قال مصدر مطلع، ان إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما دخلت "بهدوء" إلى خضم الجدل الجاري بشأن خلافة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "وأن مجموعة من الخبراء الأميركيين المخضرمين الذين شاركوا في عملية السلام والتفاوض المباشر وغير المباشر بين الفلسطينيين وإسرائيل ويعرفون كل الشخصيات السياسية في الطرفين على الأقل منذ مؤتمر مدريد عام 1991، بدأوا باستشراف البدائل المحتملة للرئيس محمود عباس، التي تحظى بمصداقية لدى الفلسطينيين وتحمل أجندة معتدلة تستطيع التعامل من خلالها مع الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة وإسرائيل".
وأكد المصدر، لـ "صحيفة القدس" المحلية، الذي شارك في المفاوضات عن الجانب الأميركي خلال الـ 25 عاماً الماضية بشكل متقطع أن "هناك العديد من الشخصيات التي تثق الولايات المتحدة بكفاءتها واعتدالها من أمثال رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض".
وبحسب هؤلاء الخبراء فان إنفجار "العنف" وارتفاع حدة التوتر بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ بداية شهر تشرين الأول وانسداد طريق المفاوضات، ساهم في تقويض الموقف السياسي الهش للرئيس محمود عباس، الذي يفتقر إلى الفعالية في حكمه لشعب منقسم ومؤسسات فاشلة.
ويقول المصدر أن هناك قلقاً أمريكياً بالغاً بأن ترتفع حدة الهجمات الفلسطينية الفردية التي أسفرت عن مقتل 27 إسرائيلياً، واستشهاد أكثر من 170 فلسطينياً حتى الأن، نتيجة الاحتلال الإسرائيلي المستمر للضفة الغربية وتوسيع المستوطنات اليهودية، رغم مواصلة السلطة الفلسطينية التي يتزعمها عباس في التعاون مع الإسرائيليين على الأمن وغيره من المسائل.
ويأتي التقييم الأميركي الأخير وسط تصاعد الحديث حول من سيخلف الرئيس محمود عباس البالغ من العمر 81 عاماً ، "ومتى قد يحدث ذلك".
وتشير تقارير استخبارية أميركية إلى أن، عدداً من الدول العربية، مثل مصر وقطر والإمارات العربية المتحدة، وفرت الدعم المالي والسياسي لمنافسي عباس، بما في ذلك رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني السابق في غزة محمد دحلان، الذي يعيش الآن في أبو ظبي ويحتفظ بعلاقات مهمة جداً مع حكومة الامارات العربية، وأجهزتها الأمنية وكذلك مع الحكومة المصرية وخاصة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
فيما تشير شائعات أقل احتمالاً إلى أن البعض يتحدث الآن حول صعود قيادة أكثر شمولاً، ربما يرأسها ناصر القدوة، ابن شقيق الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ووزير الخارجية السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية لدى الأمم المتحدة؛ أو ماجد فرج، رئيس جهاز الاستخبارات الحالي، أو صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي ارتبط اسمه بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الأميركية عبر أكثر من ربع قرن.
ويؤكد المصدر أنه في الوقت الذي تفضل فيه واشنطن سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، الذي ُتكِّن له الولايات المتحدة (وكذلك إسرائيل) احتراما كبيرا، والذي لم ينضم أبداً إلى حركة فتح ويعتبره عباس تهديداً محتملاً لرئاسته، إلا أن إسرائيل تعتبر ماجد فرج، رئيس الاستخبارات الفلسطينية الشريك الجدير بالثقة، وأن الولايات المتحدة تجد فيه شخصية ذات سجل ثابت في قدراته على التعامل مع إسرائيل وتخفيف التوتر والعنف، خاصة وأنه أعلن مؤخراً أن قواته الأمنية أحبطت ما لا يقل عن 200 هجوم ضد إسرائيل منذ شهر تشرين الثاني الماضي.
ومن الجدير بالذكر أن تصريحات فرج أثارت انتقادات من قبل حركة حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقوى سياسية فلسطينية أخرى، رغم أن فرج برر ذلك بالإشارة الى أن جهوده كانت تهدف إلى محاولة إنقاذ أرواح الفلسطينيين الذين يقتلون بالعشرات من قبل قوات الاحتلال.
وتفيد مصادر فلسطينية أنه يجري تداول أسماء خلفاء محتملين آخرين مثل جبريل الرجوب، الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني الذي يُقال إنه مدعوم من قطر والذي دعا عباس في شهر كانون الثاني الماضي إلى تعيين نائب للرئيس.
وتفيد المصادر الاستخبارية الأميركية إلى أن، دحلان دائماً يأتي في المقدمة المرشحين، ولكن دحلان يثير جدلاً قوياً في الساحة الفلسطينية قد يترجم إلى عنف فلسطيني- فلسطيني كون دحلان متهم بالتورط في قضايا فساد كبيرة جداً.
وتقول هذه المصادر، في الوقت نفسه يتمتع دحلان بتمويل ودعم جيد من دولة الامارات يمكنه من ضخ الأموال إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والجناح العسكري لحركة فتح، الذي اشتبك أحياناً مع قوات الأمن.
كذلك يحتل النائب السجين والقائد الميداني في فتح، مروان البرغوثي مكانة هامة أيضاً في نقاش الخلافة الفلسطينية، حيث يوصف بأنه "مانديلا فلسطين" نظراً للفترة الطويلة التي قضاها في السجون الإسرائيلية وجهوده لتحقيق المصالحة بين حماس وفتح.
وأخبر رئيس المفاوضات الفلسطيني صائب عريقات، الذي يحظى بثقة عباس الكاملة، وعينه عباس في شهر أيلول الماضي كأمين عام لمنظمة التحرير الفلسطينية، أنه سوف يدعم البرغوثي حال ترشحه للرئاسة كما كان قال عريقات في تصريح أدلى به للإذاعة الألمانية "دويتشه فيله" هذا الشهر.
إلا أن المصادر الاستخبارية الأميركية تستبعد احتمال البرغوثي وتعتبر تصريح صائب عريقات بأنه نوع من المناورة "كون البرغوثي يقضي الآن خمسة أحكام مؤبدة بالسجن بتهمة القتل، ولن يستطيع الترشح وقد يكتفي باستخدام نفوذه من وراء القضبان لحشد مؤيديه وراء أحد المرشحين الآخرين لخلافة عباس".