عقبات تحول أمام إتمام الاتفاق

تركيا الحلقة الأضعف في المباحثات مع إسرائيل ... فهل يدفعها ذلك إلى التنازل عن شروطها ؟!

12957219_10207516103033921_1810729472_n
حجم الخط

 

لا تزال المباحثات التركية الإسرائيلية مستمرة، و ذلك عقب الإعلان عن اجتماع ضم وفداً تركياً وآخر إسرائيلي في العاصمة البريطانية "لندن"، وأعلنت وزارة الخارجيّة التركية أنَ المفاوضات مع إسرائيل بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين، حققت تقدّماً ملحوظًا، مشيرةً إلى أنَّ الاتفاق سيتبلور بشكل نهائي، في اللقاء الذي سيعقد قريباً بين طاقمي المفاوضات.

ولكن ما  كان لافتاً أنه لم يصدر عن الجانب الإسرائيلي أي تعليق رسمي حول هذا الإعلان، بالرغم من أنه كان قد استبق الجولة الأخيرة من المحادثات، تصريحات متشائمة من إمكانية نجاح المباحثات.

وأكد مصدر إسرائيلي على أن الاجتماع جرى فيه بحث كافة القضايا المدرجة على جدول الأعمال، مشيراً إلى أن العقبات المتبقية أمام إبرام الاتفاق، هي ظروف قطاع غزة ونشاط قياديّي حركة "حماس" على الأراضي التركيّة، وبشكلٍ خاص القيادي في الحركة صلاح العاروري، الذي تتهمّه إسرائيل بالتخطيط لإعادة إقامة البنية التحتية لحركة حماس في الضفة الغربية المحتلّة، وبات من الواضح أنّ إسرائيل بعد بلاغ وزارة الخارجيّة التركية، لم تهتم بتحديد توقيت إنجاز الاتفاق بين الطرفين.

قال المحلل السياسي هاني حبيب لـ "وكالة خبر"، إن محاولات حثيثة كانت تجري قبل عدة أشهر بين كلا الطرفين من أجل إعادة العلاقات التركية الإسرائيلية إلى مسارها، و ذلك بسبب حاجة إسرائيل لهذه العلاقة، نظراً للدور الإقليمي لتركيا  في المنطقة، وخاصة الجانب الاقتصادي.

 وأضاف، أن المصلحة التركية قائمة على تحسين العلاقات مع الجانب الإسرائيلي، و ذلك تحقيقاً لمصالحها في منطقة الشرق الأوسط، ما أسهم في تقارب رؤية الطرفين.

و أشار حبيب، إلى أن التدخل الروسي في منطقة الشرق الأوسط أسهم في تغيير موازين المعادلة، وحطم الطموح والآمال التركية في المنطقة، و ذلك بسبب طمع تركيا في إقامة إمارة جديدة لها في الشرق الأوسط، مضيفاً أن التدخل الروسي حطم الآمال التركية وجعلها خيالاً يستحيل تحقيقه.

و لفت حبيب إلى أن أردوغان أعلنها بشكل صريح في أحد خطاباته، بالقول إن "تركيا" و"إسرائيل" لا يمكنهم الاستغناء عن علاقاتهم، مشيراً إلى أن فشل تركيا في الكثير من المواقف جعلها الحلقة الأضعف في المفاوضات مع إسرائيل، ودفعها إلى التنازل عن الكثير من مطالبها وذلك لحاجتها لإتمام هذا الاتفاق.

 و أشار إلى أن الاندفاع التركي بالإعلان من قبل وزير خارجيتها، من طرف واحد دون إعلان الجانب الإسرائيلي حتى اللحظة أي نتاج عن تلك الاجتماعات، يعطي مؤشرات واضحة بأن إسرائيل هي المتحكمة بالوضع العام.

و تابع حبيب، بأن أردوغان في الوقت الراهن يريد أن يتنازل عن الكثير من مطالبه السابقة لتدخله في الأراضي السورية، وذلك لأن أردوغان وجد  نفسه وحيداً في الحرب ضد القوات الكردية التي خلقت معادلة جديدة في المنطقة.

و من جانب أخر قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية الدكتور عثمان عثمان لـ "وكالة خبر"، إن العلاقة التركية الإسرائيلية مرت بأزمات كبيرة خلال العام 2010م، و ذلك عقب اعتراض سفينة "مرمرة" التركية، مشيراً إلى أن تركيا وضعت شروطاً على إسرائيل لعودة العلاقات، وقابلتها إسرائيل بالرفض في حينها، وفي الوقت الحالي يتضح أن إسرائيل تراجعت عن الرفض و وافقت على بعض النقاط.

و اعتقد عثمان، أن إسرائيل سوف توافق على كافة المتطلبات، نظراً لأنها تريد أن يكتمل هذا الاتفاق القائم بين الجانبين، مشيراً إلى أن  تركيا تعد الأكثر حاجة إلى هذا الاتفاق لكونها الحلقة الأضعف، بسبب التخلي الأوروبي عنها، وأيضاً المواجهة في سوريا كبدتها الكثير من الخسائر في المنطقة .

 و شدد عثمان على أن المشروع التركي لن يتوج بالنجاح، وذلك بسبب العقبات التي تواجهها تركيا، وهما السلطة الفلسطينية و جمهورية مصر العربية، مؤكداً على أن الجانب الفلسطيني رفض المشروع التركي بشكل صريح، لعدة اعتبارات أهمها أن السلطة تعتبر هذا المشروع يعزز من تواجد حركة حماس في  قطاع  غزة و الضفة الغربية.

و أوضح أن  السلطة  تنظر للأمور على أنها تسير خارج الإطار السليم، و ذلك لعدم إطلاعها على التفاصيل التي تدور في المنطقة، ومطالبتها بأن تكون جملة الأمور تسير من خلالها، مضيفاً بأن السلطة تعتبر ما تقوم به الحكومة التركية اختراق دبلوماسي واضح، و ذلك لتجذر العلاقة بين حركة حماس و الحكومة التركية، ما أسهم في خلق العديد من الشكوك في هذه المفاوضات.

ولفت عثمان إلى أن جمهورية مصر العربية ترفض جملة هذه الاتفاقيات، التي تجري بين الطرفين التركي والإسرائيلي، وذلك  لعدة اعتبارات إقليمية، أهمها الرفض المصري لوجود أي دور لتركيا في فلسطين.

و اعتبر عثمان، أن ما يدفع تركيا إلى الإقدام على توطيد العلاقة مع إسرائيل، لأنها محور أمريكي أوروبي بارز في المنطقة، وفي المقابل فإن الموقف التركي مع الدول الأوروبية متوتر، وبالأخص مع حلف الناتو التي هي عضو به، موضحاً أن تركيا تحتاج إلى هذه العلاقة في محاولة منها للعودة إلى المحور الإقليمي من جديد.