اليوم جنين وغدا غزة

تنزيل (7).jfif
حجم الخط

بقلم د. دلال صائب عريقات

لقد كان لزيارة الرئيس محمود عباس الى جنين ومخيمها طيب الأثر في نفوس أهالي الشهداء والجرحى، الزيارة جاءت بعد أكثر من عقد من الزمان وبعد عدوان عنيف على المخيم أدى الى الدمار والخسائر البشرية والمادية والمعنوية. 


لا يخفى لأي مراقب للوضع العام أن أساس التحديات المختلفة أمامنا هو الاحتلال العسكري الاسرائيلي، ولكن في محاولة لتحليل البيئة الداخلية لا يستطيع اي فلسطيني انكار حقيقة ان الانقسام الداخلي يشكل أحد أهم التحديات التي أثرت على ترهل النظام السياسي والوضع الاقتصادي والاجتماعي الداخلي. في محاولة بسيطة لعمل تحليل SWOT على الوضع السياسي، نرى ان أحد أصعب نقاط الضعف في بيئتنا الداخلية هو الانقسام الذي طال أمده! بعد العدوان على جنين قررت الفصائل ان تلتقي مجدداً في محاولة ماراثونية اخرى لإنهاء الانقسام، مع الاحترام لجهود ونوايا ممثلي الفصائل والدول المضيفة والداعمة، إلا أن الرسالة من مقال اليوم تكمن بعبرة بسيطة وعميقة شهدناها قبل أيام في جنين، وهي ان يقود الرئيس عباس زيارة مماثلة لقطاع غزة في أقرب وقت ممكن كخطوة أولى لإنهاء الانقسام. العاقل والواقعي في السياسة وReal Politik يعلم ان جلسات الحوار واجتماعات الفصائل لن تحقق المصالحة المرجوة ولن تتجاوز استعراضا لإرادات بعض الفصائل اكثر من غيرها، من غير المقبول ولا المنطقي ان نستمر بتكرار نفس الاساليب التي لم تحقق المُراد في السابق. 


زيارة واحدة للرئيس ابو مازن ستكون كافية للتمهيد لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة وجمع المنقسمين. في حال تمت هذه الزيارة ستتحقق عدة نتائج ايجابية: 


- ستثبت القيادة جدية الحديث عن الحوار وانهاء الانقسام.


- سيكسب الرئيس والقيادة شعبية وثقة المواطن.  


- سيتم البدء فعلياً بإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة. 


- ستكون فاتحة للحديث عن الانتخابات واصلاح النظام السياسي الفلسطيني. 


- ستعود الحياة للمشروع الوطني الفلسطيني "لا دولة دون غزة ولا دولة في غزة".


في ظل هذا الإرباك والفراغ، من البديهي أن نحتكم للمادة ٢ من القانون الأساسي الفلسطيني التي تؤكد على الفصل بين السلطات، وان الشعب هو مصدر هذه السلطات. لقد بات واضحاً للجميع أن تعدد صلاحيات السلطة التنفيذية وتحولها من التنفيذ والرقابة وانشغالها بالتشريع هو من أكبر المشاكل والتحديات، ومن هنا نرى أن زيارة واحدة الآن للرئيس ستكون فاتحة لمواجهة التحديات الفلسطينية السياسية، بدءاً بالانقسام ثم الانتخابات لإتاحة الفرصة للمواطنين للمشاركة في إدارة الشؤون العامة وانتخابهم لممثليهم وتعزيز أدوات الرقابة والمحاسبة، كما ستتمكن الحكومة من القيام بواجباتها التنفيذية والرقابية وستعمل السلطات بالتوازي لتكمل معاً ما نتمناه من فصل حقيقي وانسجام بين التشريع والتنفيذ والقضاء.


 كلنا أمل بتعاون أصحاب العقول النيرة من صانعي القرار والمؤثرين في السياسات العامة الذين يدركون أهمية الحقوق المدنية والسياسية للمواطن، لا بد من انهاء الانقسام بجدية بعيداً عن تكرار نفس الآليات، متوقعين نتائج مختلفة! 
ثم لا بد من عقد الانتخابات، عقد الانتخابات لن يزيد من عمق الانقسام، ولا يجب أن ننظر للانقسام كنتيجة للانتخابات, على العكس تماما, الانقسام يجب أن يكون أحد أهم الأسباب لعقدها. 
لملء الفراغ السياسي الفلسطيني، نتمنى ان نرى زيارة قريبة رئاسية وطنية الى قطاع غزة. 

- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.