لأن المرأة مخلوقة من ضلع الرجل، والمسكن الذي يسكن إليه، وتقع في قمة الخَلق وسموّه، فهي تُعدّ أهم من الرجل بكثير، هذا ما أوضحته الدكتورة في علم النفس الإعلامي سهير السوداني.
وتؤكد السوداني لـ “فوشيا” أن المرأة بالنسبة للرجل هي موضوع جنسي، فعندما تتكون عنده الرغبة الجنسية يحتاج لإشباعها كيفما كان، فهو من يقترب منها ويتودد لها ويثيرها أيضاً للحصول على مبتغاه.
وفي حال وقعت علاقة غير شرعية بين الشاب والفتاة، فإن علامات ونتائج العلاقة تظهر على الفتاة أكثر، بخلاف الرجل الذي لا تبدو عليه أية علامة سواءً جسدية أو مجتمعية أو عاطفية، لأن العلاقة بالنسبة له مجرد عملية جنسية وتنتهي في وقتها، ولا تبعات لها، كما يحدث مع الفتاة.
وفي الوقت نفسه، تشير السوداني إلى أن أخلاق المرأة ليست بعذريتها ولا بوجود غشاء بكارتها من عدمه، بل بأخلاقها المتعلقة بعدة وجوه لا تُعد ولا تُحصى، مؤكدة أن أي فتاة معرّضة لفقدان عذريتها لأسباب عديدة، كأن تقع وقعة عنيفة قد تهتك بغشائها، وقد تتعرض للاعتداء أو الاغتصاب مثلاً، فهل هذا يعني أنها فتاة لا تصلح للزواج؟
وتقول السوداني: “حتى يفهم أي رجل معنى عذرية الفتاة، هذا يتطلب منه تغيير المنظومة الفكرية لديه، فكيف يمكن للرجل غير المقتنع بأن الأنثى سواءً كانت أخته أو زوجته لها حق العمل والتعليم واختيار شريك الحياة، والحق في الذهاب والإياب، أن يتقبل عدم عذرية زوجته؟”.
وأضافت أن مجتمعنا وشبابنا يحتاج بالفعل لتغيير منظومته الفكرية، فإن لم نستطع حل الأمور البسيطة في حياتنا، فكيف يمكن تفهّم أن “عذرية المرأة” لا تكمن فقط في غشائها ولا قطرات الدم التي تنزل منها بعد انتهاء الولوج الجنسي؟ “بل هناك ما هو أبعد من ذلك”.
ومن ناحية أخرى، وجهت السوداني لومها للفتاة التي تخضع لأوامر زوجها وعائلته أو عائلتها كذلك، ولكل من ينتظرون تحقيق “بطولاته” في ليلة الزفاف، أن تقدم لهم علامة إثبات عفّتها وعذريتها، فهذه النتيجة من أهم خصوصياتها وأسرارها بينها وبين زوجها، وليست مشاعاً لكل الناس، ولا يمكن اعتبار هذا المشهد إلا امتهاناً وإهانة للمرأة وليس دليلاً على براءتها، لأنها غير متّهمة أصلاً.
وقالت: “إن سكوت المرأة عن حقها، يُطمع الرجل فيها، فيطلب المزيد، وكلما رضخت لأوامره وأطاعته ازداد في متطلباته، وجعلها أسيرة تحت يديه، وبلا حقوق”.
من جهته، وفي السياق ذاته، أكد استشاري الطب النفسي والإدمان الدكتور عبد الله أبو عدس لـ “فوشيا” أن المجتمعات العربية تعيش حالة من الازدواجية في المعاملة بين الذكر والأنثى، وقد تغضّ الطرف عن نزوات الرجل الجنسية، تصل حد الاتفاق معه على رفضه الزواج من الفتاة التي أقام معها علاقة غير شرعية، لكونها أصبحت غير عذراء، وحتى لو أوهمها بالزواج بها بعد العلاقة، والأمر الذي يجب توضيحه أن الرجل خلال هذه العلاقة يكون قد فقد عذريته أيضاً؛ فالقضية لا تنحصر عند الفتاة فقط.
وأضاف أبو عدس أن الازدواجية في المعاملة عززت من ثقافة غض الطرف عن أخطاء الرجل منذ عقود، في الوقت الذي ما يزال الاهتمام منصبّاً على أخطاء الفتاة، كما أعطت لعذريتها الخطوط الحمراء والأهمية القصوى، وربطتها بشرف أفراد الأسرة النووية بل والممتدة منها، ما نتج عنه خلق حالة من الكبت النفسي، أفقدها حريتها في الحركة، وحجّم من دورها ومكانتها في المجتمع الذي تعيش فيه، كونها ستصبح يوماً ما أمّاً قادرة على إنشاء جيل بأكمله، متماسك وقائم على الوضوح وعدم الزّيف.
إن إعادة العذرية للأنثى أصبح متاحاً وبطرق عديدة، كالعمليات الجراحية مثلاً، لهذا لا يمكن توقّف ارتباط الشاب بالفتاة على عذريتها فقط، فهذه “أنماط اجتماعية” ترسخت وتحولت إلى عادات عند المجتمعات العربية المتّسمة بالذكورية منذ عقود، تنكّرت لمغامرات الرجل الجنسية وعذريته بينما وضعت كل تركيزها على عذرية الفتاة، الموسومة بالدونيّة، كما تناست حقوقها التي يفترض أن تتساوى بها مع الرجل، بحسب تعبير أبو عدس.
ومن الناحية الطبية والنفسية، هناك بعض المعلومات غير العلمية التي تؤكد سهولة اكتشاف عذرية الرجل، فمنهم من يقول من خلال أذنه وآخرون يقولون من جسده، وهذه كلها خرافات بحسب أبو عدس الذي يوضح أن عذرية الرجل تتمثل بـ “عذريته النفسية”، فهناك تغيرات نفسية تحدث لدى الرجل بعد العلاقة الجنسية الأولى وليست جسدية، تتمثل إما بزيادة ثقته بنفسه، ورضاه عن ذاته، والشعور بالسعادة والإقبال، أو رفض العلاقة الجنسية من جذورها.
ويختتم أبو عدس قوله: “إذا كانت الحياة مبنية فقط على فقدان كل من الشاب والفتاة لعذريتهما أم لم يفقداها، إلا أن المؤسسة الزوجية تشتمل على العديد من النقاط المهمة، بل والأكثر أهمية من هذه الجزئية”.