أوباما لنتنياهو: أنا راحل وأنت باقِ.. فماذا عن الفلسطينيين؟

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

في مستهل لقائه برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أشهر الرئيس الأميركي باراك أوباما قلقه من استمرار البناء في المستوطنات. وعلى الرغم من أن اللقاء في جوهره كان مُعدّاً لتلقي الشكر من نتنياهو على المعونة الأميركية لإسرائيل للعقد المُقبل بقيمة 38 مليار دولار، فإن أوباما استغلّه لتأكيد موقف سياسي يُظهر فيه الاختلاف مع حكومة اليمين في الدولة العبرية. وعلى الرغم من ذلك، فإن نتنياهو لم يتجاوب مع رغبة اوباما في إظهار رؤيته للتسوية مع الفلسطينيين، وأعلن أن أميركا ستظلّ الصديق الأكبر لإسرائيل.
وقد التقى نتنياهو وأوباما، في مقرّ إقامة الأخير في نيويورك، حيث وصل لحضور دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وهذه هي آخر دورة يُشارك فيها أوباما كرئيس للولايات المتحدة، لكن نتنياهو الذي صار في السنوات الأخيرة يُصرّ على الحضور لتأكيد «الحقيقة» الإسرائيلية، قد يستمر في المشاركة لسنوات مقبلة. وربما لهذا السبب، قال أوباما لنتنياهو: «أنا أُنهي مهام منصبي بعد قليل، وأنت باقٍ لفترة طويلة مقبلة. أريد أن أسمع منك رؤيتك بشأن الفلسطينيين».
وأعرب أوباما عن قلق إدارته من استمرار التوسّع الاستيطاني في الضفة الغربية. وكان لافتاً للانتباه أنه قال للصحافيين أيضاً إنه يأمل في أن يساعد في تمهيد الطريق للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وأشار أوباما إلى أنه يودّ أن يسمع من نتنياهو «عن الوضع في الضفة الغربية وعن العنف في الآونة الأخيرة».
وحسب كلامه «فإننا بحاجة لأن نبقي على قيد الحياة فكرة إسرائيل كدولة آمنة إلى جانب دولة فلسطينية». وقال أوباما إنه حريص على تنمية فرص أن تكون «إسرائيل مستقرّة، تعيش بسلام مع جيرانها وإلى جانب دولة فلسطينية». وأشار إلى أن «الصلة بيننا تستند إلى قيم متشابهة، وعلاقات عائلية، وإقرار بأن دولة إسرائيل اليهودية هي بين حلفائنا الأهم». وتناول ما اعتبره أحداث العنف الأخيرة، مُرسلاً تمنياته بالشفاء إلى الجرحى الفلسطينيين والإسرائيليين، موضحاً أن «هناك خطراً كبيراً للعنف، ونحن نأمل أن نتمكّن من أن نجد سوياً مع إسرائيل سبيلاً إلى السلام».
وشدّد أوباما على أن اتفاقية المعونة الأميركية تمنح «إسرائيل كل القدرات التي تحتاج إليها. فالعلاقات بين أميركا وإسرائيل لا يُمكن التراخي فيها». وقال إن «اتفاقية المعونة تُوفّر ثقة بالتعاون الأمني والاستخباري، وتوفّر اليقين في لحظة فيها الكثير من انعدام اليقين. وهذا يتيح لنا فرصة للحديث عن التحديات التي تبزغ في سوريا وعن الظروف في إسرائيل والضفة الغربية». وأكد أن «أمن إسرائيل مهمّ لأمن أميركا القومي».
وإفصاحاً عن مودّته لإسرائيل، قال اوباما: «سأزور إسرائيل بين فترة وأخرى بعدما أُنهي ولايتي لأن هذه بلاد جميلة». واستذكر في كلامه شمعون بيريز وقال إن «كل الشعب في أميركا، وأنا شخصياً، نُفكّر في شمعون بيريز ونتمنى له الشفاء».
في المقابل، أعلن نتنياهو ما كان مطلوبا منه في هذا اللقاء، وشكر أوباما على المعونة الأميركية. وقال إنه «ليس لإسرائيل صديق أفضل من أميركا، وليس لأميركا صديق أفضل من إسرائيل. صوتك سيبقى مسموعاً حتى بعدما تُنهي رئاستك. دوماً ستكون ضيفاً مرغوباً فيه في إسرائيل». وأضاف «أنني إلى الأبد، لن أتنازل عن هدف السلام». وقال إن «اتفاقية المعونة تضمن لإسرائيل أن تتمكّن من الدفاع عن نفسها في مواجهة كل المخاطر. شكراً لك».
وجرى اللقاء بين نتنياهو وأوباما على خلفية التوتر الشخصي الدائم بينهما، من ناحية، وعلى خلفية خطاب الأخير، أمس الأول، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والذي طالب فيه الفلسطينيين «بالتخلّي عن التحريض والاعتراف بشرعية إسرائيل، وأن تعترف إسرائيل بأنه لا يُمكنها احتلال أراضي الفلسطينيين والاستيطان فيها بشكل دائم».
وتخشى إسرائيل، بشكل واسع، من إقدام أوباما في الأيام الأخيرة من ولايته، على خطوة سياسية لا تُريدها إسرائيل سواء عبر إعلان رئاسي يُحدّد صورة الحلّ في المنطقة أو عبر تأييد خطوات في الأمم المتحدة أو في الرباعية الدولية. وربما لهذه السبب، حثّت إسرائيل أنصارها في الكونغرس على التوقيع على عريضة تُطالب أوباما بعدم تأييد أي خطوة دولية من طرف واحد. ووقّع على هذه العريضة 88 من أعضاء مجلس الشيوخ، على أمل أن يُشكّل هذا عنصر ضغط يمنع أوباما من أي خطوة من هذا القبيل. وينبع الخوف الإسرائيلي من احتمال إقدام أوباما، بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، على خطوة كهذه، يُرسّخ من خلالها تراثه ويرسم حدوداً للموقف الأميركي.
وتتّهم إسرائيل الإدارة الأميركية بأنها، في الأسابيع الأخيرة، تُشدّد من لهجتها ضدّ الاستيطان على لسان كبار المسؤولين والمتحدثين باسمها. وأكثروا مؤخراً من اعتبار الاستيطان «استفزازاً»، والإشارة إلى أن السياسة الإسرائيلية تُثير علامات استفهام كبيرة على مدى التزام نتنياهو بحلّ الدولتين.