اثارت عمليات تسليم المطلوبين في مخيم عين الحلوة لانفسهم الى مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب والتي بغت نحو 17 في غضون اسابيع قليلة، تساؤلات عن حقيقة ما يجري وما اذا كان هناك "تسوية" ما، فيما سارعت مصادر عسكرية للتوضيح بانه لا يوجد صفقة" وانما "القضاء ينظر نظرة ايجابية لمن يسلم نفسه ويأخذ عندها بالاسباب التخفيفية الادنى".
اكدت مصادر فلسطينية وجود تعاون وثيق بين مخابرات الجيش اللبناني والقوى الفلسطينية في عين الحلوة، في عملية تسليم المطلوبين لانفسهم وتفكيك "الالغام الموقوتة" لجهة المطلوبين من انصار الشيخ الموقوف احمد الاسير، او "المجموعات الاسلامية المتشددة" التي تشكل هاجسا لدى القوى اللبنانية من مغبة القيام بعمل امني في الداخل اللبناني انطلاقا من المخيم في ظل ما يجري في سوريا من تطورات سياسية وامنية متسارعة.
واعتبرت المصادر، ان استمرار عملية تسليم المطلوبين لانفسهم جاء بعد نجاح مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد الركن خضر حمود بتقديم تسهيلات لجهة سلاسة التحقيقات والاسراع بانجازها وتحويل الملف على القضاء ما ترك اصداء ايجابية وحقق انجازا في هذا الملف الذي بقي عالقا منذ عقود من الزمن نتيجة الصورة المرسومة عن سوء التوقيف.
ميدانيا، سلم شقيقا القيادي الاسلامي بلال بدر "شراع واحمد" بدر، نفسيهما الى مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب في خطوة لافتة، وهما مطلوبين بعدة مذكرات توقيف وبتهمة الانتماء الى "فتح _ الاسلام"، وذلك بعد قيام كل من الفلسطيني غالب حجير وهو عم بدر نفسه (والد خطيبته) و(مروان. ص) بتسليم نفسيهما الى مخابرات الجيش اللنباني في الجنوب في ثكنة محمد زغيب العسكرية وطارق شهابي وهو ابن شقيق القيادي الاسلامي اسامة شهابي الى شعبة المعلومات في الامن العام ليرتفع عدد الذين سلموا انفسهم في غضون شهر واحد الى 17 مطلوبا، ابرزهم نجل قائد كتائب عبد الله عزام توفيق طه محمد وشقيق الفنان فضل شاكر محمد شمندور.
توضيح عسكري
بالمقابل، اوضحت مصادر عسكرية أن "ما يحصل في ملف المطلوبين لا يعني مطلقا وجود أي صفقة بين من يسلمون أنفسهم والجيش"، مشيرة الى ان الامر هو عملية تسليم للنفس من قبل مطلوبين للدولة، وقام الجيش بتلقف هذه المبادرة بشكل ايجابي"، مؤكدة أن "عددا من الفعاليات يتواصلون مع المطلوبين ومعنا بحيث وجد هؤلاء المطلوبون ان الدولة اللبنانية صادقة ويسري فيها القانون وللقضاء فيها الدور الاوحد في محاسبة المخلين، فمثلاً ابن شقيق فضل شاكر "عبد القدوس شمندر" الذي سلم نفسه منذ شهر اخرجه القضاء عندما وجد ان ليس عليه ما يوجب توقيفه، وبالتالي الجميع خاضع للقانون ولا شيء سواه"، مشيرة الى أن "عدد الذين سلموا انفسهم حتى الساعة قد بلغ 17 مطلوبا"، داعية "كل من هو مطلوب من قبل الدولة اللبنانية الى ان يسلم نفسه"، لافتة النظر الى ان "القضاء ينظر نظرة ايجابية لمن يسلم نفسه ويأخذ عندها بالاسباب التخفيفية الادنى"، مؤكدة ان عمليات التسليم مستمرة، وتوقعت أن ترتفع وتيرتها في الساعات المقبلة، شدّدت ختاماً على ان "الجيش لا يساوم على دماء شهدائه ولا يتاجر بها ولا يجري صفقات تحت الطاولة".
الشباب المسلم
وعلى وقع التسليم، وفي خطوة لافتة ومفاجئة اعلن "تجمع الشباب المسلم" في عين الحلوة الغاء التجمع لان المصلحة تقتضي ذلك في هذا الظرف ومنعا لاستغلال الاسم لمصالح سياسية دينيوية وذلك عبر بيان نشره على مواقع التواصل الاجتماعي وقال فيه "نحن إخوانُكم وأبناؤُكم في "تجمع الشباب المسلم" نُعلن بعد الدراسة والبحث والتفكير إلغاء "تجمع الشباب المسلم" لأننا رأينا المصلحة في هذا الظرف تقتضي ذلك ونهدف من هذه الخطوة بداية الحفاظ على أهلنا وأعراضنا في المخيم ثم منعُ أيِ فرصة من أيِ جهة تستغِل هذا الإسم من أجل مآرب سياسية دنيوية لا تخدم الا المتربصين بنا، فالتجمع كان فيه مصلحة لأهلنا في المخيم لذلك اجتمعنا واليوم نرى من يُريد استغلاله لضرب اهل المخيم بعضه ببعض ونحن نعلم بأن درء المفاسد مُقدم على جلب المصالح لذلك أقدمنا على هذه الخطوة درءً للمفسدة المُتوقَعة.
واردف البيان: فكلنا يُتابع عن كثب الهجمة الإعلامية على المخيم والإصرار عليها بتوجيهات داخلية وخارجية، وبات الجميع يعرف مآلات هذه الحملة الإعلامية المُسيَسة والمُحرِضة والكاذبة، فنحن كمسلمين أمَرنا الله جلّ جلاله أن يُحافظ بعضنا على بعض وأن لا نجعل لأهل المكر والكيد علينا سبيلاً لذلك تنازلنا عن مصلحة التجمع لمصلحة المخيم، نحن نعاهد أهلنا أن نبقى مدافعين عنهم ولن يروا مِنا إلا كل خير ولسوف نتعاون سوياً على البِر والتقوى ونسعى دائما لأن نقف في وجه كلِ المشاريع التخريبية التي تسعى لتدمير المخيم وتهجير أهله ولن يكون هذا الأمر إن شاء الله وان هذا أخر بيان يصدر بإسم " تجمع الشباب المسلم".
جولة سياسية
سياسيا، واصل وفد "اللجنة الامنية الفلسطينية العليا" في لبنان برئاسة قائد "الامن الوطني الفلسطيني" في لبنان اللواء صبحي ابو عرب جولاته على القوى السياسية في صيدا، حيث التقى كلا من عضو المكتب السياسي في حركة امل المهندس بسام كجك والمسؤول التنظيمي للحركة في مدينة صيدا محمد دياب في مقر الحركة في حارة صيدا، والعلامة السيد محمد حسن الامن في منزله في صيدا، حيث ووضعهما في اجواء اﻻتصاﻻت التي تقوم بها اللجنة الامنية مع القوى والفعاليات السياسية في صيدا لوضعها في تفاصيل الجهود والخطوات التي تبذلها القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة لتعزيز مناخات الهدوء اﻻستقرار اﻻمني في مخيمات صيدا وحرص الفصائل وابناء المخيمات على تمتين علاقات اﻻخوة بين المخيمات وابنائها وفعالياتها مع مدينة صيدا والجوار.
ووجه الوفد الفلسطيني، شكره وتقديره لحركة "أمل" ورئيسها رئيس مجلس النواب نبيه بري على مواقفهم الداعمة لنضال الشعب الفلسطيني في مقاومته الاحتلال "الصهيوني" ومشاريعه التهويدية للمقدسات الاسلامية والمسيحية في المسجد اﻻقصى والقدس الشريف.
بينما جدد كجك التأكيد على وجوب ان تبقى كل الجهود والطاقات موجهة باتجاه العدو "الصهيوني" الذي ﻻ عدو للامة ولفلسطين سوى الكيان "الصهيوني" الذي وحده المستفيد من اي احتراب واقتتال داخلي ومن تفرق العرب والمسلمين عن قضيتهم اﻻم قضية فلسطين.
وأعرب اللواء ابو عرب باسم الوفد الفلسطيني، عن حرص القوى الفلسطينية على بناء افضل علاقات مع القوى اللبنانية السياسية والامنية لما يخدم امن واستقرار المخيمات والجوار اللبناني، ويفوت الفرصة على المصطادين بالماء العكر لايقاع الاقتتال الداخلي والفتنة، مرحبا بخطوة تسليم المطلوبين في مخيم عين الحلوة لانفسهم الى القوى الامنية والعسكرية اللبنانية.
بارد وعين الحلوة
فيما التقت القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة برئاسة أمين سرها الشيخ جمال خطاب بلجنة الإصلاح في مخيم نهر البارد، في مركز النور الإسلامي، حيث جرى بحث الأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية المزرية التي يعاني منها سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان وكيفية التعاطي معها وطرق حلها، لا سيما هموم ومشاكل مخيمي عين الحلوة ونهر البارد، لما لهما من رمزية بملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والمنطقة وتم الاتفاق على إبقاء التواصل والتناصح فيما بينهم، بهدف الحفاظ على المخيمات وأهلها وتطويق الإشكالات أو الأحداث الأمنية التي قد تحصل في أي مجتمع يعيش نفس ظروف المخيمات في لبنان.
تعزيز الوحدة
وفي بيروت، عقدت قيادة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية إجتماعا في سفارة دولة فلسطين في بيروت، حضره أمين سر فصائل منظمة وحركة "فتح" وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات وقادة وممثلو الفصائل الوطنية والإسلامية حيث ناقشت الأوضاع الفلسطينية العامة وآخر التطورات المتعلقة بالقضية الفسطينية وأوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، خاصة في مخيم عين الحلوة وخلصت بالتأكيد على أهمية تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية والعمل الفلسطيني الموحد من أجل حماية الوجود الفلسطيني في لبنان، وتعزيز العلاقات الأخوية اللبنانية والفلسطينية لدعم الأمن والإستقرار والسلم الأهلي، حيث أن المنطقة العربية برمتها تمر في مرحلة دقيقة وخطيرة.
أعربت القيادة الفلسطينية عن رفضها وإدانتها لكل أنواع التحريض على المخيمات الفلسطينية، خاصة على مخيم عين الحلوة، والتي طاولت القيادة الفلسطينية والرموز الوطنية المعروفة بعملها الدؤوب والمخلص من أجل حماية الوحدة الوطنية الفلسطينية والوجود الفلسطيني في لبنان، وإبعاد شبح الفتنة المتنقلة المتلبّسة لبوس الفتنة والتحريض، لضرب نضال ووحدة أهلنا وشعبنا الصابر الصامد في المخيمات الفلسطينية، ولضرب وزعزعة وعي وتعاون وتكاتف شعبنا في المخيمات من أجل المصلحة الوطنية العليا للشعبين اللبناني والفلسطيني الشقيقين.
وأعربت القيادة الفلسطينية عن شكرها وتقديرها للبيانات والتصريحات التي صدرت عن عدد من المسؤولين اللبنانيين على المستويات الرسمية السياسية والأمنية والعسكرية والحزبية، خاصة تصريحات المدير العام للأمن العالم اللواء عباس إبراهيم ومدير مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد خضر حمود، وما صدر على لسانهم من تصريحات نشرت في كافة الصحف ووسائل الإعلام التي أوضحت حقيقة الموقف الفلسطيني الإيجابي والتعاون المشترك والتنسيق الدائم بين الفصائل الفلسطينية والسلطة اللبنانية والمخيمات الفلسطينية وخاصة ما يتعلق منها بمخيم عين الحلوة، حيث تم التاكيد على استمرار التنسيق والتعاون بين مختلف مكونات القيادة الفلسطينية والفصائل والقوى الوطنية والإسلامية واللجنة الأمنية العليا والقوة الأمنية المشتركة من أجل إستكمال تثبيت وتعزيز الأمن والإستقرار ومحاسبة المخلّين وتحقيق العدالة الإجتماعية للجميع، وأعربت القيادة الفلسطينية عن أرتياحها وترحيبها بقيام بعض المطلوبين بتسليم أنفسهم للدولة اللبنانية من خلال التعاون المشترك بين الجانبين اللبناني والفلسطيني.
وجددت القيادة الفلسطينية تأكيدها على أهمية إستمرار التعاون والعمل المشترك وبذل الجهود والإتصالات مع الجهات المعنية لتنفيذ المذكرة المرفوعة للأنروا والتي تضمَنت مطالب تتعلق بالأوضاع الصحية والتعليمية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، إضافة الى الملفين المتعلقين بـ"مخيم نهر البارد" والنازحين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان.
وأكدت القيادة الفلسطينية على أهمية وضرورة تنشيط وتفعيل الإتصالات واللقاءات مع الجهات الرسمية للدولة اللبنانية ومع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني من أجل تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينين في لبنان، وتحقيق الحقوق المدنية والإجتماعية والإنسانية، وهذا يصب في المصلحة اللبنانية الفلسطينية المشتركة، وحيت القيادة دور اللجان الشعبية وهيئات المجتمع المدني وجماهير شعبنا في المخيمات الذين أبدوا كل التعاون والحرص على أمن واستقرار المخيمات.