بفضل لطف الله، نجت الرضيعة جنى سلامة طميزي من موت محقق، بعد تعرضها للنحر من قبل شاب في عشرينيات العمر، داخل حضانة للأطفال تمتلكها والدته، بعد خلاف نشب بين الاثنين، دفعت الرضيعة ثمنه، فنحرها من الوريد للوريد، ولولا شرطي يقطن في ذات العمارة، وقسم العناية الفائقة للأطفال في مجمع فلسطين الطبي لفارقت الرضيعة الحياة.
داخل غرفة العناية الفائفة للأطفال، ترقد الرضيعة جنى، مربوطة بالأجهزة، خاصة جهاز التنفس الاصطناعي، في ظل عدم قدرتها على التنفس لوحدها، بعد نحر رقبتها الصغيرة.
مربوطة بالأجهزة كانت جنى، تتحرك كثيراً، ولكنها تبقى متصلة بهذه الأجهزة لتخفف عنها آلامها الناتجة عن النحر، فيما الواقم الطبية لا تتركها، بل تبقى تراقب تطور حالتها الصحية.
والد ووالدة الطفلة جنى وعائلته القادمة من بلدة إذنا غربي الخليل، يجلسون في بهو المستشفى البحريني للأطفال في مجمع فلسطين الطبي، للاطمئنان على الوضع الصحي لها.
الشاب الذي نفذ جريمة النحر ووالدته أوقفا في نظارة الشرطة، في حين تم إغلاق المنزل الذي تشغله صاحبته كحضانة أطفال بلا ترخيص، فيما يقطن الاثنان سوية في المنزل في بيتونيا، في حين شقيقه وشقيقته يقطنان الولايات المتحدة.
يقول والد الطفلة، سلامة الطميزي، إن خلافاً نشب بين صاحبة الحضانة وابنها، فدفعت رضيعته الثمن، مشيراً إلى أن ضابط الشرطة، الرقيب سامح راضي وفور سماعه صراخاً في العمارة، نهض مفزوعاً ليجد الصوت في الحضانة التي تقع أسفل شقته، ليرى الرضيعة وقد غطتها الدماء، فقام مباشرة بحمل الرضيعة، والتوجه بها مسرعاً نحو الشارع.
ويؤكد الطميزي أن الجاني تشاجر مع والدته صباحاً، أثناء قيامها بإرضاع الطفلة جنى٬ وعاد بعد أن أكملت رضاعتها ووضعتها في مهدها إلى المطبخ واستل سكينا وذبح الطفلة جنا من رقبتها.
ويقول الطميزي إنه لولا لطف الله وتدخل رجل الشرطة، الذي يقطن في ذات البناية لتوفيت الطفلة، نظراً للجروح التي أصيبت بها، والتي طالت الأوردة الرئيسية في الرقبة.
ويؤكد أن وضع طفلته استقر اليوم، وهي ترقد في قسم العناية المكثفة للأطفال بالمستشفى البحريني للأطفال بمجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله.
ويطالب الطميزي بإنزال أقصى العقوبات بحق الجاني، الذي أقدم على الاعتداء على رضيعته التي لم تكمل عامها الأول٬ ولم يرحم صغر سنها وجسدها.
ويعمل والد الرضيعة، سلامة طميزي وزوجته مدرسين في مدارس رام الله، ونقلا الرضيعة إلى الحضانة منذ قرابة الأسبوعين، وكانا وضعا ابنهما الأكبر سابقاً في ذات الحضانة.
الشرطي الشاب الرقيب سامح راضي، من مرتب شرطة مركز إصلاح وتأهيل رام الله، أفاق على صوت صراخ في العمارة، فلبى النداء، ليصدم برؤية الرضيعة والدماء تغطيها، فنقلها مباشرة بسيارة خاصة إلى مجمع فلسطين الطبي، بعد أن أبلغ العمليات المركزية برام الله عن الحالة، لإنقاذ بقية الأطفال.
الشرطي والحاصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال، والذي يمتلك معرفة بإجراءات الإسعاف الأولية، قام فوراً بالاتصال الهاتفي مع غرفة العمليات المشتركة للمحافظة ليبلغهم عن الحالة.
على الفور وصل المقدم عاكف الشعلان إلى مكان الجريمة بسيارته الخاصة، وقام باعتقال الجاني، وتأمين الرضع الآخرين الموجودين داخل المنزل، إلى أن وصلت قوة من الشرطة إلى المكان، فقامت باعتقال الأم والشاب.
الرقيب سامح قام على الفور بإيقاف سيارة مدنية، ونقل فيها الرضيعة، بعد أن اطلع على طبيعة إصابتها، ونجح في إيقاف النزيف، عبر وضع يده على مكان الجرح.
ووصل الرقيب سامح بالطفلة والدماء تغطيهما سوية، فاستقبلهم الأطباء، الذين أحالوا الطفلة إلى غرفة العمليات، لإجراء عملية جراحية لها، وبعد ساعة خرج الأطباء لطمأنة الرقيب سامح، وعائلة الرضيعة التي وصلت.
ويقول الرقيب سامح: صدمت عندما شاهدت طفلة رضيعة مضرجة بدمائها٬ وعملت فورا على إغلاق الجرح وتوجهت بها للمستشفى وبقيت هناك لحين تم إجراء عملية جراحية لها لعلاج رقبتها التي جرحت من الوريد الى الوريد٬ حيث كان البلعوم مقطوعا والشريانين مقطوعين والحمد الله أنني تمكنت من أداء واجبي في الوقت والزمان المناسبين.
ويشدد على أن هذه الحادثة أصعب ما مر عليه في عمله الشرطي٬ فمنظر طفلة مخضبة بالدماء لم يكن سهلاً، رغم أن عمله يوجد فيه الكثير من الصدمات٬ ورغم الصدمة تمكن من تدارك الأمور وعمل ما هو صحيح لإنقاذ الطفلة.
ويشير الشرطي راضي الى أن العناية الإلهية وحدها ربما حالت دون اعتداء الجاني على أطفال رّضع آخرين تواجدوا في الحضانة المنزلية٬ وأن أولوياته كانت إنقاذ الطفلة وحماية الأطفال الأخرين الموجودين في البيت.
وبعد انتشار نبأ العمل البطولي، الذي قام به الشاب الشرطي، قام مدير عام الشرطة، اللواء حازم عطا الله بمنحه وسام التميز للشرطة وهو من أعلى الأوسمة لدى الشرطة، تقديراً لدوره في إنقاذ حياة الرضيعة.
جريمة فريدة نادراً ما تحدث في فلسطين، نفذها شاب، وكانت ضحيتها رضيعة، أما أبطال القصة فهم الرقيب سامح، وقسم العناية الفائقة للأطفال في مجمع فلسطين.