نشرت وزارة الصحة الإسرائيلية تقريراً صادماً، يقارن بين أطفال الفلسطينيين الصامدين في أرضهم، منذ عام 1948 وبين أطفال الإسرائيليين، يوم 10/12/2016 ، إليكم ملخصاً لأبرز معطيات التقرير:
"ما بين كل ألف طفل إسرائيلي يموتُ 3,1 طفل، أما أطفالُ (العرب) يموت من كل ألفٍ منهم 6,2 في مدن الوسط. أما عند (عرب) النقب يموت أحدَ عشر طفلا من كل ألف "!!
الغريب أنَّ هذا الخبر لم يُرصد بكثافة في وسائل إعلامنا الفلسطينية، المشغولة بقضايا الصراع، والاشتباك، والتهويل، والتطبيل، وإثارة الرعب، والتهديد.
أشكُّ في أنَّ هذا الخبر حظيَ بالتوثيق، حتَّى، مِن منطلق (أضعف الإيمان) للذين لا يملكون القوة، لغرض ترجمته إلى كل لغات العالم، وتوزيعه على السفارات الفلسطينية، لإبراز الوجه المظلم للاحتلال!!
حتى أن هذا الخبر أزعج النائب اليميني من حزب، يهودوت هاتوراه، يعقوب ليتسمان، وزير الصحة الإسرائيلي، ودفعه للقول: "هناك تمييزٌ واضح ضد العرب في إسرائيل"!
أما الخبرُ الثاني، في الزمن نفسه، فهو تصريح الرجل الثاني في حزب الليكود، دافيد بيتان، رئيس الائتلاف الحكومي الذي قال في اليوم ذاته:
"كم كنتُ أتمنى ألا يصل العربُ في إسرائيل إلى صندوق الانتخابات!"
مع العلم أن هذا القول يأتي في إطار المشروع الإسرائيلي في ظل الحكومة اليمينية، وهو إقصاء الفلسطينيين الصامدين من دخول الكنيست، فقد انتهى دورهم في تجميل صورة الاحتلال، في نظر الساسة الإسرائيليين، وقد جرَّبوا إقرار قانونٍ عنصريٍ سابقٍ، فأجازوا لأعضاء الكنيست أن يطردوا أعضاء كنيست آخرين، بحجة أنَّهم يُعرِّضون أمن إسرائيل للخطر، ( شباط 2016 ) وهذا لا ينطبق إلا على أعضاء الكنيست الفلسطينيين فقط، وبما أن كل الفلسطينيين الصامدين لم يعودوا مطلوبين لتجميل وجه إسرائيل في العالم، ولترسيخ شعار إسرائيل الزائف، إذن، حان الوقتُ لإقصائهم عن صندوق الانتخابات، ولم تَعُد إسرائيل في حاجة لعزف مقطوعتها الموسيقية ذائعة الصيت:
"إسرائيل، هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".
تصريح دافيد بيتان ليس عفوياً، فهو يأتي ضمن سياسة إسرائيلية كانت مخبأة في الأدراج، وقام مايسترو اليمين المتطرف، نتنياهو بإطلاق الشرارة العنصرية الأولى، يوم الانتخابات الأخيرة، حينما قال في آخر ساعات الانتخابات:
" العرب يُهرعون إلى صناديق الاقتراع"
حرَّكتْ أقوال المتطرف السياسي الليكودي، دافيد بيتان بعض الفلسطينيين أصحاب الحق، ممن شجبوا واستنكروا وأطلقوا صواريخ القصف اللغوي، يبدو أن كثيرين منهم صار يرى الأمر مُكرَّرا، ويدعو للسأم، مما دفعهم للاستسلام للواقع!
لعلَّ التعليق الأقوى جاء من رئيس المعارضة، يتسحاق هرتسوغ الذي قال:
"إن تصريحات دافيد بيتان تشبه تصريحات اللاساميين في أوروبا"!
أما الخبر الثالث فهو ما نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل:
"أعدَّ طالبٌ أميركي في جامعة بنسلفانيا فيلماً تسجيلياً، مدته اثنتان وعشرون دقيقة، عن حياة المتطرف اليميني، وريث حركة كاخ العنصرية، وخليفة السفاح المتطرف، مائير كاهانا، المنادي بضرورة طرد كل الفلسطينيين من أرضهم، وهو، باروخ مارزيل، القاطن في الخليل، هذا السفَّاحُ له تسعة أبناء، وثلاثة وعشرين حفيداً.
أبرز الفيلمُ بالصوت والصورة قولين عنصريين لهذا المتطرف، الذي شارك في العدوان على لبنان 1982، وقتل عدداً من الأسرى اللبنانيين، لأنهم ألقوا عليه قنبلة، وفق زعمه، قال:
"العرب مرض سرطاني يعيش في أجسادنا"
"إن سفَّاح الحرم الإبراهيمي، باروخ غولدشتاين، هو قِدِّيس، وهو أطهر البشر" انتهت أقوال وريث حزب كاهانا، باروخ مارزيل.
للتذكير فقط؛ السفاح، غولدشتاين قَتَلَ يوم 25/2/1994 تسعةً وعشرين مُصلياً فلسطينياً، داخل الحرم، وهم يُؤدون الصلاة، بسلاحه العسكري المرخَّص! وقد أقام له المتطرف، باروخ مارزيل تمثالا في الخليل، يزوره المتطرفون الحارديم كوليٍّ من أولياء الله الصالحين!
سأواصل طرق باب ثلاجتنا الفلسطينية، التي تحوي لفائف قضايا انتهاك الاحتلال لمبادئ حقوق الإنسان، وأكداس ملفات الشكاوى ضد المحتلين الطغاة، حتى وإن ردَّدَ الساخرون قولا شائعا في ساحتنا:
"إنَّ الشكوى لغير الله مذَلَّةٌ".