اختتمت يوم السبت الخامس عشر من أكتوبر الجاري في مدينة كولن بمقاطعة كولونيا الألمانية، أعمال المؤتمر التاسع للجالية الفلسطينية – المانيا، تزامنا مع الذكرى العشرين لتأسيس الجالية الفلسطينية في المانيا، وسط مشاركة واسعة من ممثلي ومندوبي الجاليات الفلسطينية في المدن والمقاطعات الألمانية، ومشاركة لافتة ومميزة للوافدين الجدد من فلسطينيي سوريا ولبنان، وبحضور رسمي فلسطيني ممثل بدائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية القناة الرسمية الفلسطينية للتواصل مع الجاليات الفلسطينية في بلدان المهجر والاغتراب.
وافتتحت أعمال المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت إجلالا لأرواح شهداء الثورة الفلسطينية، ثم النشيد الوطني الفلسطيني، تلا ذلك مداخلة من الدكتور رائف حسين رئيس المكتب التنفيذي للجالية الفلسطينية – المانيا، تطرق فيها لنشأة الجالية الفلسطينية في المانيا والدور الوطني الذي اضطلعت به في الحفاظ على الهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية المستقلة، والدفاع عن مصالح أبناء الجالية، والانخراط المباشر في مسيرة نضال شعبنا عن طريق تدويل قضيته ونقل الصورة الحقيقية عن عدالة قضيته وحقوقه الوطنية المشروعة في مواجهة سياسة التحريف والتشويه التي تنتهجها حكومة الاحتلال.
ثم ألقى محمود الزبن مدير دائرة أوروبا في دائرة شؤون المغتربين كلمة رئيس الدائرة تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، نقل فيها تحيات رئيس الدائرة والعاملين فيها وتقديرهم للدور الوطني المتقدم الذي تلعبه جالياتنا الفلسطينية في بلدان المهجر والاغتراب، معبرا عن أهمية وضرورة عقد هذا المؤتمر للجالية الفلسطينية العريقة والممتدة على الساحة الألمانية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية وبمشاركة دائرة شؤون المغتربين في اللجنة التنفيذية لما من شأنه أن يعزز ويطور العلاقات بين أبناء الجاليات الفلسطينية في القارة الأوروبية ويُسهم في توحيد عمل وجهود الجاليات الفلسطينية لتشكل قوة حقيقية ضاغطة وفعالة من أجل كسب الرأي العام الألماني، ليكون مقدمة لممارسة الضغط على الحكومة الألمانية من أجل تغيير موقفها من حقوق شعبنا المشروعة، وفي المقدمة منها حقه بإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 بعاصمتها القدس.
وتابع ممثل دائرة المغتربين كلمته قائلا : إننا نتطلع باهتمام كبير لهذا المؤتمر لأكثر من سبب منها أهمية ألمانيا وحجم تأثيرها في إطار السياسات الأوروبية والدولية، وحجم الجالية الفلسطينية في ألمانيا ونشاطيتها الملحوظة والمميزة، وكذلك الدور المتزايد الذي باتت تضطلع به تجمعات شعبنا وجالياته في الشتات وبلدان الاغتراب، وهو دور مرشح للنمو في ضوء التحديات التي تواجه شعبنا، وفي ضوء الآفاق الجديدة المفتوحة لتعزيز مكانة دولة فلسطين والاعتراف الدولي بحق شعبنا في تجسيد إقامة دولته المستقلة على الأرض، فضلا عن الجهود المستمرة لملاحقة إسرائيل ومحاكمة قادتها على جرائم الحرب التي ترتكب يوميا واستمرار الجهود الناجحة لحملات مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها.
وتزامنا مع حلول الذكرى 99 لوعد بلفور المشؤوم، أوضح الزبن أن دائرة شؤون المغتربين تستعد خلال هذه الأيام وبالتعاون مع أجسام وهيئات وطنية أخرى في الوطن والشتات لتحويل العام المقبل 2/11/2016-2/11/2017 إلى عام لتشديد النضال من أجل رفع الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني نتيجة هذا الوعد، ومطالبة بريطانيا والدول الكبرى بما فيها المانيا بالقيام بمسؤولياتها الأخلاقية والانسانية للمساهمة في إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني على امتداد قرن كامل وتمكينه من بناء دولته الفلسطينية المستقلة على أرضه، ونحن نتطلع إلى مساهمة كبيرة ومميزة من جالياتنا الفلسطينية للإنخراط والمشاركة في هذا النشاط الذي سيجري على امتداد العام المقبل تحت شعار ليكن العام 2017 عاما لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
بعد ذلك قدم رئيس وأعضاء المكتب التنفيذي للجالية الفلسطينية التقارير الإدارية والأدبية والمالية للجالية خلال فترة عملهم، مستعرضين القفزة النوعية والكبيرة في عمل الجالية على امتداد الساحة الألمانية، والدور الذي اضطلعت به كجسم أساسي ومركزي لانطلاق العمل الفلسطيني المتواصل بالتعاون والتسنيق مع كافة مكونات الوجود الفلسطيني في المانيا، كما قدموا شرحا شاملا عن الأنشطة والفعاليات الوطنية والثقافية والاجتماعية التي نظمتها فروع الجالية الممتدة في المدن والمقاطعات الألمانية في المناسبات الوطنية، وبالتزامن مع الأحداث والمستجدات الميدانية لقضية شعبنا على أرض الوطن لا سيما العدوان المتواصل على قطاع غزة المحاصر، والهبة الجماهيرية لأبناء شعبنا في الضفة الغربية ضد الاحتلال وقطعان مستوطنيه، وجهودهم المستمرة بالتعاون والتنسيق مع حركات التضامن والمقاطعة في تكثيف حملات المقاطعة لدولة الإحتلال الإسرائيلي على كافة الصعد، الأمر الذي ترك أثاراً إيجابية في نشر ثقافة المقاطعة ورفع نسبتها في المجتمع الألماني بشكل ملحوظ.
ثم فتحت رئاسة المؤتمر النقاش حو التقارير المقدمة من المكتب التنفيذي للجالية، وخطة العمل المقترحة لعمل الجالية في الفترة القادمة، حيث قدم ممثلو ومندوبو فروع الجالية المداخلات والملاحظات حول ما جاء في التقارير، وإضافاتهم القيّمة حول الخطة المتضمنة برامج عمل شاملة ترتكز بشكل أساسي على التحديات التي تواجه فروع الجالية في التعامل مع حركة اللجوء الكبيرة لأبناء شعبنا الوافدين الى المانيا من المخيمات الفلسطينية في سوريا ولبنان، وكذلك تكثيف حملات المقاطعة، وملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيلين ورفع دعاوي قضائية ضدهم وفق الإمكانيات والقوانين المتاحة في المانيا.
وبعد نقاش معمق تم إقرار خطة العمل بصيغتها النهائية، والتصويت على التقارير المقدمة وقبول استقالة المكتب التنفيذي السابق، تلا ذلك لفتة تكريمية من دائرة شؤون المغتربين لرئيس وأعضاء المكتب التنفيذي السابق حيث قدم له ممثل الدائرة محمود الزبن شهادة تقدير وإعتزاز على الدور والجهود الكبيرة التي بذلوها في الدفاع عن مصالح أبناء الجالية، وعن قضية شعبنا العادلة وحقوقه الوطنية المشروعة.
وتضمنت الجلسة الأخيرة من أعمال المؤتمر، انتخاب مكتب تنفيذي جديد للجالية، حيث فاز بعضوية المكتب الجديد كل من :
-د. خالد حمد رئيس المكتب التنفيذي للجالية من مدينة كولونيا، وتعود جذوره الفلسطينية لمدينة جنين
-لافي خليل نائب رئيس المكتب التنفيذي من العاصمة الألمانية برلين وتعود جذوره الفلسطينية للعاصمة الفلسطينية القدس
-نادر السقا منسق العلاقات الفلسطينية الألمانية من مدينة هامبورغ وتعود جذوره الفلسطينية لمدينة غزة
-جورج رشماوي منسق العلاقات الفلسطينية العربية من مدينة بون، وتعود جذوره الفلسطينية لمدينة بيت ساحور
-غسان جبر مسؤول الإعلام من مدينة دورتموند، وتعود جذوره لطبريا في الداخل الفلسطيني عام 48
-محمد عفونة المسؤول المالي من مدينة كولونيا، وتعود جذوره لمدينة حيفا في الداخل الفلسطيني عام 48
-عدنان تميم منسق العلاقات الداخلية من مدينة هلدسهايم، وتعود جذوره لمدينة صفد في الداخل الفلسطيني عام 48 .
وأختتم المؤتمر أعماله بتنظيم وقفة تضامنية مع أبناء شعبنا في مخيم خان الشيخ في سوريا، لما يتعرضون له من حصار وتجويع نتيجة الصراع الدائر هناك، وطالبوا بضرورة تحييد المخيمات الفلسطينية عن هذا الصراع، وفتح ممرات انسانية أمنة لإيصال المساعدات الغذائية لسكانه، ووقف الأعمال العسكرية التي يروح ضحيتها أطفال ونساء شعبنا في المخيم. كما أعلن المكتب التنفيذي الجديد للجالية عن تنظيم حملة تبرعات مادية لأهالي المخيم سيتم إيصالها لاحقاً.
هذا وصدر عن المؤتمر التاسع للجالية الفلسطينية بيان سياسي شامل يدعو لوحدة مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وإنهاء الانقسام الداخلي الضار بعدالة قضيتنا وحقوقه الوطنية المشروعة، والإتفاق على إستراتيجية وطنية لمواجهة السياسة العدوانية الإستيطانية التوسعية لدولة الإحتلال الإسرائيلي، في ظل تراجع مكانة القضية الفلسطينية على أجندة الدول الكبرى، وكذلك تضمن البيان الختامي نداء عاجل لأنقاذ أبناء شعبنا في المخيمات الفلسطينية في سوريا لا سيما مخيم اليرموك وخيم خان الشيخ، ورفع الحصار عنهم، ودعوة المنظمات الدولية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الانروا للتدخل الفوري وفتح ممرات انسانية وتقديم المساعدات لهم، وتحييد المخيمات الفلسطينية عن أتون الصراع الدائر في سوريا.