هكذا يفكر ترامب ويخطط .. اما أن يحكم من البيت الأبيض أو يحكم من الشارع والكونغرس

حجم الخط

بقلم بسام ابو شريف 

 

كثيرون يتساءلون عما يريده ترامب من وراء شنه معركة كبرى ضد فوز جو بايدن ، ويصر ترامب على الادعاء بأنه هو الفائز ، وعلى الرغم من أن خمسين ولاية أعلنت رسميا نتائج الانتخابات فيها ، وعلى الرغم من أن جو بايدن قد حصد 306 ، صوتا انتخابيا ( وان ما يلزمه للفوز هو 270 ) ، لاينظر ترامب الا الى زاوية واحدة : –

انه حصل على 262 ، صوتا انتخابيا ، وهذا يعني أن عشرات الدعاوى والانذارات القانونية في أكثر من 18 ولاية لا تستهدف سوى الحصول على موافقة محكمة العدل العليا على اعادة الانتخابات في ولاية واحدة فقط ، وهي ولاية من أربع ولايات تملك أصواتا انتخابية تمكن ترامب من تجميد أي عملية تسليم ، وسينتقل البحث بأكمله لمحكمة العدل العليا .

اليوم يستضيف ترامب كافة المدعين العامين من كل الولايات على الغداء في البيت الأبيض ، ولا يستهدف ترامب من ذلك انتزاع موافقتهم جميعا على الموافقة لاعادة الانتخابات …. انه يريد واحدا ، أو اثنين لأنه اذا تمكن من خلخلة الوضع القانوني لنتائج ولاية واحدة ، فهذا سيزود طاقم محاميه بسلاح لايمكن للمحكمة العليا معه أن ترفض طلب ترامب علما بأن أعضاء المحكمة العليا من القضاة ، هم محافظون ، ويميلون لترامب.

والملفت للنظر وقوف معظم قادة الحزب الجمهوري مع ترامب ( رغم قناعاتهم التي عبر عنها البعض منهم ) ، والسبب واضح لنا وواضح لهم ، فهم يعيشون وضعا ابتزازيا على يد ترامب لم يسبق للحزب الجمهوري أن واجه مثله: –

1- فترامب يبتزهم بتهديدهم المباشر، وغير المباشر بأنهم اذا لم يقفوا بقوة معه ، فانه سيشق الحزب الجمهوري ، وسيخرج بحزب خاص من رحم الجمهوريين ، ويضم له تيارات أقصى اليمين التي رعاها، وأنشأها خلال فترة حكمه.

2- انه يبتزهم باعلان ترشيح نفسه لولاية في العام 2024 ، وهو بذلك يهمش قيادة الحزب ومموليه ، ويجعل منه أداته بدلا من أن يكون هو كرئيس أداة للحزب.

وبما أن ترامب رجل أعمال خبيث ، ومافيوزو متمرن ، ومتهرب بارع من الضرائب ومرتش كبير، وعلى مستوى ضخم دون ترك أية بصمت تدينه: بما أنه يمتلك هذه الصفات لم يفته أن يجمع مئات الملايين من الدولارات من أغنياء الجمهوريين، وأغنياء اليهود (الذين خدمهم ولبى كل مطالبهم تجاه اسرائيل)، لتمويل حملته الانتخابية للعام 2024، وبذلك نزع سلاحا هاما من أسلحة قادة الحزب الجمهوري لفرض قراراتهم على الحزب: المال.

فالحزب يمول ، ويجمع المال لحملات مرشحه للرئاسة ، وفي حالة ترامب قام هو بهذه المهمة بموازاة حملته للاطاحة ببايدن ، فأصبح هو الذي يقود قادة الجمهوريين ، وليس العكس ، وهو الذي يقرر موقف مجلس الشيوخ ، وليس أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين ، تحول شيوخ الحزب الجمهوري الى موظفين في شركة ترامب ، وكوشنر .

يتصرف ترامب الآن كمالك للحزب الجمهوري ، ومرشح مقر لولاية 2024 ، ومهاجم مسلح لاسقاط بايدن …. انه يتحرك على كل الجبهات ، ويتوعد دون كلام كل الذين اعترفوا ببايدن على الصعيد الدولي ، وسيستمر باتخاذ قرارات تتعلق بفرض العقوبات ، وربما أكثر من العقوبات ، وسيستمر حتى آخر يوم في حال فشله في دفع محكمة العدل العليا لنقض النتائج المعلنة ، ولذلك نجد في العالم من يساند ترامب ، ومن يساند بايدن ، وكأن انتخاب الرئيس الاميركي أصبح قضية عامة ، وليست خاصة بالشعب الاميركي .

ترامب يراهن على اقناع أحد ضيوفه على مائدة الغداء – اليوم – مدعي عام ولاية من الولايات ، ومعلوم أنه يركز الآن على ولاية تكساس ، وقد أمضى الأيام الثلاثة الماضية في أحاديث مطولة مع كروز – تكساس ، وترامب يعرف أن ولاية واحدة لن تضمن له البيت الأبيض ، لكن هذه السابقة في حال حصولها سوف تستخدم كسيف قاطع ، وكمثل يجب أن تعرضه المحكمة العليا على كل الولايات ، ولا يهتم ترامب اطلاقا فيما اذا نتج عن ذلك مجازر ، أو صراعات مسلحة ، أو انتشار الكورونا ، أو افلاس المؤسسات الاميركية .

*كاتب وسياسي فلسطيني .