نظم مركز رؤية للدراسات الاستراتيجية، اليوم السبت، منتدى الفكر الثالث بعنوان "أثر التحولات الدولية والإقليمية على مستقبل القضية الفلسطينية"، بمشاركة نخبة من المفكرين والباحثين والأكاديميين الجامعيين والمهتمين بالشأن الدولي والإقليمي والدولي.
وخلال الندوة، أكد نائب رئيس المركز الدكتور رائد حسنين، على أن هذه الندوة تأتي في ظل مجموعة التحولات العميقة التي تمر فيها المنطقة العربية، وانعكاساتها على مجمل الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص.
وحول أهمية قراءة المشهد الدولي والإقليمي والمحلي، رأى الباحث تيسير محيسن، أن هناك ترابط كبير بين التطورات الدولية والإقليمية والأوضاع في الأراضي الفلسطينية، كما وأكد على أن إسرائيل رغم أنها لم تتدخل كثيراً في التطورات الحاصلة في المنطقة العربية، إلا أنها جزءاً أساسياً من المسرح السياسي، ولاعباً مهماً في تطور الأحداث الجارية في الإقليم.
وأشار، إلى أن هذه التطورات والأحداث أفقدت القضية الفلسطينية مكانتها السياسية، وانعكست على قضية اللجوء، بعد تعميم حالة اللجوء في الوطن العربي، فلم يعد الفلسطيني هو اللاجئ الوحيد في المنطقة.
كما ورأي أن الانقسام الفلسطيني ساهم بشكل كبير في تنفيذ الاستراتيجية الإسرائيلية، بتصفية القضية الفلسطينية، التي تقوم على فكرة العزل والفصل، بين كل مكونات الشعب الفلسطيني، في إطار المخطط الكولونيالي، الذي استهدف تفكيك وحدة الشعب الفلسطيني الجغرافية والسياسية، عبر فصل غزة عن الضفة، كمرحلة أولى، وفصل المدن الكبرى في الضفة عن محيطها الجغرافي، فأصحبت المدن القوى الفلسطينية جزر معزولة. مضيفاً، أن هناك مخاطر محدقة بالقضية الفلسطينية، تتمثل في الحل الإقليمي، عبر حصر خيارات غزة وحماس في خيارات محدودة، ونبه من هذا الخطر، الذي يتم التحضير له عبر تفاهمات في سياق ترتيبات إقليمية ودولية.
وبدوره، أكد أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة الأقصى، الدكتور خالد صافي، على أن هناك مجموعة من التطورات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة العربية والتي تلقى بظلالها على مجمل الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، ، ونوَّه إلى أن إسرائيل هي من تدفع غزة بتجاه الانفصال، عبر صعود قمة الهرم السياسي، من خلال التركيز على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، بهدف الاستفراد بالضفة الغربية في ظل غياب شبة تام لاستراتيجية وطنية لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية. وفيما يتعلق بالتفاهمات التي تم التوصل لها بين دحلان وحماس، تندرج في سياق التكتيكي الذي قد يتحول للاستراتيجي في حالة تحقيق اهداف المرحلي من هذه التفاهمات، وأكد أن الأوضاع في غزة تسير نحو الانفصال، في إطار الرؤية الدولية والإقليمية لترتيب الأوضاع في المنطقة.
أما فيما يتعلق برؤية الاتحاد الأوروبي لإنهاء الصراع، أكد الدكتور خالد، على أن الاتحاد الأوروبي لم يحدد رؤية خاصة به حتى الآن للتسوية السياسية، وأن الموقف الأوروبي مازال يعيش في الظل الأمريكي حول التسوية السياسية.
من جانبها، تطرقت أستاذ العلوم السياسية الدكتورة عبير ثابت، إلى أن دخول ترامب للبيت الأبيض، شكل المتغير الأساسي الذي تراتب عليه كثير من التحولات في المنطقة، وأكدت رغم كل التحولات الإقليمية مازالت القضية الفلسطينية حجر الأساس في المعادلة الإقليمية، وحول خطاب هنية الأخيرة، رأت أن هنيه حاول تقديم نفسه كزعيم سياسي، وحركته كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، في إطار وثيقة الحركة الأخيرة.
وفي السياق ذاته، رأي الباحث السياسي محمد الصفطاوي، أن هناك احتمالات متعددة وسيناريوهات مختلفة لمستقبل الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وأن الرئيس عباس مازال يملك الكثير من أوراق القوة في المعادلة الدولية والإقليمية، وأن الإجراءات المصرية لن تخرج عن الدور التاريخي المصري في الحفاظ على القضية الفلسطينية.
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية الدكتور إبراهيم المصري، أن مؤتمرات الأمن القومي الإسرائيلي عالجت كل هذه التطورات، وتنبأت بها، في سياق الرؤية الإسرائيلية لمستقبل الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، في إطار تقارير الأمن القومي الإسرائيلي، أو في إطار مؤتمر هرتسليا، الذي يرسم ملامح الاستراتيجية الأمنية والسياسية الإسرائيلية.
وبدوره أشار مدير الدراسات والأبحاث في مركز رؤية منصور أبو كريم، إلى أن الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية الآن تشبه الساعات الأخيرة التي سبقت النكبة الفلسطينية عام 1948، مؤكداً على وجود أربع محددات تتحكم إلى حد بعيد، مستقبل الأوضاع في غزة بشكل خاص، والأراضي الفلسطينية بشكل عام، وهي: استقرار الأوضاع الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبقاء الرئيس ترامب في السلطة، في ظل الحديث عن تداخلات روسية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ونتائج الأزمة القطرية، وحدود التجاوب القطري مع مطالب الدول الأربع، وانعكاس ذلك على علاقة حركة حماس مع قطر، ونتائج جولة المفاوضات القادمة، خاصة في ظل قرب طرح أمريكا ورقة كأساس للمفاوضات، أخيرا علاقة الرئيس محمود عباس بالقيادة المصرية، ومستوى التنسيق الفلسطيني المصري خلال الفترة المقبلة، ونتائج زيارة الرئيس عباس للقاهرة، وأكد في ضوء كل تلك المحددات يمكن تحديد مستقبل الأوضاع في غزة، إما بتجاه الوحدة أو الفصل.
وفي ضوء تلك المناقشات، استخلص مركز رؤية النقاط التالية:
- هناك خطورة كبيرة تحيط بالقضية الفلسطينية، مما يتطلب وحدة موقف من الكل الوطني، لمواجهة هذه المشاريع.
- القضية الفلسطينية دخلت في إطار إعادة ترتيب المنطقة، وكجزء من المشروع الأمريكي.
- الحل الإقليمي مطروح بقوة في سبيل تصفية القضية الفلسطينية.
- مستقبل القضية الفلسطينية مرتبط إلى حد كبير بالتطورات الدولية والإقليمية، والصراع السياسي والطائفي في المنطقة.
- التفاهم بين حركة حماس ومحمد دحلان، لم يتضح بشكل كبير، في ظل سياسة التكتيم التي تتبعها حركة حماس.
- الحل الوحيد للخروج من هذه الحالة، يمكن في الوحدة الوطنية، على قاعدة الشراكة الوطنية.