في لحظة صدق نادرة اعترف الرئيس الأميركي باراك أوباما في لقاء مع الموقع الصحافي الأميركي « فايس « بأن ظهور « داعش « كان نتيجة غير مقصودة لغزو بلاده للعراق في عهد سلفه جورج بوش الابن عام 2003. وأضاف الرئيس الذي يبدو أنه بات أقل تدخلاً في شؤون السياسة الدولية _ على الأقل بشكل مباشر ومعلن _ في ولايته الثانية عما كان عليه الحال في ولايته الأولى بأن إيقاف التطرف لن يحدث ما لم تكن هناك حلول سياسية للصراعات الداخلية التي تؤثر على العديد من بلدان الشرق الأوسط.
ما ينقص إعلان أوباما هذا هو سحب المنطق ذاته على إسرائيل، والتي باحتلالها المستمر للأرض الفلسطينية منذ عام 1967، وتنكرها المتواصل للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني تبقي على أقدم وأخطر صراع في الشرق الأوسط قائماً، وأن احتلالها المتواصل هذا، لا يدفع بعض الفلسطينيين وحتى بعض العرب وبعض المسلمين إلى التطرف، بدافع اليأس من قدرة المجتمع الدولي على إنصاف الفلسطينيين ولو جزئياً وحسب، ولكنه أيضاً يؤجج التطرف اليهودي خاصة بين المستوطنين، الذين وبعد أن تزايدت أعدادهم، وبعد أن فشلت محاولات التوصل للحل السياسي على مدار أكثر من عشرين سنة، ازدادت ثقتهم بمشروعهم الاحتلالي، لدرجة باتوا فيها يتحكمون في شكل وبرنامج وطبيعة الحكومات الإسرائيلية منذ عقدين تقريباً.
لم ينجح الاستيطان الاحتلالي اليهودي/الإسرائيلي في مواصلة مشروعه وحسب، ولكنه نجح في تعميق التوجه اليميني للمجتمع الإسرائيلي، لدرجة باتت معها محاولة الإبقاء على الشكل الديمقراطي للدولة مستحيلاً، وكل من يتتبع برامج وشعارات وسياسات الأحزاب الإسرائيلية خلال ثلاث دورات جرت، يلحظ بوضوح أن ما سمي قبل نحو عشرين سنة، أيام أطلق أريئيل شارون شعاره « احتلال التلال « لإفشال تطبيق أوسلو، بالنواة الصلبة للمستوطنين، يلاحظ أنهم وصلوا إلى مستوى تقديم حزب خاص بهم في انتخابات الكنيست السابقة التي جرت قبل عامين، وهو حزب البيت اليهودي، الذي شل قدرة نتنياهو في ولايته الثالثة، حين حاول أن يبدو وسطياً حين كلف تسيفي ليفني بملف التفاوض مع الجانب الفلسطيني على التقدم على طريق تلك المفاوضات، خاصة بعد أن أعلن نفتالي بينت بوضوح رفضه حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية، ثم ها هم يتقدمون الآن بعد إعلان نتائج انتخابات الكنيست العشرين ليدفعوا الليكود نفسه ورئيسه بنيامين نتنياهو إلى رفع شعاراتهم وبرنامجهم الرافض لإقامة الدولة الفلسطينية.
خير دليل على ما نذهب إليه هو نسبة المصوتين من المستوطنين في الضفة الغربية وما يسمى بغلاف غزة لحزب الليكود، والذين كانوا سبباً في تقدمه وحتى فوزه غير المتوقع بهذا الحجم في الانتخابات، لدرجة دفعت صحافياً إسرائيلياً للمطالبة بتغيير شعب إسرائيل!
تصريحات نتنياهو ضد إقامة الدولة الفلسطينية، وضد التفاوض مع السلطة ومعاقبتها على ما وصفه بتدخلها في انتخابات الكنيست، والإبقاء على الاحتلال لا تختلف في شيء، من حيث درجة تطرفها عن شعارات ومواقف «داعش» وكل جماعات التطرف القومي في المنطقة، ولعل ما صرح به تجاه مواطني دولة إسرائيل من العرب/الفلسطينيين، حين قال أنهم يتوجهون لصناديق الاقتراع بالحافلات، يظهر إلى أي حد متطرف هو نتنياهو/الولاية الرابعة، الذي يبدو أنه بات فخوراً جداً ليس بتسجيله أنه كان أصغر رئيس حكومة في تاريخ إسرائيل يتولى المنصب عام 1996، بل إنه بات يمتلك صفة أخرى، وهي أنه أكثر رؤساء الحكومات الإسرائيلية مكوثاً في المنصب (تسع سنوات سابقة: 1996 _ 1999 ، 2009 _ 2015 ) مع احتمال أن تصل الفترة إلى 13 سنة، أي أنه بات كمثل ديكتاتور شرقي، يمكث في الحكم إلى ما شاء الله، رغم كل ما فعله على صعيد السياسة الداخلية والخارجية.
ولعل حديثه في دعايته الانتخابية عن العداء وعن الخوف الوجودي تجاه إيران و»داعش» وصولاً إلى إظهاره شجاعة تجاه الولايات المتحدة، كذلك حديثه عن تعرضه وحزبه إلى مؤامرة خارجية، شاركت فيها السلطة الفلسطينية وواشنطن لإسقاطه دليل على أن الرجل بات يظهر قدراً واضحاً من ثقافة الريبة بالآخرين، بما يجعل من الصعوبة بمكان إقناع دول وشعوب الجوار بإمكانية التوصل إلى حل سياسي مع دولة تحكمها حكومة يمينية متطرفة ترفض إنهاء الاحتلال وترفض قبول الآخر والتعايش معه، فضلاً عن التعايش معها.
هذا ما على البيت الأبيض والإدارة الأميركية أولاً ثم المجتمع الدولي بأسره ثانياً التقاطه من نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي العشرين، حيث على هؤلاء إدراك أن المجتمع الإسرائيلي بات مريضاً بداء الاحتلال، وإن عضواً سرطانياً منه وهو الاستيطان لا بد من بتره حتى يصلح المجتمع الإسرائيلي أولاً، ومن ثم يصلح الشرق الأوسط ويشفى من كل مسببات التطرف والعنف.
ما ينقص إعلان أوباما هذا هو سحب المنطق ذاته على إسرائيل، والتي باحتلالها المستمر للأرض الفلسطينية منذ عام 1967، وتنكرها المتواصل للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني تبقي على أقدم وأخطر صراع في الشرق الأوسط قائماً، وأن احتلالها المتواصل هذا، لا يدفع بعض الفلسطينيين وحتى بعض العرب وبعض المسلمين إلى التطرف، بدافع اليأس من قدرة المجتمع الدولي على إنصاف الفلسطينيين ولو جزئياً وحسب، ولكنه أيضاً يؤجج التطرف اليهودي خاصة بين المستوطنين، الذين وبعد أن تزايدت أعدادهم، وبعد أن فشلت محاولات التوصل للحل السياسي على مدار أكثر من عشرين سنة، ازدادت ثقتهم بمشروعهم الاحتلالي، لدرجة باتوا فيها يتحكمون في شكل وبرنامج وطبيعة الحكومات الإسرائيلية منذ عقدين تقريباً.
لم ينجح الاستيطان الاحتلالي اليهودي/الإسرائيلي في مواصلة مشروعه وحسب، ولكنه نجح في تعميق التوجه اليميني للمجتمع الإسرائيلي، لدرجة باتت معها محاولة الإبقاء على الشكل الديمقراطي للدولة مستحيلاً، وكل من يتتبع برامج وشعارات وسياسات الأحزاب الإسرائيلية خلال ثلاث دورات جرت، يلحظ بوضوح أن ما سمي قبل نحو عشرين سنة، أيام أطلق أريئيل شارون شعاره « احتلال التلال « لإفشال تطبيق أوسلو، بالنواة الصلبة للمستوطنين، يلاحظ أنهم وصلوا إلى مستوى تقديم حزب خاص بهم في انتخابات الكنيست السابقة التي جرت قبل عامين، وهو حزب البيت اليهودي، الذي شل قدرة نتنياهو في ولايته الثالثة، حين حاول أن يبدو وسطياً حين كلف تسيفي ليفني بملف التفاوض مع الجانب الفلسطيني على التقدم على طريق تلك المفاوضات، خاصة بعد أن أعلن نفتالي بينت بوضوح رفضه حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية، ثم ها هم يتقدمون الآن بعد إعلان نتائج انتخابات الكنيست العشرين ليدفعوا الليكود نفسه ورئيسه بنيامين نتنياهو إلى رفع شعاراتهم وبرنامجهم الرافض لإقامة الدولة الفلسطينية.
خير دليل على ما نذهب إليه هو نسبة المصوتين من المستوطنين في الضفة الغربية وما يسمى بغلاف غزة لحزب الليكود، والذين كانوا سبباً في تقدمه وحتى فوزه غير المتوقع بهذا الحجم في الانتخابات، لدرجة دفعت صحافياً إسرائيلياً للمطالبة بتغيير شعب إسرائيل!
تصريحات نتنياهو ضد إقامة الدولة الفلسطينية، وضد التفاوض مع السلطة ومعاقبتها على ما وصفه بتدخلها في انتخابات الكنيست، والإبقاء على الاحتلال لا تختلف في شيء، من حيث درجة تطرفها عن شعارات ومواقف «داعش» وكل جماعات التطرف القومي في المنطقة، ولعل ما صرح به تجاه مواطني دولة إسرائيل من العرب/الفلسطينيين، حين قال أنهم يتوجهون لصناديق الاقتراع بالحافلات، يظهر إلى أي حد متطرف هو نتنياهو/الولاية الرابعة، الذي يبدو أنه بات فخوراً جداً ليس بتسجيله أنه كان أصغر رئيس حكومة في تاريخ إسرائيل يتولى المنصب عام 1996، بل إنه بات يمتلك صفة أخرى، وهي أنه أكثر رؤساء الحكومات الإسرائيلية مكوثاً في المنصب (تسع سنوات سابقة: 1996 _ 1999 ، 2009 _ 2015 ) مع احتمال أن تصل الفترة إلى 13 سنة، أي أنه بات كمثل ديكتاتور شرقي، يمكث في الحكم إلى ما شاء الله، رغم كل ما فعله على صعيد السياسة الداخلية والخارجية.
ولعل حديثه في دعايته الانتخابية عن العداء وعن الخوف الوجودي تجاه إيران و»داعش» وصولاً إلى إظهاره شجاعة تجاه الولايات المتحدة، كذلك حديثه عن تعرضه وحزبه إلى مؤامرة خارجية، شاركت فيها السلطة الفلسطينية وواشنطن لإسقاطه دليل على أن الرجل بات يظهر قدراً واضحاً من ثقافة الريبة بالآخرين، بما يجعل من الصعوبة بمكان إقناع دول وشعوب الجوار بإمكانية التوصل إلى حل سياسي مع دولة تحكمها حكومة يمينية متطرفة ترفض إنهاء الاحتلال وترفض قبول الآخر والتعايش معه، فضلاً عن التعايش معها.
هذا ما على البيت الأبيض والإدارة الأميركية أولاً ثم المجتمع الدولي بأسره ثانياً التقاطه من نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي العشرين، حيث على هؤلاء إدراك أن المجتمع الإسرائيلي بات مريضاً بداء الاحتلال، وإن عضواً سرطانياً منه وهو الاستيطان لا بد من بتره حتى يصلح المجتمع الإسرائيلي أولاً، ومن ثم يصلح الشرق الأوسط ويشفى من كل مسببات التطرف والعنف.