مشادات إعلامية وتصريحات صدرت مؤخراً بين طرفي الانقسام الفلسطيني حركتي فتح وحماس، أسهمت في تأجيج الخلاف القائم بين أكبر الفصائل الفلسطينية، هذه المشادات جاءت بالتزامن مع إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن عزمه التدخل من أجل إنهاء الخلاف بين الحركتين، وزيارة وفد حركة الجهاد الإسلامي إلى القاهرة تلبية لنداء الرئيس المصري، ولتمهيد الأجواء من أجل دعوة الفصائل الفلسطينية لحوار شامل في القاهرة.
حيث أن تصريحات عضو المكتب السياسي للحركة د. محمود الزهار بحق الرئيس الفلسطيني الراحل وزعيم حركة فتح ياسر عرفات، وتوالي الردود الفتحاوية الرافضة لهذه التصريحات، أسهمت في تأجيج الخلاف وتعميقه، وسرعان ما اعتبرت حركة فتح أن هذه التصريحات رفضاً من حماس لأي جهد مبذول لإنهاء الانقسام الفلسطيني، ويبقى التساؤل القائم هل يستطيع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن ُجبر طرفي الانقسام على الجلوس لطاولة الحوار والبدء بحوار جدي.
وكان وفداً من حركة الجهاد الإسلامي التقى القيادة المصرية، من أجل العمل على ترتيب لقاء يجمع كافة الأطراف الفلسطينية، حيث أثمرت هذه الزيارة عن توجيه دعوة لحركتي فتح وحماس لزيارة القاهرة بحسب مصادر مصرية، صرحت صباح اليوم الأحد أن الحركتين تلقوا دعوات من أجل البدء في حوار ينهي الصراع بين الحركتين وينهي حالة الفرقة بينهم.
وطرحت هذه التداعيات على الساحة السياسية الفلسطينية معادلة مختلفة، حاول العديد من المحللين أن يفسروها عبر آرائهم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، معتبرين أن المشهد الفلسطيني القائم يحمل في طياته العديد من المفاجئات الصادمة خلال الفترة القادمة.
ووصف غالبية المحللون زيارة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان عبد الله شلح ونائبه زياد النخالة إلى جمهورية مصر العربية بالضرورية والهامة، والتي بحثت كافة القضايا العالقة، ومن الممكن أن توجد حلاً لأزمة معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة والجانب المصري.
ويشار إلى أن نائب العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد النخالة، قال إنه من الواجب على الكل الفلسطيني طرق الأبواب الموصدة من أجل خلق بارقة أمل ولو بسيطة للتفريج عن أهالي قطاع غزة.
وأجمع عدد من المحللين على أن حركة الجهاد تمكنت من طرح جملة من القضايا خلال لقاءها الجانب المصري، أهمها قضية فتح معبر رفح وملف إعادة إعمار قطاع غزة، لافتين إلى أن الجانب المصري مهتم بمقترحات حركة الجهاد من أجل حل كافة القضايا العالقة والخروج من الأزمة الراهنة، وتجسدت هذه الجهود بدعوة طرفي الانقسام إلى لقاء يجمعهما في القاهرة قريباً.
وقال المحلل السياسي حسن عبدو عبر صفحته الشخصية على "الفيس بوك"، إن لقاء الجهاد الإسلامي بالقيادة المصرية، مثل وعي الحركة وقدرتها على توظيف هذه الزيارة لصالح القضية الفلسطينية.
أوضح المحلل السياسي د. ماهر شامية خلال حديثه لـ "وكالة خبر"، أن الواقع الذي نعيشه من تداعيات قائمة يدل على عدم وجود نية صادقة لدى حركة حماس في إنهاء الانقسام، لافتاً إلى أن عدم رد حماس على تصريحات الزهار تعكس رضى الحركة عنها، وتؤكد على أن الزهار لم يتحدث بشكل فردي، بل كان يتحدث بلسان الحركة.
و أضاف شامية، أن مصر ستكون صارمة هذه المرة ولن تسمح بفشل هذه المبادرة، وذلك لعدة اعتبارات أهمها الرغبة المصرية في تحقيق إنجاز على صعيد القضية الفلسطينية، وإثبات ثقلها وقوتها في المنطقة من جديد.
و من جهته قال المحلل السياسي سعيد زيداني لـ "وكالة خبر"، إن حماس تفعل ما تشاء كيفما تشاء ولا أحد يستطيع أن يقف في وجهها وتعلق ذلك على شماعة الحصار، لافتاً إلى أن المبادرة المصرية الحالية ستكون حاسمة، ولن تسمح مصر بتخاذل أي طرف تجاهها، وذلك من أجل إزالة أي شبهة عنها في أنها تعزز الحصار المفروض على قطاع غزة.
و أشار شامية، إلى أن مصر لا ترغب بأي تدخل خارجي في الشأن الفلسطيني، وذلك من أجل ضمان أمنها العام المتوتر بالأساس.
و اعتبر زيداني، أن تصريحات محمود الزهار مدروسة و ليست عفوية، وتهدف إلى إشغال الشارع الفلسطيني عن الواقع الذي يعيشه المواطنين في غزة من حصار وبطالة وفقر.
و أضاف شامية، أن حركة حماس أكثر حنكة من حركة فتح، كونها استطاعت أن تشغل الشارع الفلسطيني عن الأزمات التي يعيشها قطاع غزة، حيث أنه و في هذه الأيام يتم الحديث مجدداً عن تفعيل ملف المصالحة ويتم بعدها الإعلان عن فشل المباحثات، لافتاً إلى أن مصر أكثر حنكة من الطرفين ولن تسمح لأي منهم أن يفشل هذه المبادرة.
و لفت شامية، إلى أن حركة فتح سوف تغتنم هذه الفرصة، خاصة أن علاقة مصر مع السلطة الفلسطينية قوية، و هناك العديد من التفاهمات بين الطرفين، على عكس حركة حماس التي ينتاب علاقتها بالجانب المصري بعض الشوائب.
ويشار إلى أن مصادر مصرية صرحت صباح اليوم، أن الجانب المصري وجه دعوة لحركتي فتح وحماس، من أجل البدء في حوار جدي بين الطرفين يُنهي حالة الانقسام القائمة منذ حوالي تسع سنوات، وذلك عقب تأكيد الرئيس المصري على ضرورة إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام.