في إطار فعاليات إحياء يوم الأرض في الجزائر، نظمت سفارة دولة فلسطين لدى الجزائر وبالتعاون مع الديوان الوطني للثقافة والإعلام، مساء يوم الجمعة 1 أبريل في قاعة الموقار في الجزائر العاصمة، أمسية تضمنت عرض الفيلم الوثائقي الفلسطيني "30 آذار" من إخراج نضال بدارنة، والذي يستعرض شهادات حية لعدد من الشخصيات التي عاشت وعاصرت أحداث يوم الأرض الخالد في 30 مارس عام 1976، ولقاءات مع أهالي وأقارب شهداء يوم الأرض. وتجدر الإشارة إلى هذا هو العرض الثاني للفيلم، حيث كان العرض الأول يوم 30 مارس في قسنطينة عاصمة الثقافة العربية.
مع الإشارة الى ان الفيلم مصوّر في القرى التي شهدت أحداث «يوم الأرض» في عام 1976 (الجليل)، وفي مخيم «نور شمس» في الضفة الغربية الذي ولد فيه الشهيد رأفت العلي. يكاد الشريط أن يكون الوحيد الذي يتناول هذه الأحداث وأبطالها، كما يتميّز بتقديم قصّة هذا اليوم انطلاقاً من صانعيه.
قدّم كل من المخرج نضال بدرانة ومدير الإنتاج وافي بلال فيلمهما الوثائقي «30 آذار» للجمهور الجزائري، عمل يوصف بأنه أول وثائقي فلسطيني يتناول قضية يوم الأرض، كما حرصا على فتح النقاش مع الجمهور، وهو ما يصر عليه أصحاب الفيلم في أغلب العروض التي يقدمونها.
يسلط الوثائقي الضوء على واحد من الأحداث المفصلية في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال ومصادرة الأراضي، ويروي فيلم قصة «يوم الأرض» الكاملة التي وقعت عام 1976، والتي تشمل قصص البطولة، والفقدان والتضحية التي سنسمعها للمرة الأولى من الناس الذين عاشوا هذا اليوم. كما «يأخذنا الفيلم من الجليل إلى ما وراء الأسلاك الشائكة التي تفصل أرضنا عن أرضنا»، يقول مبدعو الفيلم، الذي يصفه مخرجه نضال بدارنة بأنه «بمثابة دعوة لحفظ تضحياتنا ونقش أسماء أبطالها على الجدران».
يشار إلى أن فيلم «30 آذار» من إنتاج مجلس عرابة المحلي، ومركز محمود درويش الثقافي – عرابة، ورابطة عرابة للثقافة والفنون.
تعود أحداث يوم الأرض الفلسطيني لعام 1976 بعد أن قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة مساحات كبيرة من الأراضي العربية ذات الملكية الخاصة أو المشاع، في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية، تحت غطاء مرسوم جديد صدر رسمياً في منتصف السبعينيات، أطلق عليه اسم مشروع «تطوير الجليل»، والذي كان في جوهره الأساسي هو «تهويد الجليل». وكان أن صودرت أراضي عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها في منطقة الجليل في فلسطين التي احتلت عام 48 (وهي القرى التي تدعى اليوم مثلث الأرض) وتخصيصها للمستوطنات الصهيونية في سياق مخطط تهويد الجليل.
وعلى أثر هذا المخطط العنصري قررت لجنة الدفاع عن الأراضي بتاريخ الفاتح فيفري 1976 عقد اجتماع لها في الناصرة، بالاشتراك مع اللجنة القطرية لرؤساء المجالس العربية، وتم إعلان الإضراب العام الشامل في 30 آذار (مارس)، وكان الرد الإسرائيلي باجتياح الدبابات والمجزرات بالقرى الفلسطينية والبلدات العربية وإطلاق النار عشوائياً، فسقط الشهيد خير ياسين من قرية عرابة، وبعد انتشار الخبر صبيحة اليوم التالي 30 آذار انطلقت الجماهير في تظاهرات عارمة فسقط خمسة شهداء آخرين وعشرات الجرحى.
وقد حضر الفيلم سفير دولة فلسطين الدكتور لؤي عيسى وكادر السفارة، والسيد الأخضر بن تركي، مدير عام الديوان الوطني، وعدد من سفراء الدول العربية المعتمدين لدى الجزائر، إضافة للجمهور وبعض وسائل الإعلام.
وفي مدخل قاعة الموقار تم وضع لوحات جدارية ثم انجازها تحت إشراف السيد خالد صالح (عز الدين) مسؤول ملف الأسرى فى السفارة، تعكس تمسك المواطن الفلسطيني بأرضه ومقدساته ومدنه الفلسطينية.
وفي بداية الأمسية، ألقى السيد أيمن الحيـلة، المسؤول الثقافي في سفارة دولة فلسطين، كلمة تضمنت عرضا موجزا عن أحداث يوم الأرض، والتوحد الشعبي الذي شهدته كافة الأراضي الفلسطينية في مواجهة قوات الإحتلال الإسرائيلي، وأهمية هذا اليوم في الإعلان الصريح عن رفض كل سياسات الكيان الصهيوني التي تسعى لتجريد الشعب الفلسطيني من هويته الوطنية والقومية.
وأشار الحيلة في كلمته إلى أن الذكرى الأربعين تمر علينا هذا العام في ظل تزايد سرقة ومصادرة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، واستمرار التغول الاستيطاني في الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف، فضلا عن الاقتحمات المتكررة للمسجد الأقصى، واستمرار الحفريات غير المنتهية تحته وبحجج واهية ومكذوبة، بهدف رئيسي وهو هدم وتدمير المسجد الأقصى.
وأن المجتمع الدولى مُطالب الآن وأكثر من أي وقت مضى، للوقوف وقفة جادة وصارمة ضد الإحتلال، ومحاسبته على جرائمه بحق الأرض والشعب الفلسطيني، وأن يترك الشعارات وبيانات الإدانة والشجب والاستنكار التي لم تعد تُجدي نفعا مع هذا المُحتل الغاصب، وأن يعمل للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين بعيدا عن سياسة المحاباة أو الكيل بمكيالين، لأن ما يحدثُ فى أرضنا الفلسطينية من انتهاكات واعتداءات هي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تُدينها وتُعاقب عليها كافة المواثيق والقوانين الدولية.
وأكد الحيلة على أن المقاومة الفلسطينية لم ولن تتوقف ضد هذا العدو الغاشم حتى تحرير كافة أرضنا الفلسطينية. وإن كانت المقاومة بالحجر والسكين والصدور العارية دليل واضح على رفض شعبنا الفلسطيني لكافة أنواع الظلم والعدوان والسرقة لأرضنا الفلسطينية، فإن هناك مقاومة من نوع أخر أعنف وأشد صعوبة، وهي المقاومة على المستويين السياسي والدبلوماسي في كافة المنابر الدولية.
كما أن هناك مقاومة تزداد قوة وفعالية ضد هذا المحتل الإسرائيلي، وهي المقاومة الثقافية التي يخوضها مبدعونا الفلسطينيون بمختلف طرائق إبداعهم سواء بالشعر أو الأدب أو الريشة والقلم أو الإنتاج والإخراج السينمائي، وقد وصل هذا الإبداع المُقاوم إلى العالمية، وكشف زيف إدعاءات الكيان الصهيوني.
وبعد نهاية عرض الفيلم، تم إفساح المجال للجمهور للتحاور مع كل من مخرج ومنتج الفيلم، اللذين أجابا على الاستفسارات عن أحداث الفيلم، والأوضاع في الأراضي الفلسطينية علم 1948.