الدستور ينهي حلم اسرائيل في التمدد .. و إقرار بعدم اكتمال هذا الكيان

12421783_10207457529729625_1748361231_n
حجم الخط

من المعروف بأن الدستور هو الشكل النهائي للدولة والشعب، وهو  القانون الأعلى في الدولة  الذي يحدد شكلها، وينظم السلطة في الدولة من حيث وجودها واختصاصاتها والعلاقة بينهما، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن الدولة- الكيان الإسرائيلي-  التي تتخفى تحت ستار " الديمقراطية"، واحترام حقوق الإنسان، والقوانين الدولية، منذ قيامها حتى الآن لم تقم بصياغة دستور ينظم شؤونها الداخلية.

في إطار عدم صياغتها للدستور، أوضح الخبير في القانون الدولي " د. عبد الكريم شبير" بأن المجتمع الدولي طالب السلطة الفلسطينية و إسرائيل أيضاً بصياغة دستور لها، لكن  إسرائيل رفضت صياغته لأنها ترفض تحديد حدود خاصة بها، وتحديد ورقعتها الجغرافية، فيما صياغة دستور يعني أن تلغي إسرائيل كل القوانين التي قامت بصياغتها بخصوص الملكية ومصادرة الأراضي، كما أن تريد أن تخلي مسئوليتها أمام المجتمع الدولي في الكثير من الأمور.

وفي إطار عدم صياغة " إسرائيل " دستور حتى الآن ، أوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية " فريد قديح" ، أن هناك مدرستين يُحتذى بهم في الدستور، وهما البريطانية، والتي تعتمد على الدستور الغير مكتوب، والأمريكية ذات الدستور المكتوب، لافتاً إلى أن المجتمع الأمريكي حتى اللحظة يدفع ثمن مادة في دستوره ، والتي تبيح للمواطنين امتلاك الأسلحة، مما رفع من مستوى الجريمة، وساعد في انتشارها، وبسبب جمود الدستور الأمريكي لم يتم تغيير هذه المادة حتى الآن.

وأوضح " قديح " أن القضاء الإسرائيلي يعتمد على مجموعة قوانين تم تشريعها عند قيام الدولة، وبأن أي اجراء قضائي أو اجراء تصيغه المستويات العليا في القضاء، يُعتبر جزءاً من الدستور الغير مكتوب الذي هو عبارة عن القوانين التي تم تشريعها في بداية قيام الدولة بالإضافة إلى مجموعة الأعراف القضائية .

في حالة وجود دستور سيؤدي ذلك إلى تحديد حدود الكيان الصهيوني، ومن ثم ينتهي حلم أن تكون حدود إسرائيل من الفرات إلى النيل، وهذا ما جعل رئيس وزراء إسرائيل دافيد بن غوريون بعد نكبة 1948 يرفض وبشدة وضع دستور؛ خوفًا من عدم تحقيق حلم التوسع للكيان الصهيوني. بالإضافة إلى ما ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي " بينامين نتنياهو"   في كتابه " مكان تحت الشمس"  بأن حق اليهود ليس حدود فلسطين فقط بل يتجاوز أكثر من ذلك ليصل إلى أراضٍ أخرى موجودة في الدول العربية، معتقداً أن هذه الأراضي قد أخذت عنوة من اليهود، وأن الأردن جزء من هذه الأراضي، هذا بالإضافة إلى أن المخطوطات المحفوظة في قاعة  هرتزل في الكنيست توضح أن حدود إسرائيل لا تشمل الأردن فقط بل تشمل أيضًا الأراضيَ التي تقع ما بين النهرين وما بين خيبر في السعودية وحلب في سوريا .

وعن الأسباب التي منعت من صياغة دستور في إسرائيل، أوضح " قديح" أن سبباً رئيسياً في عدم صياغته، وهو أن علماء القانون الذين أشرفوا على صياغة الدستور عشية اعلان قيام الدولة، كانوا يتبعون لأفكار سياسية مختلفة، واستنتجوا بأن صياغة دستور مكتوب سيساهم في توتير الوضع الداخلي، لأن كل جهة سياسية ودينية تريد أن تلقي بظلالها على صياغة الدستور.

وأشار " قديح" إلى أن الكنسية الأرثوذكسية وهي التي تحكم إسرائيل، مقابلها التيار الديني الإصلاحي، والذي يتواجد رجاله في الولايات المتحدة الأمريكية، لديهم معتقد ليبرالية وأكثر انفتاحاً من تشدد الكنسية الأرثوذكسية، وهم يمثلون ميزان ومركز قوة لا يستهان بها في أوروبا وأمريكا، ويمثل أيضاً أوساطاً يهودية لها تأثيرها على وجود دولة إسرائيل وهم الضامن لبقائها، وأيضاً السبب الرئيسي لعمق العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والولايات الأمريكية مع اسرائيل، وهذان التياران لا يتفقان فيما بينهما، فكيف سيتفق باقي التيارات على دستور موحد؟.

وأضاف قديح ، أن هؤلاء العلماء برروا أيضاً عدم صياغة الدستور، لأنه في ذلك الوقت وحتى عقبة الخمسينات، كان غالبية شعبهم على حد قولهم في المنفى، فلمن يتم صياغة الدستور؟  لافتاً إلى أن  السبب الرئيسي لعدم صياغة دستور مكتوب هو ان الصياغة ستأثر على تماسك المجتمع ووحدة الدولة، وفي حال صياغة الدستور فإنه يؤجج الخلافات بين المذاهب والتيارات الدينية المختلفة.

ولفت قديح ، إلى أنه على صعيد المجال السياسي ، فإن اسرائيل يجب أن تحدد حدودها ورقعتها الجغرافية، ولكن عنصرها الأساسي حتى اليوم هو التمدد والسيطرة على الأراضي باستمرار، وهي تقيم على الأرض التي منحتها إياها الأمم المتحدة حسب قرار التقسيم، ولكنها تستمر بمصادرة الأراضي وعدم الانسحاب من أية أراضي، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تحدد حدودها ولا بقعتها الجغرافية.

و عن دور المجتمع الدولي في مطالبة إسرائيل بصياغة دستور، استبعد " قديح " تدخل المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي لا يتدخل في قضايا الدستور وغيرها إنما مهمته التدخل في حل النزاعات واعتداء شعب على آخر أو قوة على اخرى .

فيما لفت إلى أن تدخل المؤسسة العسكرية  في هذا السياق لا يكون  بقدر  تدخل المستوى السياسي و المؤسسات الدينية ، ولا يجوز له ذلك، ويعتبر خرقاً اذا تدخل على العلن.

يشار إلى أنه في تصريح خاص بأحد القادة العسكريين في إسرائيل عندما سُأل عن حدود إسرائيل فكان الرد "حدود دولتنا تصل حيث دباباتنا وأقدام جنودنا"، وهذا رد واضح على أن حلم حدود الكيان الصهيوني لن يقف على حدود دولة فلسطين فقط، بل يمتد إلى أكثر من ذلك.