"حماس" والأمن المصرى

thumbgen (18).jpg
حجم الخط

 

فى أعقاب التحولات التى جرت فى المنطقة عقب ثورة ٣٠ يونيو وسقوط حكم المرشد والجماعة فى مصر، أصيب تيار الإسلام السياسى بصدمة شديدة أفقدته التوازن، منهم من شارك بشراسة فى المعارك الدائرة فى سوريا وليبيا فى محاولة للتعويض وإيجاد موطئ قدم فى المنطقة، ومنهم من فر إلى قطر وتركيا للحصول على ملاذ آمن يبدأ منه النضال ضد النظام المصرى الجديد، ومنهم من فضل العودة إلى النوم فى أعماق مؤسسات الدولة المصرية انتظاراً للحظة قد تتطلب التنشيط من جديد.

عموماً كانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من بين الذين أصيبوا بالاضطراب الشديد بفعل «٣٠ يونيو» وأقدمت على تصرفات تتسم بالتهور، إن لم يكن الجنون، مثل تقديم الدعم للعناصر الإرهابية التى تقوم بعمليات إرهابية ضد الجيش المصرى فى شمال سيناء، بل ومشاركة عناصر من الحركة فى القتال ضد القوات المصرية، وإمداد العناصر الإرهابية بالسلاح عبر الأنفاق، وتوفير ملاذات آمنة لها من مطاردة القوات المصرية.

وطدت الحركة علاقاتها مع قطر وتركيا وإيران، وهى الدول المعادية لمصر من ناحية، والمضادة لمصالح دول عربية خليجية رئيسية على رأسها السعودية والإمارات. مع استقرار الأوضاع فى مصر وإدراك الحركة أن الجماعة الأم سقطت ولن تعود إلى السلطة قريباً كما كانوا يتوهمون، بدأت الحركة تغير من خططها وتكتيكاتها، وعاود عدد من قادتها الاتصال بالقاهرة فى محاولة لإيجاد متنفس والتوافق مع النظام الجديد فى مصر على أسس مشتركة للعمل، على رأسها منع تسلل العناصر الإرهابية إلى شمال سيناء وضبط الحدود لمنع تهريب السلاح والتوقف عن تقديم ملاذات آمنة للإرهابيين، وحرصت الحركة على نفى أى صلة تنظيمية بجماعة الإخوان، وهو ما ورد فى الخطاب الأخير الذى ألقاه خالد مشعل قبل أن تنتهى رئاسته للمكتب السياسى للحركة، وهو الخطاب الذى شدد فيه على عدم وجود صلة تنظيمية بالجماعة، وأنها علاقة فكرية فقط لا غير من خلال الانتماء إلى مدرسة الإخوان الفكرية، وفى هذا الخطاب أعلن مشعل علناً قبوله بالأسس التى قامت عليها عملية أوسلو، أى دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، عاصمتها القدس الشرقية مع حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

هنا بدأ تواصل جديد من نوعه بين «حماس» وتيار القيادى الفتحاوى محمد دحلان، قائد الأمن الوقائى السابق فى غزة، والعدو اللدود للحركة، ودخلت القاهرة على الخط واستضافت لقاءات الطرفين التى من خلالها تم التوافق على إنهاء الصراع وحقن الدماء ووضع أسس لتقاسم السلطة وترتيب الأوضاع فى قطاع غزة، ومن بين التفاهمات العمل على تأمين الحدود بين قطاع غزة ومصر عبر إنشاء منطقة أمنية عازلة، ومراقبة الحدود وتسليم المتهمين المطلوبين فى مصر.

جرت اللقاءات فى القاهرة، ونجح الجانب المصرى فى ترتيب هذه اللقاءات وضمان مخرجاتها من تفاهمات، تمهيداً لإجراء مصالحة وطنية فلسطينية شاملة، وهو ما لم يرحب به الرئيس الفلسطينى محمود عباس، فالعداء الذى يكنّه لدحلان يتجاوز قدرته على ممارسة دوره كرئيس للسلطة وزعيم فلسطينى.

«أبومازن» لا مشكلة لديه فى ترتيبات المصالحة مع حماس، ولكن شرطه أن لا يكون هناك دور لدحلان، ومن هنا عبّر عن رأيه بوضوح وأطلق من يهاجم هذه التفاهمات، ومن يشكك فى مصداقية حركة حماس فى مواصلة تنفيذ التفاهمات والقبول بتقاسم للسلطة.

السؤال هنا هو: هل هناك من لديه ثقة فى «حماس» باعتبارها فرعاً للجماعة، ولكن السؤال أيضاً: ومنذ متى تعتمد المصالحات السياسية على الود والثقة؟

وللحديث بقية

عن الوطن المصرية