أمريكا: الفلسطيني يحتل أرض فلسطين

1707550098-916-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور 

أيدت المحكمة العليا الأمريكية يوم 20 يوينو 2025، قانونا أقره الكونغرس، لتسهيل رفع دعاوى قضائية على السلطة الفلسطينية من ذوي "قتلى ومصابين أميركيين في هجمات في الخارج، وأعمال عنف وقعت قبل سنوات في إسرائيل والضفة الغربية".

دون الخوض في التفاصيل "القانونية" وما كان من إجراءات سابقة، ومدى شرعية القرار من لا وفقا للقانون، فالمسألة المركزية التي لا يجب أن تمر مرورا عابرا من الرسمية العربية، بكل مؤسساتها، وخاصة رئاسة القمة العربية، والسداسي العربي، رغم الاختفاء منذ زيارة ترامب لدول خليجية، ومعهما ما يعرف برئاسة "التحالف الدولي لحل الدولتين"، نحو أخطر موقف أمريكي تجاه فلسطين.

النص القضائي، وفقا لقرارالمحكمة الأمريكية يلغي كليا مفهوم الاحتلال الإسرائيلي، والوجود الاستيطاني غير الشرعي، ليس وفقا لقرارات أممية متلاحقة منذ عام 1948، بل مواقف أمريكية، ما يتوفق كليا مع قرار كنيست دولة العدو، باعتبار فلسطين التاريخية هي أرض يهودية خالصة، وأي وجود كياني فلسطيني يمثل "خطر وجودي" عليها، ما يجب منع قيامها بكل الطريق الممكنة.

قرار المحكمة الأمريكية العليا، شكله "قانوني" وعمقه فكري سياسي يتوافق والرؤية التلمودية لإدارة ترامب، وفريقها المركزي من اليهود، خاصة سفيرهم في تل أبيب، هاكابي، أحد أعضاء منظمة "كاهانا حي " الإرهابية"، والذي أعلنها في أكتر من مناسبة أن لا وجود فلسطيني هنا.

التعامل مع قرار العليا الأمريكية كجانب قضائي، والدخول في متاهات رفع قضايا ضد قضايا، سيكرس موضوعيا الجوهري الذي يراد منه وهو "قنونة" تهويد فلسطين، لتصبح سابقة قانونية تستخدم في الزمن القادم.

ولعل "مصادفة" صدور قرار "العليا الأمريكية" بعد 624 يوما على بداية المؤامرة الكبرى ضد فلسطين يوم 7 أكتوبر 2023، ووسط المواجهة العسكرية التدميرية بين دولة الكيان العدو ودولة فارس، خاصة بعدما أعلن رئيس حكومة الفاشية اليهودية نتنياهو أهدافه نحو تغيير الشرق الأوسط، لفرض رؤية التهويد الموسع، أمنيا واقتصاديا وسياسيا في الإقليم، وليس ضمن حدود فلسطين التاريخية فقط.

قرار "العليا الأمريكية" يستحق الذهاب نحو فتح أبواب المواجهة السياسية مع الولايات المتحدة، واستخدام كل الأدوات لقطع الطريق على تكريسها "التهويد الشامل" لفلسطين، خاصة وهي تعمل بلا هوادة لفرض "التهجير الطوعي" من قطاع غزة عبر "الإبادة الجماعية"، ترابط تكاملي في فصل القطاع، وتغيير طابعه الديغرافي بشطب كلي لرمزية "اللاجئين" هوية ومناطق سكنية.

صمت الرسيمة العربية على القرار الأمريكي، خاصة بعد تأجيل مؤتمر "حل الدولتين" سيكون مؤشرا مسبقا لترتيبات سياسية موسعة تجري من وراء فلسطين، ليس لمحاصرة كيانها بل لتغيير هويته، والتجاوب العملي مع الرؤية الترامبية، وتصبح كل بياناتها "خدعة تسكينية" إلى حين انطلاق اليوم التالي للمواجهة العسكرية مع بلاد فارس، وسيكون الثمن الإقليمي لدخول الكيان عنصرا مركزيا على حساب الكيانية الوطنية الفلسطينية.
موضوعيا، لا تملك الرسمية الفلسطينية أوراق قوة للتعامل مع الرسمية العربية، خاصة بعدما قادت حماس عملية التدمير الوطني الذاتي، وما تلاها من الحرب الإسرائيلية الإيرانية، التي تهم دول الخليج استراتيجيا، وقد اتضح ضعفها مع إلغاء المؤتمر الدولي، وتغير أسسه السياسية لتتوافق مع "الرغبة الأمريكية".

ورغم ذلك، فهي دون غيرها، تستطيع أن تربك المشهد العام، بأن تكسر عقدة "الرهبة المستدامة" منذ عام 2012، وتطلق رصاصة إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال، لتنتقل المواجهة سياسيا وقانونيا استراتيجيا، دون تكرار المقولة التبريرية بأن دولة العدو ستنهي وجود "السلطة"، والتي هي عمليا لا تعترف بهأ أصلا سوى بالبعد الأمني، وأقامت دولة يهودية في الضفة والقدس..

المواجهة السياسية الفلسطينية للمشروع التهويدي يبدأ الان من مكتب الرئيس محمود عباس، دون ذلك لتبدأ مرحلة التعايش كأغراب في وطن لم ينكسر في تاريخه لعدو، رغم كل ما أصابه احتلالا.

ملاحظة: مجددا ملفت جدا صمت كل المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، على جرائم عصابة "سهم"، موقف يثير الشكوك بأن ممولي هذه المؤسسات من الدول الغربين ومنها أمريكا، أمرتهم بالستر والصمت..ما هي كل فوضى بتخدم خطة "المعلم" ترامب..مسبقا بلاش تبرروا فضيحتكم الوطنية يا أرزقية الزمن اليهودي..

تنويه خاص: من المفارقات السياسية الساذجة، أن بعض العرب ومنهم فلسطينيين، كانوا يهتفون لصدام حسين والعراق..وهم الآن يهتفون للنظام الفارسي اللي كان شريك عملي مع ألأمريكان ليس لاحتلال العراق بل تدميره..وتغيير طبيعته وتكريس الطائفية حكما ونظاما..وفتح باب الظلامية السوداء جدا.. هيك انتصرت مقولة اللي بيحضرالسوق بتسوق..يا مسوقين العقل