مُنذ آخر زيارة للرئيس محمود عباس في العام 2012، لتقديم التعازي بوفاة محافظ جنين، آنذاك قدورة موسى، لم تطأ قدم الرئيس جنين ومخيمها، لكِن الاجتياح الإسرائيلي الواسع لـ"لمخيم جنين" لنحو 48 ساعة، الأمر الذي أدى لسقوط 12 شهيدًا وتدمير كامل للبنية التحتية للمخيم ونزوح آلاف العائلات، كانت محطة فارقة لزيارة الرئيس عباس للمخيم، رغم تعرضه لاقتحامات يومية على مدار العام الأخير وسقوط مئات الشهداء.
الرئيس عباس.. خروج نادر من المقاطعة
الزيارة النادرة للرئيس عباس، جذبت الاهتمام الشعبي والفصائلي والإعلامي كذلك، خاصةً أنَّ الرئيس نادرًا ما يُغادر مقر إقامته في مدينة رام الله، إلا لزيارة مدينة بيت لحم خلال موسم أعياد الميلاد كونها مهد السيد المسيح عليه السلام.
ورغم أهمية توقيت زيارة الرئيس في أعقاب "نكبة مخيم جنين" إلا أنّه لم يتم دعوة أياً من فصائل العمل الوطني والإسلامي وقد تم تسجيل هذا الأمر كأحد النقاط السلبية للزيارة، وكذلك خُلوها من الفعاليات الجماهيرية والشعبية، كما أعلن في وقت لاحقٍ محافظ جنين أكرم الرجوب.
ومن أبرز ما جاء في كلمة الرئيس عباس، عقب وصوله مخيم جنين: "إنَّ مخيم جنين الصمود والتحدي والبطولة، صمد في وجه العدوان، وقدم التضحيات والجرحى وكل ما لديه في سبيل الوطن".
وتابع: "جئنا إلى هنا لنتابع إعادة إعمار مدينة جنين ومخيمها"، مُوجهاً الشكر للإمارات العربية المتحدة والجزائر على تقديم تبرعات لإعادة إعمار المخيم.
وأكّد الرئيس في كلمته، على أنَّ "مدينة القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين"، مُردفاً: "سنبقى صامدين في أرضنا ولن نرحل".
وخاطب الاحتلال "الإسرائيلي" قائلاً: "ارحلوا عنا نحن هنا باقون"، مُردفاً: "نقول نحن سلطة واحدة وقانون واحد، ومن يعبث في وحدتنا لن يرى إلا ما لا يعجبه".
زيارة دعم لجنين ومخيها
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في جنين، أيمن يوسف، أنَّ زيارة الرئيس عباس لجنين ومخيمها على وجه التحديد، تحمل نوعاً من الطمأنة، على اعتبار أنَّ الرئيس عباس رئيس السلطة ورأس الهرم السياسي، وبالتالي بها شيئ من الدعم للعمل المقاوم.
وقال يوسف، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الرئيس عباس، أدرك أنَّ الأحداث تتدحرج بشكل كبير، وأنّه يجب على السلطة أنّ تكون حاضرة وتستغل هذا التدحرج، وأنَّ إسرائيل لن تُعطي شيئًا للفلسطينيين، وبالتالي الزيارة تُعد استثماراً سياسي للرئيس عباس في أعقاب العملية العسكرية الإسرائيلية على مدينة جنين ومخيمها".
ولفت إلى أنَّ جنين تحولت لنموذج للمقاومة مُؤخراً؛ الأمر الذي جعلها هدفًا للمنظومة الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" التي اجتاحت المخيم بـ1000 جندي ومئة مدرعة، مما تسبب بدمار كبير كجزء من سياسية الأرض المحروقة لمخيم جنين للقضاء على مقاومته.
وخلص أنَّ الزيارة مهمة وبها الكثير من الرمزية، ويُمكن البناء عليها نحو المزيد من الوحدة والتكاتف، مُستدركاً: "لكِن كنا نتمنى لو اجتمع الرئيس مع الفصائل الفلسطينية، ومع ذلك فإنَّ الزيارة مهمة في مجال النهوض الاقتصادي لمدينة جنين التي تُعاني كثيراً في هذا الشأن".
استعادة السيطرة الأمنية
من جهته، أوضح أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، نشأت الأقطش، أنَّ زيارة الرئيس محمود عباس لجنين ومخيمها، عادية ولكِنها في ظروف غير اعتيادية، حيث جاءت ضمن صلاحيات السلطة ظاهرياً لمساعدة الفلسطينيين في إعادة إعمار البنية التحتية للمخيم.
واستدرك الأقطش، في حديثه لوكالة "خبر": "لكِن الهدف الأساسي للزيارة هو استعادة السيطرة الأمنية على جنين، الذي يُشكل سبب وجود السلطة ضبط الأمن وعودة الأمور إلى السيطرة".
وختم الأقطش حديثه، بالقول: "إنَّ إسرائيل أدركت أهمية وقدرة السلطة الفلسطينية على ضبط الأمن بعد إطلاق صواريخ من جنين؛ لذلك تواجد السلطة مهم للاحتلال لضبط الأمن واستعادته هناك".