقيتا مع وجود وفدها برئاسة هنية في طهران.
حكومة التحالف الفاشي، تدرك تماما أن التصعيد بشقيه الأمني العسكري والاستيطاني الإرهابي هو الغطاء الأنسب لتسريع مشروعها القديم – الجديد، على طريق وضع معالم "التقاسم الوظيفي" في الضفة والقدس، الى جانب "النتوء الكياني" في قطاع غزة، تحت حكم حماس، وخاصة في غياب المواجهة الشعبية الشاملة.
وبالتوازي مع الخطة الأمنية متعددة المهام، ترافقت معها حملة إعلامية – سياسية مكثفة جدا حول الموقف من الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية، جوهرها، أنها "سلطة ضعيفة ورئيس فاسد"، ولم يعد قادرا على العمل والسيطرة، ما يفرض البحث عن طريقة عقد "اتفاق مؤقت" مع حركة حماس في الضفة وتعزيز سلطتها في قطاع غزة.
ربما كانت تلك الأفكار تتداول منذ زمن، بل وخلال فترة حكومة "الثلاثي بينيت – لابيد – غانتس"، لم يكن هناك أي اتصال سياسي أو لقاء سياسي مع عباس والسلطة، وتركزت على البعد الأمني عبر قناة غانتس وعباس، الذي أقدم على خطوة ساعدت كسر هيبة الرسمية الفلسطينية بزيارة وزير حرب دولة الكيان في منزله.
الحملة السياسية الجديدة، تتوافق وجوهر مشروعهم المعروف باسم خارجة "المصالحة الاستراتيجية"، خاصة وأنها تتقاطع في كثير من ملامحها مع رغبة حركة حماس وإيران بالخلاص من الرسمية الفلسطينية وحركة فتح، بمسميات مختلفة، بل هناك أطراف عربية تعمل بكل السبل للذهاب نحو ذلك تحت مسميات متعددة.
بلا ريب، سلوك "الرسمية الفلسطينية" ومواقفها، تقدم هدايا سياسية مجانية للتحالف السري لأطراف مشروع "التقاسم الوظيفي المعاصر"، نحو "كيانية مؤقتة" أساسها مشروع شارون -مردخاي 1997، وانفصالية قطاع غزة، خاصة وهي ترفض العمل بالقرارات الوطنية الخاصة بـ "فك الارتباط" عن دولة الاحتلال وسلطاتها في الضفة والقدس وحول غزة، والذهاب الى مواجهة سياسية شاملة، تكسر جوهر "المؤامرة الثانية" بعد مؤامرة انقلاب 2007.
حكومة التحالف الفاشي المستحدث وضعت أسس مشروع حل "التقاسم والتهويد المعاصر"، وبدأت بالتنفيذ ضمن "توافق غير معلن" يحمل أسماء مستعارة، ومعه حملة تدمير بقايا الكيانية الفلسطينية التي تأسست 1994.
لا خيار للرسمية الفلسطينية سوى المواجهة الكلية لمشروع "التقاسم والتهويد المعاصر"، دون ارتعاش أو ترهيب من خلق "بديل باطني"، أو على مسؤوليها حمل حقائبهم ويغادروا..وللشعب عندها اتخاذ قراره الوطني.
ملاحظة: ما فعلته الفرق الاستيطانية الإرهابية في الضفة خلال 48 ساعة كان كفيلا أن يخرج رئيس مجمع الرسميات الفلسطينية محمود عباس ويطالب أجهزة الأمن بالدفاع الوطني..ويعلن قطع كل أواصر الحبل السري في الشغل الأمني مع العدو..الصمت أكثر عارا من الفعل الاستيطاني!