تيار حريدي عريض يسعى للانفصال عن المجتمع الإسرائيلي

Hadas-Parush
حجم الخط

كان هذا متوقعاً. فصاحب العينين المفتوحتين يرى ما يحدث، الفجوات الثقافية، الحوار والعادات في الكنيست، ومعارك الحاخامات. ورغم ذلك لم يلاحظ الكثيرون حتى خطاب الحاخام لفنشتاين. في العام 1950 كان رجال الكيبوتس الموحد هم النخبة السياسية والعسكرية في اسرائيل. نسبة قليلة في دولة جديدة، لكن تلك النسبة رسمت الحدود وقامت ببناء الجيش. كان لهم حاخامات علمانيون – الماباميون – تضامنوا مع الأم روسيا، المعتدلون – المبايينيون – أيدوا المعسكر الغربي. بعد جدل طويل قرروا الانفصال. بدأ ذلك في كيبوتس أسدوت يعقوب وانتقل الى عين حرود ومن هناك تحطم السد.
بدأت الصهيونية الدينية بالتمرد على حاخامات القرن التاسع عشر، الذين اعتبروا الارث حول المسيح أمرا قديما وقرروا أنه يمكن إحداث الانبعاث بأنفسهم، وانضموا الى الحركة الصهيونية العلمانية. تحولت الصهيونية الدينية من حركة حاخامات الى حركة الجموع الغفيرة، ودمجت بين التوراة والعمل، العلمانية والدين، بشكل لم يعرف أحد تعريفه. في جيل آبائي تعلم الشباب والشابات معا، وخرجوا الى الحفلات وقاموا بتطويل شعورهم، ولبسوا الملابس القصيرة التي كانت تأتي من اميركا. وفي يوم السبت ذهبوا الى الكنس وفي الانتخابات صوتوا لـ»المفدال» الذي كان يساريا أكثر من «مباي».
التغيير السياسي هو نتيجة للحاخام كوك الابن. هكذا ايضا بداية حركة الاستيطان. إلا أن هذه العملية لم يُضف إليها بعد التطرف الديني. في الحاضرة الدينية التي ترعرعت فيها كانت السباحة في برك مختلطة، رقص النساء والرجال معا الرقص الشعبي، وفرقة الحاضرة لم تهتم أبدا بسؤال من يسمح له أو يمنع من الاستماع.     
تغيرت كل تلك الامور. العام 1950 لحركة الكيبوتسات هو العام 2016 للصهيونية الدينية. عام الفصل. تياران مركزيان قائمان الآن: الحريديون القوميون والمتدينون الليبراليون. لكل تيار حاخاماته الخاصون ولغته وعاداته التي تخصه. في مدارس التيار الحريدي يفصلون بين الاولاد والبنات منذ الروضة، أما في التيار الثاني، فيوجد في المدارس اختلاط بين المتدينين والعلمانيين، وفي مئات الكنس تخطب النساء بأقوال التوراة. طريقة ملابس التيار الحريدي تذكرنا ببني براك – القمصان البيضاء والسوالف والقبعات الكبيرة. وفي الجانب الآخر ملابس علمانية – بنطالات للنساء وقبعة صغيرة للرجال. المظهر الخارجي يدلل على الفوارق الايديولوجية. الانفصال أمام الاندماج.
أعترف أن خطاب الحاخام لفنشتاين ضبطني وأنا غير جاهز. لم يفاجئني موضوع النظر الى المثليين. هناك مثليون ومثليات في الصهيونية الدينية. ويوجد حاخامات في الخزانة. هذا ممنوع في التوراة، ويصعب دائما على الحاخامات مواجهة ذلك. الامر الذي فاجأني هو كل ما عدا ذلك. حقيقة أنه في معهد الاعداد الذي اشار الى اندماج الصهيونية الدينية في الواقع الاسرائيلي، نشأ تيار كبير، حريدي انفصالي، وايضا التعامل المتعالي تجاه الجيش بشكل يناقض التواضع الذي يحث عليه الدين.
مثل رجال الكيبوتس الموحد في العام 1950 فان رجال الصهيونية الدينية يوجدون في مراكز القوة. عندما يشتكي الحاخام لفنشتاين من روحية الجيش فانه يشتكي من عشرات الضباط الذين كبروا هناك. بعضهم يعتمرون القبعة وبعضهم لا، لكنهم جميعا من المصنع ذاته. عندما يتحدث بهذا الشكل عن العلمانيين والاصلاحيين وعن القيم الليبرالية، فهو يقدس الانفصالية و»نحن» مقابل «هم»، وهذا مخالف لمبدأ الوحدة.
داخل كل ذلك يوجد نفتالي بينيت، الذي وحد التيارات من اجل احتياجات سياسية، وفرض عليهم فصل الباحثات الاجتماعيات. الحريديون مع افضل ما لديهم في مجال المساعدة، واسوأ ما لديهم بالتطرف في اتجاه نهايته الاندماج الكامل في المجتمع الحريدي، والمتدينون الليبراليون الذين نهايتهم التوحد مع مجموعات اخرى في المجتمع الاسرائيلي. اقوال لفنشتاين ورد بينيت هي اجراس مسيح الانشقاق.