أقامت جمعية غابرييل بيري وجمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية حلقة نقاش في مقر مجلس النواب الفرنسي تحت عنوان: "فلسطين والمحكمة الجنائية الدولية". وقد حضر الحلقة عدد من النواب الفرنسيين على رأسهم النائب اليساري فرانسوا أسانسي نائب رئيس جمعية الصداقة البرلمانية الفلسطينية الفرنسية، والأخ سلمان الهرفي سفير فلسطين لدى فرنسا والسيد توفيق تهاني رئيس جمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية، وحشد من المهتمين والمتضامنين مع الشعب الفلسطيني.
وقد ألقى السفير سلمان الهرفي، كلمة في افتتاح حلقة النقاش شكر في مستهلها المنظمين على هذه المبادرة كما شكر النواب والشيوخ الحضور مؤكدا على أن اسرائيل والتي تعتبر القاعدة الاخيرة للعصر الكولنيالي تتصرف دوماً في كل ما يتعارض مع القانون الدولي غير عابئة بقرارات الامم المتحدة وضاربة بعرض الحائط متطلبات السلام عبر مواصلتها لسياساتها الاستيطانية والاحتلالية.
واعتبر السفير الهرفي أن حصول فلسطين على وضع دولة مراقبة في المنظمة الدولية وانضمامها لميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية سيسمح لنا ليس فقط بمقاضاة اسرائيل على جرائمها وإنما أيضا، وهو الأهم، حماية شعبنا، واضاف الهرفي أن دورنا كدولة تتمتع بالشرعية هو حماية شعبنا من الاعتداءات، وأن لا يتحول مدنيونا الى هدف دائم للعدوان كما حدث عام 2014 وقبله.
وقال الهرفي إن القيادة الفلسطينية تدرك تماماً أن التوجه للمحكمة الجنائية الدولية ليس مجرد خطوة قضائية قانونية وإنما لها ابعادها السياسية والدبلوماسية وخاضعة لموازين القوى العالمية، كما أن هذا التوجه لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الانتهاكات ضد شعبنا لا يتعارض ابداً مع توجهنا لبناء سلام عادل ودائم في المنطقة فمن المنطقي ان يدفع مجرمو الحرب ثمن جرائمهم حتى في وقت السلام. واكثر من ذلك ان هذه المحاسبة ستعزز من امكانيات التوصل لهذا السلام المنشود. ومن جهة اخرى فإن المحكمة الجنائية الدولية تعزز من امكانية ان تؤكد دولة فلسطين على شرعيتها ومسؤوليتها في حماية سكانها.
وختم السفير الهرفي كلمته بالتأكيد على أن مطلبنا الاساسي هو حصولنا على حقوقنا الوطنية كبقية شعوب الارض، حقنا في الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وحقنا في حماية شعبنا من الاعتداءات الاسرائيلية وحقنا في العيش بسلام وأمن، وأيضاً حقنا في العدالة.
النائب اسانسي القى ايضاً كلمة في افتتاح هذه الحلقة قال فيها إن لجوء الفلسطينيين الى المحكمة الجنائية الدولية هو ترسيخ لمقولة قوة الحق في وجه حق القوة، وأن المسيرة القضائية في المحكمة الجنائية الدولية تفتح افاقا ًواعدة للشباب الفلسطيني حين يرون اخيراً امكانية ان تحاسب اسرائيل على افعالها وهي التي تتصرف دوماً كأنها فوق القانون. وقال النائب اسانسي ان الشك بدأ يراود الجميع بإمكانية التوصل لسلام عادل ودائم خاصة مع مرور اكثر من عشرين عاماً على اتفاقيات اوسلو ووصول تحالف اليمين واليمين المتطرف الى الحكم في اسرائيل وهو ما يعني استمراراً في الانتهاكات الاسرائيلية كالاستيطان وبناء الجدار.
واعتبر اسانسي أن المحكمة الجنائية الدولية، وبطريقة غير مباشرة، تساعد في احلال السلام في المنطقة ما يعني سحب الذرائع من ايدي المتطرفين الذين يستخدمون الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني كاداة في تحشيد الشباب ضد الغرب. وتساهم بذلك في لجم ظاهرة الارهاب العالمي الذي ضرب في بروكسل وباريس واماكن اخرى في العالم.
وفي ختام كلمته دعا اسانسي الى اعتراف حكومته الفوري بالدولة الفلسطينية تنفيذاً لوعد الوزير فابيوس واستجابة للتصويت الذي تم في البرلمان الفرنسي نهاية عام 2014.
والقى توفيق تهاني كلمة المنظمين قال في مستهلها إن انضمام فلسطين الى ميثاق المحكمة الجنائية الدولية سيقود الى مسيرة محاسبة اسرائيل عن جرائمها ضد الانسانية وجرائم الحرب التي ارتكبتها وان هناك امل في ان نرى مسؤولين عسكريين وسياسيين اسرائيليين يقادون الى المحكمة وهو الامر الذي ان تم سيضع حداً لتصرفات اسرائيل كدولة فوق القانون.
كما اعتبر تهاني ان فتح تحقيق اولي في المحكمة يعني ان المدعي العام فاتو بنسودا لم تخضع للضغوط السياسية التي مورست عليها ولكن الخطوة يجب ان تكتمل بفتح تحقيق رسمي في جميع ممارسات الاحتلال الاسرئيلي ضد الشعب الفلسطيني وارضه ومؤسساته.
وتطرق تهاني الى الحرج الذي اصاب الكثير من الدول من انضمام فلسطين الى ميثاق روما، تهاني قال ان مصدر الحرج هو أن الفلسطينيين يضعون الدول والعالم بأسره امام مسؤولياته القضائية والقانونية بشكل مباشر وهو ما لم تكن تتمناه الكثير من الدول وليس فقط اسرائيل التي لم توقع حتى الان على ميثاق روما.
كما قال تهاني ان المحكمة الدولية هي وسيلة لاحقاق الحق واقامة السلام وليس فقط معاقبة المجرمين، ذلك أنه لا سلام بدون عدل، والعدالة حق اصلي للشعوب وعلى رأسها الشعب الفلسطيني.
وعقدت بعد ذلك طاولتي نقاش الاولى تحت عنوان ماذا ستقدم العدالة الدولية لفلسطين؟ وشارك فيها المحامية عليا عون رئيسة تجمع المحامين والقضائيين من أجل لبنان، والسيد وليام بوردون المحامي المتخصص في القانون الدولي ورئيس جمعية شيربا، والسيدة كريستين شانيه، المحامية في القانون الدولية والخبيرة المعتمدة في الامم المتحدة. اما الطاولة الثانية فعقدت تحت عنوان العوامل السياسية والمؤسساتية للقانون الدولي وشارك فيها الباحث جان بول شانيولو الاستاذ الجامعي ورئيس مركز ايريمو للدراسات الاستراتيجية، والسيدة فرانسواز دومونت رئيس رابطة حقوق الانسان، والسيدة جنفييف غاريغو رئيسة فرع فرنسا في منظمة العفو الدولية.