لماذا يترك الرئيس وحيداً؟
الكاتب: خالد أبوقرع
قبل أيام و بعد حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس لجنازة بيريز في القدس، سرعان ما اشتعل الشارع الفلسطيني غضباً، ليعبر عن رفضه لمثل هذه الخطوة التي لم تُفهم إلا بطريقة واحدة لا بديل عنها، ألا و هي استفزاز الشعب و العمل بعيداً عن إرادته.
على رغم من أن هذه الخطوة ليست الوحيدة التي لا تحظى بدعم الشارع الفلسطيني، إلا انها كانت الأقوى بوجهة نظري، الأمر الذي أدى إلى وجود انتقادات داخلية من حركة فتح نفسها لمثل هذه الخطوة، ربما لكون هذه الخطوة جاءت في ظروف صعبة يمر بها الشعب الفلسطيني، و التي أدت إلى فقدان الثقة بكل شيء نتيجة الإحباط و اليأس الذي يعيشه يومياً من ممارسة الاحتلال و الأوضاع الاقتصادية ايضاً بشكل أساسي، و لكن ربما هناك خفايا وراء هذه الفجوة الموجودة بين الشعب و القيادة.
و لهذا يبقى السؤال الأهم : " لماذا يترك الرئيس وحيداً" ؟
بعيداً عن السياسة و ما وراء السياسة، لا بد من التأكيد على أهمية الحوار في كل شيء، سواءً كان في الخلاف أو التعاون، في الصداقة أو العداء، في الربح أو الخسارة، لهذا مثلاً في مرحلة الطفولة احياناً نسأل الأهل لماذا نفعل هذا؟ و لماذا لا نفعل ذاك؟، هي اسئلة بسيطة هدفها الأساسي توضيح الموقف حتى يتم ترسيخ قناعة بما يحدث حولنا.
وعندما كبرنا أصبح السؤال يتردد أكثر في المشهد السياسي، أصبحنا نسأل " لماذا يفعل الرئيس هكذا؟ " و لكن الفرق بين الصغر و الكبر أن الأهل في الحالة الأولى لديهم إجابة واضحة ربما لبساطة الموقف، أما في الكبر فإن الصغير يسأل الكبير و الكبير يسأل الصغير و لا يوجد إجابة احياناً.
في حقيقة الأمر، لا يمكن إنكار الفجوة الموجودة بين القيادة و الشعب و التي سببها الأساسي عدم وجود تواصل دائم و واضح خاصة في موضوع القرارات و السياسات التي يتم إقرارها. لهذا احياناً لا يلام الشعب لحالة الفوضى و التسرع الذي يعيشه، فمثلاً الشباب الفلسطيني لا يجد من يأتيه للجامعات لعقد محاضرات بشكل مستمر عن الوضع الراهن من قبل صناع القرار، محاضرات تحتضن المعارض قبل المؤيد و توضح جميع المستجدات مع الأخذ بعين الاعتبار اراء هؤلاء الشباب الذين يطمحون لقيادة المرحلة.
أما على الصعيد الإعلامي، لا نرى إلا نفس الأشخاص يتحدثون بكلام مشابه و أسلوب لا يتغير، أسلوب لو أخذ منحى آخر لكانت النتائج أفضل.
إذا كان الشعب لا يتقبل أشخاص منذ زمن طويل فهل سيتقبلون كلامه وأسلوبه؟
هذه قضية مهمة في عملية الوصول إلى الشعب و من ثم بناء جسر من التفاهم و الثقة مع الشعب، إذاً لماذا لا يتم تغيير و تطوير هذا المجال في الوصول إلى الشعب؟ إذا كان البعض يعتقد أن هذا المجال غير مهم فأعتقد انه ظلم لقب " السلطة الرابعة ".
أما المجال الأخير الذي سأتحدث عنه و الذي لا يقل أهمية عن كثير من المجالات، يتلخص في التقارب مع الشعب بكافة طبقاته من خلال كلمتين، المعاملة و الاهتمام. شعبنا ليس كأي شعب، جميعنا نعرف هذه الحقيقة نتيجة الظروف القاسية التي مر بها و ما زال يمر بها. لهذا فإن استخدام الأسلوب الأفضل والاهتمام الدائم لكافة الطبقات سيكسر الحاجز النفسي الموجود عند الكثير و الذي يتلخص احياناً برفض البعض لسماع او رؤية اي شيء يتعلق بالقيادة الفلسطينية.
و في هذا الخصوص قال الكثير إن:" الرئيس أبو عمار رحمه الله كان قريب جداً لهذا كنا نثق فيه و نتفهم مواقفه". على الرغم من الرئيس أبو مازن يقوم ببعض الخطوات المشابهة للرئيس أبو عمار لكن ردة فعل الشعب تختلف.
جميع هذه النقاط بسيطة في التطبيق و لكن تحتاج من يتقن تطبيقه، تحتاج من يتفهم الشعب حتى لا يظلم الرئيس دائماً و ابداً، تحتاج من يخفف عن الشعب و عن الرئيس حتى يتم تقليص الفجوة الموجودة. هذه الفجوة و التي للأسف إن بقيت لن تخدم الشعب الفلسطيني و لن تخدم القيادة الفلسطينية.
لهذا أقول " سيدي الرئيس .. لا أريد أن أراك وحيداً و لكن أرجوك ... لا تتركنا لوحدنا ".