في اليوم الأول من شهر مايو من كل عام ، يحتفل العالم بعيد العمال، وذلك تكريماً لهم، وتأكيداً على دورهم الوطني والاقتصادي والاجتماعي، ولكن العمال في فلسطين بشكل عام، وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، يستقبلون هذا اليوم بمزيد من البطالة والفقر والمعاناة المتفاقمة.
فهذه المناسبة تجسدت بتضحيات العمال ودمائهم، التي سالت وامتزجت بعرقهم ، لتعلو أصواتهم ضد الظلم وكافة أشكال الاستبداد والاستعباد، وأصبح الاحتفال بهذا اليوم مختلفًا عن سابقه، حيث لم يعد العمال يحتفلون بهذه المناسبة التي تمثلهم، بل باتوا يطالبون بتحسين الظروف المعيشية الصعبة، وإقرار المزيد من الحقوق والقوانين التي تكفل الحياة الكريمة لهم ولعائلاتهم .
قال المحلل السياسي علاء خضر لـ "وكالة خبر"، إن شيوع ظاهرة العقود المؤقتة في العمل لا يعطي العامل حقوقه كاملة، حيث أن الكثير من أرباب العمل لا يحترمون الحد الأدنى للأجور في فلسطين، كما لا يهتمون لتأمين الحقوق التي تخص العمال .
وأشار الخبير الاقتصادي معين رجب، إلى أن الحصار الاقتصادي يقع ضمن السياسة الممنهجة لدى العدو الإسرائيلي، من خلال محاولته ابتزاز الفلسطينيين وصرف نظرهم عن قضاياهم المصيرية، من أجل دفعهم إلى الهجرة خارج فلسطين، وتحويل فلسطين إلى منطقة غير صالحة للعيش .
ولفت عضو الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان صلاح عبد العاطي، إلى أن الأوضاع الراهنة هي الأسوأ في تاريخ الحركة العمالية في فلسطين، حيث وصلت نسبة الفقر في فلسطين إلى ما نسبته 60%، في حين كان قطاع غزة الأكثر ارتفاعاً بنسبة 70%.
وتابع خضر، أن وضع العمال في فلسطين صعب للغاية، حيث أن الكثير من العمال يلجؤون إلى العمل في الداخل الفلسطيني، وذلك بسبب انعدام الحقوق والأمان الوظيفي و التأمينات الصحية.
وأضاف رجب أن التقارير الدولية أكدت على أن قطاع غزة لن يكون صالحًا للعيش مع حلول عام 2020، منوهاً إلى أن هذا الأمر ناتج عن تردي الأوضاع المعيشية بشكل متعمد من حيث الحصار والانقسام وعدم تفعيل إعادة الإعمار والبناء وفرض قيود من وقت إلى آخر وتقييد حركة سكان القطاع، وبالتالي لا يقوى المواطن على تلبية احتياجاته الأساسية.
وأوضح عبد العاطي أن هناك قرابة 30 ألف عاملًا عاطلين عن العمل في غزة، كما أن العاملين المسموح لهم بالعمل داخل الأراضي المحتلة يعانون من الحواجز.
ولفت خضر إلى أن الكثير من العمال الذين تنتقص حقوقهم، لا يتجرؤون على تقديم شكوى إلى المؤسسة ذات العلاقة بحقوقهم، خوفاً من طردهم من عملهم، ما يدفهم إلى التخلي عن حقوقهم.
وقال عبد العاطي، إن القطاعات الاقتصادية تمر بأزمة خانقة بسبب استمرار الحصار وعرقلة عمليات الإعمار،حيث أن وضع العمال في تراجع مستمر، بسبب الإجراءات الإسرائيلية على الصعيد البحري والقطاع الصناعي والزراعي.
وأوضح رجب أن القطاعات الأساسية كالزراعة والصناعة تعمل في الحد الأدنى فقط، حتى لا يحدث اكتفاء ذاتي واستقرار لرجال الأعمال وتوسع في الاستثمار.
وأكد عبد العاطي، على ضرورة إيجاد حلول جدية وسياسات واضحة لمعالجة البطالة وحماية حقوق العمال، داعيًا وزارة العمل وكافة الجهات المختصة إلى بذل الجهود من أجل ضمان الحد الأدنى للأجور، وحل مشكلة الموظفين في قطاع غزة، ووضع السياسات للحد من البطالة المتفاقمة، من خلال توفير فرص عمل للخريجين والعاطلين عن العمل والتركيز على التعليم المهني والتقني وإيجاد مشاريع تنموية للشباب.
وشدد خضر على ضرورة وضع وجود قانون فلسطيني منصف يتم تطبيقه على أرض الواقع، بحيث تقوم المؤسسات المعنية و وزارة العمل بمراقبة العمال ومعرفة ما إذا كانوا يتلقون حقوقهم كاملة من عدمه.
وتوجه عبد العاطي بالتحية إلى كافة العمّال الفلسطينين والعاطلين عن العمل والفقراء مع حلول اليوم العالمي لعيد العمال، معرباً عن أمله في أن تتكاتف الجهود من أجل حماية حقوق العمال والطبقة العاملة .