في العام ٢٠١٣، ولدى عودة فوج من معتمري فلسطين انقلبت الحافلة التي تقلهم، فقتل وأصيب العشرات ممن كانوا على حافلة الموت هذه.. وحسب ما قاله شهود عيان فإن خللاً ميكانيكياً في الكوابح هو السبب؟!!
لا نعرف ماذا كانت نتائج التحقيق في هذا الحادث المأساوي، وهل تمت محاسبة أحد، وهل لجنة التحقيق التي شكلت خلصت إلى توصيات ذات قيمة لتلافي الحادث المأساوي. الإجابة عن هذه الأسئلة وكثير غيرها تبدو واضحة من الحادث الذي وقع ليلة الأربعاء - الخميس في منطقة المدورة على الحدود الأردنية السعودية.
انقلبت الحافلة التي تقلهم، عشرات القتلى والجرحى والسبب ما زال مجهولاً .. إلا إن روايات شهود عيان تؤكد أن سائق الحافلة «غفا» بعد نعاس شديد أكثر من مرة، طلب منه بعض المعتمرين التوقف .. إلا أنه استمر رغم معرفته بالإرهاق الذي يعاني منه. هي رواية شهود عيان، وما تناقلته عائلات الذين قضوا في هذا الحادث المروّع.
إذن، في كلتا الحالتين قبل ثلاث سنوات، وأول من أمس، كان لا يوجد في الحافلة سوى سائق واحد، رغم أن التعليمات تطالب بوجود سائقين على كل حافلة للمعتمرين أو الحجاج .. أين يذهب السائق الثاني .. ومن يتحمل المسؤولية. في المرة الأولى ضاعت المسؤولية وتفرقت دماء المعتمرين القتلى بين القبائل، وهي كثيرة، شركات العمرة، أصحاب الحافلات، وزارة الأوقاف، المؤسسات التي تمنح التراخيص لشركات الحج والعمرة.
ويبدو أننا لم نتعلم الدرس السابق .. ولن نتعلم من الدرس القاتل الذي ضرب قلب الشعب الفلسطيني، الذي لا ينقصه كثير من الهم والحزن .. فلا توصيات طبقت، ولا مسؤولين عن العمرة منذ التسجيل وحتى العودة تمت محاسبتهم .. وربما أفضل قول في هذا المقام حسب التعبير الدارج: نيّالهم راحوا «شهداء».. ونحن نحتسبهم شهداء .. إلا انه لا بد من المساءلة والمحاسبة .. دماء الفلسطيني ليست رخيصة إلى هذا الحد .. ومن يحاول أن يرخّص دماء هذا الشعب يجب أن يحاسَب وبقوة.
لعل السبب الأول في الجريمتين هو محاولة «التوفير» بمعنى توفير أُجرة سائق من أجل زيادة الربح، لا ندري ربح الشركات أم ربح أصحاب الحافلات؟؟ ربح مَن .. رغم أن أرباح هذه الشركات تبدو مرتفعة وفوق التوقع .. بناء على تصريح لشركات الحج والعمرة في غزة نشر قبل عدة أيام في «الأيام»، حيث قال أصحاب هذه الشركات إن خسائرهم بالملايين لعدم تسيير قوافل العمرة بسبب إغلاق المعبر .. ربما الرقم صادم .. ولكن هذه هي الحقيقة. إذن، التجارة عمرة لدى هذه الشركات، ومن أهم الدلائل على ذلك .. هو أن كل شركة كانت تحصل على مرشد في كل حافلة .. تأشيرة المرشد كانت تباع في السوق السوداء .. عدا عن الحج المميّز وهو حج استثماري بامتياز .. وفي كثير من الأحيان كان الحجاج يشكون من حالة الحافلات القديمة وغير المكيّفة.. او التي تتعطل في الطريق .. مشاكل عدة يتعرض لها المعتمرون والحجاج .. يشكون .. يرفعون الصوت في بعض الأحيان .. ولكن كالذي يصرخ في قربة مقطوعة.
بعد هذا الحادث - المأساة مطلوب من الحكومة أن تعيد النظر في كل إجراءات العمرة والحج والتدقيق في التراخيص الممنوحة للشركات .. وهل تطبق هذه الشركات المعايير الفلسطينية. يجب أن تتحمل الحكومة المسؤولية حتى لا تقع كارثة مماثلة بعد سنة أو سنتين أو لنقل عشر سنوات قادمة!!