حوالي 2000 مواطن عربي قتلوا منذ بداية العام 2000 في دولة إسرائيل. غالبيتهم الساحقة على يد عصابات الجريمة المنظمة في المجتمع العربي الفلسطيني. في الدولة، التي كلها أذرع أمن وتمتد على مساحة جغرافية صغيرة نسبياً، نشاهد ظاهرة واضحة ومدمرة: نفس هذه الدولة، مع الأجهزة الأمنية والشرطية، يمكنها توفير الأمن لمعظم مواطنيها اليهود الذين يشكلون 80 في المئة من إجمالي سكانها، وتحرم المجتمع العربي من الأمن، الذي يشكل 20 في المئة من إجمالي سكانها.
منذ سنوات، يناضل جميع زعماء المجتمع العربي في إسرائيل لتقوم الدولة بدورها الأساسي والأهم – توفير الأمن لجميع المواطنين ومكافحة الجريمة المنظمة الآخذة في الازدياد. المجتمع العربي الفلسطيني استخدم جميع الوسائل القانونية لزيادة الوعي وتحدي الجريمة فيه. خلال سنوات، أغلقنا الشوارع ونظمنا اعتصامات احتجاج وإضرابات والتظاهر في عدة أماكن، طرحنا الموضوع في وسائل الإعلام، وكل أعضاء الكنيست طرحوا الموضوع للنقاش في الكنيست ولجانها، وتم عقد عشرات الجلسات مع قيادة الشرطة. وكل ذلك لم يؤد إلى استئصال الجريمة، بل ازدادت قوة منظمات الجريمة في المجتمع العربي.
بعد تقويض جميع الادعاءات المستخفة والعنصرية التي استهدفت تبرير عجز الشرطة بذريعة الثقافة الفاسدة وعدم التعاون من السكان العرب وغير ذلك، نقف في هذه الأثناء أمام صراع وهمي: تبادل الاتهامات بين “الشاباك” والشرطة حول من هو المسؤول منهما عن الوضع البائس الذي وصلنا إليه، والذي تسيطر فيه عصابات الجريمة على كل جزء جيد في المجتمع العربي وتدمره. في الوقت نفسه، لم نسمع عن قادة كبار في “الشاباك” أو في الشرطة أقيلوا من وظائفهم بسبب الكارثة التي تسببوا بها في أعقاب السياسة العنصرية والتمييز بين الدم اليهودي والدم العربي.
عدم رغبة الشرطة وأجهزة الأمن والحكومات المختلفة في استئصال الجريمة في المجتمع العربي – الفلسطيني في إسرائيل، لا يترك أمامنا أي خيار عدا التوجه إلى النضال بوسائل أخرى. علينا البدء في الانتظام لقيادة عصيان مدني لإنقاذ حياتنا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا. هذا العصيان يشمل نشاطات جماهيرية غير عنيفة تهدف إلى إحداث التغيير في سياسة الشرطة والحكومة في قضية مكافحة الجريمة المنظمة في المجتمع العربي.
بدون أدنى شك، الأغلبية اليهودية في الدولة التي لا تواجه تحدياً مشابهاً، قد يبدو هذا الأمر سخيفاً لها، ولكن الأقلية الفلسطينية في 2023، التي حُرمت من جزء كبير من الحقوق وهي تتعرض للتمييز في كل مجالات الحياة، في الدولة اليهودية والديمقراطية، أصبحت مضطرة للكفاح من أجل حق أساسي، وهو فوق كل قانون – الحق في الحياة.
السبب الرئيسي للحاجة إلى عصيان مدني من أجل النضال على حق أساسي هو عنصرية الشرطة وأجهزة الأمن والمستوى السياسي في الدولة اليهودية. لو أنه كان لحياة المواطن العربي نفس الأهمية في نظر الشرطة ومتخذي القرارات كما هي الحال بالنسبة للمواطن اليهودي، لما وصلنا إلى الوضع الخطير الذي وصل إليه المجتمع العربي في السنوات الأخيرة. لذلك، فإن جزءاً من النضال من أجل الحق في الحياة بأمان هو مكافحة العنصرية التي تلون أجهزة ومؤسسات الدولة اليهودية.
لقد حان الوقت لتغيير المرحلة وإعداد المجتمع لعصيان مدني طويل المدى. لن يكون هذا سهلاً، لكنه سيكون بداية طريق جديدة في العلاقات بين الأقلية الفلسطينية ودولة إسرائيل.
هآرتس