تشهد الساحة العربية السورية حالة من التوتر و عدم الوضوح في حق تقرير مصير الدولة بالتزامن مع مطالبه الشعب الكردي المضطهد بحق استقلاله وتقرير مصيره كباقي شعوب العالم, بينما, التهديدات التركية - السعودية مستمرة بالدخول البري إلى الاراضي السورية و الكردية واعلان المنطقة الشمالية لسوريا منطقة عازلة.
حالة من خلط الأوراق تشهدها العربية السوية في ظل تصاعد وتيرة التهديدات بين روسيا و ايران و حزب الله من جهة و تركيا والسعودية في حالة دخول الاراضي السورية و لكن مجمل المشهد الدولي القائم أصبح لا يدرك احدا هل سيرى العالم حربا عالمية ثالثة و ستكون سوريا ساحة القتال ام سيشهد العالم حالة من الاستقرار السياسي والعسكري.
ووصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر د, مخيمر أبو سعدة بأن المشهد الدولي بالمتقلب,
وقال: "لو نظرنا للتدخل الروسي العسكري منذ سبتمبر في سوريا، حيث شكل عنصر تحدي واضح للولايات المتحدة الامريكية و دول "حلف أطلس" و بالأخص دولة تركيا لتعديها الحدود بطبيعة التعامل مع روسيا و كان الهدف الاساسي هو ضرب تركيا و ليس ضرب قواعد تنظيم الدولة الاسلامية داعش وجبهة النصرة, مشيراً إلى أن روسيا تدرك خطورة موقف انهيار الحكم السوري فلذلك عملت على مساندته.
وفي ذات السياق, قال المحلل السياسي هاني حبيب ان المشهد السوري متشابك و معقد وأن الوضع السوري ترك اثار على الخارطة المحيطة به بشكل ملحوظ و ما نشاهده الان هو صراع عسكري لأجل فرض السيطرة و الهيمنة على الاراضي السورية بين النظام و المعارضة المعتدلة "جيش الثوار" والمعارضة تنظيم الدولة الاسلامية داعش وجبهة النصرة و أصبحت المعركة على مشارف الانتهاء و حسب اعتقادي سيكون النظام و جيش الثوار والاكراد الجهات الرابحة.
تهديدات السعودية و تركيا واقع ام خيال
وفسر د. ابو سعدة ما يتداول من أنباء تدخل عسكري بري إلى الاراضي السورية من قبل دولتي السعودية و تركيا فهي ما زالت عبارة عن افكار و مقترحات وليست قرارات ، مشيرا ان ما تسعى اليه تركيا هو خلق منطقة عازلة في شمال سوريا لأجل وقف تدفق للاجئين لتركيا كما تدعى.
و لفت ابو سعدة ايضا بأن تخوف تركيا من حزب العمال الكردستاني يدفعها ان تعمل الكثير اتجاه سوريا، و ذلك لكون حزب العمال الكردستاني أصبح يعمل على الحفاظ على ارضه و الامان فتزايدت مخاوف تركيا من الكرد في المطالبة باسترداد باقي ارضهم.
و أضاف بناء على تواجد تركيا في حلف الناتو فإن الحلف برئاسة امريكيا يتخوف من تدخل تركي عسكري بري داخل الأراضي السورية التي يتواجد بها حزب العمال الكردستاني، و هذا سيدفع الى نشوب مواجهة مباشرة مع روسيا.
القضية السورية اثرت على القضية الفلسطينية.
وفي ذات السياق, أوضح المحلل حبيب أن الساحة الفلسطينية تشهد حالة من الترابط في الوضع السوري، مضيفاً: "لو رجعنا لبداية الاوضاع السورية، و ما عرف بمفهوم طريق الممانعة الذي ضم كلا من قطر وحماس وحزب الله وايران لم يستمر فسرعان ما تفكك هذا الطريق و انبثقت تحالفات جديدة على الساحة السورية".
وأضاف: " اصبحت قطر ودول الخليج بمواجهة مباشرة مع سوريا و أما حركة حماس فتلعب دور السياسة الغامضة فتارة تكون في صف ايران وتارة مع قطر وتارة اخرى مع تركيا والسعودية و أصبح الجميع ينظر بنظرة حيرة لموقف حماس".
و قال الدكتور ابو سعدة ان صعوبة الاوضاع القائمة في سوريا و المأساة الانسانية المتواصلة جعلت من الشأن السوري حالة انسانية دولية كارثية و لفتت انتباه كافة دول العالم للأوضاع السورية مما جعلها القضية الاولى في العالم و تراجعت الانظار عن القضية الفلسطينية و خاصة اثناء الحديث عن اللاجئين السورين من ارضهم هربا من الموت.
هل تتصرف تركيا و السعودية بدون اشارة امريكية؟
ردا على ذلك قال الدكتور ابو سعدة "أنني استبعد فكرة التدخل البري لتركيا و السعودية داخل الاراضي السورية دون التشاور مع الولايات المتحدة الامريكية ولكون المشهد العسكري سيكون مندلع بين روسيا و ايران و حزب الله و النظام السوري من جانب و تركيا و السعودية من جانب اخر و لكن تحتاج كلا من تركيا والسعودية لدعم عسكري هائل فأنني انظر الى المشهد بأنه غير متعادل بالقوة".
و من جهته قال حبيب ان توجه تركيا بشكل واضح اتجاه توطيد العلاقة مع إسرائيل وحماس برغبتها لأنشاء تحالفات اقليمية تجعلها اكثر قوة لمواجهة النظام السوري و الكرد اللذان يقف بصفهم كلا من روسيا وحزب الله و طهران، وبالمقابل نجد حلف الناتو لا يرغب في الاقدام على اجراء أي نزاع مسلح داخل الاراضي السورية وذلك لدراكها بأن الموقف ليس بثابت و توقعها بخسارة تركيا كل شيء خلال المواجهة لكونها تبحث عن اطماعها الشخصية، ولجلوس روسيا لتركيا بمحط الانتظار لضربها ولإنهاء على شموخها.
توقعات تقسيم الاراضي السورية.
استبعد كلاً من ابو سعدة وحبيب فكرة تقسيم الاراضي السورية فتساءل أبو سعدة هل ستعود سوريا كما كانت ما قبل الثورة؟ فقال من الصعب ان تعود كما كانت سابق الثورة و الحفاظ على وحدة الأراضي السورية كما كان قبل 11/3/2011 لان كل قوى سواء النظام او المعارضة او تنظيم الدولة الاسلامية يسيطر على منطقة.
وأضاف ستشهد سوريا خلال الفترة القادمة حالة من الاستقرار الأمني و السياسي وسيكون اراجع توحيد الاراضي السورية على شكل تنازل بعض الاطراف لأطراف اخرى مع اعطاها بعض النفوذ او الصلاحيات داخل منطقة محددة و سيكون النضوج السياسي هو الحل الجذري لهذا الخلاف العسكري.
و ردا على ذلك قال حبيب ان الحديث عن تقسيم سوريا جغرافيا امر غير متوقع بتاتا و البرهان على ذلك تراجع نفوذ وقوة " مرتزقة داعش" تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا و تحرير العديد من المدن التي كانت تخضع لسيطرتها والسيطرة عليها من قبل اما النظام السوري او جيش الثوار او قوات حزب العمال الكردستاني، مما يخلق مؤشرات واضحة بانه فكرة التقسيم ليست وارده بتاتا على الساحة السورية.
الاكراد فرصتهم متاحة للتحرر
نوه حبيب إلى أن هذه الفرصة الانسب للدولة الكردية في الاستقلال و الخروج من دائرة الحكم والسيطرة التركية و ان تركيا ترفض فكرة استقلالية الدولة الكردية و خاصة في ظل تحرر اكراد شمال سوريا و كذلك اكراد العراق فهذا يزيد المخاوف على الدولة التركية لكونه يتواجد للأكراد ارضا لهم تحت الحكم التركي.
و أضاف : هذا ما دفع تركيا دعم تنظيم داعش وجبهة النصرة ظن منها بأن داعش سوف تسيطر على المنطقة وخاصة المتواجد بها الاكراد وتنفذ مخططها الخطير بتمديد النفوذ العثماني من جديد بالشرق الاوسط انطلاقا من سوريا.
و حتى لو تم وقف اطلاق النار في الفترة الراهنة فاعلم بانه سيكون هناك اطراف خاسرة ولن تهدأ هذه الاطراف الى ان تم تعويضها بتعويضات ترضيهم .