هل تعامل السعودية مع " حركات المقاومة" سبباً في عدم حل القضية الفلسطينية؟!

12788036_10207158687418754_1808135382_n
حجم الخط

حالة من  الفتور اكتنفتها  أواخر عهد الملك عبد الله مع حركة حماس، وعوامل متراكمة وسعت الفجوة بينهم، أهمها عدم تبني الحركة لمبادرة الملك عبد الله للسلام، واعتبارها أنها تحمل اعترافاً غير مقبولاً بـ(إسرائيل)، وجاء فشل اتفاق مكة  والانقسام  في 2007، ليزيد الفوهة بين الطرفين، بعدما اعتبر الملك عبد الله أن الانقلاب العسكري الذي قامت به حركة حماس في غزة، تجاوزاً شخصياً لمكانته،  إضافة إلى ذلك، الموقف السلبي للملك الراحل من الإخوان المسلمين والذي تجسد بدعم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي آنذاك على حكم الرئيس محمد مرسي.

 أما على رأس الأسباب كلها، هو علاقة حماس مع إيران وحزب الله، وهذا ما كان يقلق بعض مراكز القوى بما فيها المتعاطفة مع الحركة في السعودية، لحساسية وتعقيد كل ما يتعلق بإيران ومشروعها وعلاقتها وحلفائها، فالسعودية تعتبر الاهتمام الإيراني بالقضية حالة مُخادعة وتضليلا لإخفاء الأطماع الفارسية، وموقف حماس الثابت هو الالتقاء مع أي عدو لإسرائيل.

في هذا السياق، اعتبر محللون أن علاقات السعودية السيئة -بعض الشيء-  تلتقي مع حركات المقاومة وخاصة الاسلامية منها، وبهذا فإنه له تأثير كبير على حل معظم القضايا الشائكة في الوطن العربي خاصة القضية الفلسطينية، من خلال وقوفها في وجه حركات المقاومة، وهذا واضح من خلال علاقتها بحزب الله وحركة حماس أيضاً.

صحيفة المستشار العراقية، كانت قد نشرت تقريراً باسم : " تاريخ خيانة «آل سعود» للقضية الفلسطينية ؟ "، تحدث عن

ما قامت به الأسرة (السعودية) في عام 1936 من إخماد الثورة الفلسطينية والتي مهدت لاحتلال فلسطين ونكبتها عام 1948 عندما كانت فلسطين مستعمرة من قبل الانجليز، وكان الشعب الفلسطيني آنذاك في حالة وإضراب شامل استمر 183 يوماً ضد الاستعمار الإنجليزي، حيث لم يستطع الاستعمار وقتها من إيقاف هذه الثورة، وإنما لجأ إلى أساليب القمع والسجون.

وأضاف التقرير: حينما عجزت بريطانيا عن كسر طوق ذلك الإضراب الشهير حاولت الحكومة في يوم 8 أيار 1936 أن تخفّف من الاستياء الشعبي (بإيفاد لجنة تحقيق ملكية لتحري أسباب الثورة ووضع الحلول المناسبة) لكن الفلسطينيين رفضوا هذه اللجنة وحلولها ،والتي قصد بها الاستعمار كسر الإضراب وإخماد الثورة.
وبعد فشل إخماد هذه الثورة العارمة قررت أن تستخدم نفوذها عن طريق الأمراء والحكام العرب في ضرب هذه الثورة، و لجأت إلى الأمير عبد الله حاكم الأردن لفك الإضراب وإيقاف الثورة إلا أنها لم تتمكن .

ولم يجد الإنجليز آنذاك ملجأً إلا (ملك المملكة العربية السعودية) عبد العزيز آل سعود لأنه لن يوفر جهداً في خدمتهم بعد أن أُغلقت جميع الأبواب في وجوه المستعمرين، على حد وصف التقرير.

 فبعث عبد العزيز برسالة إلى الفلسطينيين كتبها مستشاره جون فيلبي باسم القادة العرب (ولا يخفى على القارئ أن القادة العرب آنذاك كان يقصد بهم عبد العزيز وأولاده) وبعثها بواسطة رئيس اللجنة العليا (أمين الحسيني) وأطلقوا على هذه الرسالة باسم (النداء).

وأضافت " المستشار" ،هذه البرقية التي بعثها" عبد العزيز" كانت بداية الضربة القاصمة للشعب الفلسطيني، والتي كانت تحمل في طيّاتها السموم لتطعيم الشعب الفلسطيني لصالح الاستعمار البريطاني، مما أسفر عنها انقسام الشعب الفلسطيني إلى عدة أقسام وبدأ تفكّكه وانتشار السم "العبد العزيزي" في أوردته وأمعائه وبدأت النداءات تلو النداءات ترد على هذا الشعب الذي بدأت أنفاسه تخمد شيئاً فشيئاً إلى أن ازداد انقسام الشعب الفلسطيني أكثر مما هو عليه، و أرسل عبد العزيز ابنه ـ فيصل ـ ومن قبله ـ سعود ـ إلى القدس للتأكّد من إيقاف الثورة الفلسطينية خدمة لصديقته بريطانيا وتمكيناً لقيام دولة اليهود.

في سياق تقصير المملكة السعودية تجاه القضية الفلسطينية وخاصة من خلال تعاملها مع أحزاب المقاومة، اعتقد الكاتب والمحلل السياسي حُسام الدجني، أن السبب يعود لخشية النظام الاقليمي العربي من الولايات المتحدة ، فنجده لا يدعم المقاومة بل في بعض الاحيان يصنفها ويتعامل معها كإرهاب، وهذه معضلة حقيقية لو تم تجاوزها ستربك حسابات تل ابيب.

ورأى  المحلل السياسي " وسام عفيفة"، أن المنطقة باتت تشهد  اعادة تشكيل المحاور والسياسات، وأصبح لا يمكن البناء على الارث التاريخي، ومن حالف من، ضارباً المثل بإيران والتي بالأمس كانت العدو الأول لأوروبا وأصبحت اليوم في مرحلة التقاء المصالح خارج اطار العقوبات والحصار الاقتصادي.

وأشار الدجني إلى أن  دول الخليج بحاجة لإعادة تقييم تعاملها مع فصائل المقاومة كون نظرية ملئ الفراغ هي المسيطرة الان على المشهد، فمن لا يدعم المقاومة سيجد غيره من يدعم، و التحدي الاهم هو كيف سيوائم الخليج في ذلك مع التوجه الامريكي الداعم لإسرائيل.


ان هذا التسلسل التاريخي والعودة بالذاكرة للوراء وربطها في التطورات التي تستجد على الساحة، يؤكد أنه في السياسة لا صديق ولا عدو، وإن المصالح المشتركة الاقتصادية قبل السياسية هي التي تقلب الموازين وتحدد من الصديق من العدو !