38 تجمعًا بدويًا في مرمى نيرانه

تحليل: 4 مسارات يُناور الاحتلال بها للسيطرة على أراضي الضفة الغربية والأغوار الشمالية

4 مسارات يُناور الاحتلال بها للسيطرة على أراضي الضفة الغربية والأغوار الشمالية
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

بدأت الحكومة "الإسرائيلية" الجديدة ذات الرأسيين " بينت- ولبيد" أولى خطواتها، بهجماتٍ استيطانية شرسة ضد كافة التجمعات الفلسطينية البدوية من مسافر يطا جنوب الخليل حتى طوباس شمال نابلس، بالإضافة إلى الشريط الحدودي في الأغوار الذي بات شريطًا استيطانيًا لمنع إقامة الدولة الفلسطينية؛ باعتبارها الحدود الشرقية، في مسعى لمسح الوجود الفلسطيني وإقامة دولة يهودية خالية تمامًا من الوجود العربي وفقًا لخطة ألوان الاستيطانية التي تعود للعام 1967م.

سيطرة على المناطق المصنفة "ج"

في 7 من يوليو الجاري تم إخلاء أراضي قرية الحمصة الفوقا في الأغوار الشمالية للمرة الثامنة في غضون أربعة أشهر، مع العلم أنها القرية الفلسطينية الأولى التي دُمرت بشكلٍ كامل بعد احتلال الأغوار عام 1967، وتُعد أراضي حمصة الفوقا إلى جانب 38 تجمعًا بدويًا تقع جزئيًا أو كليًا داخل ميدان أعلنته "إسرائيل" موقعًا للرماية العسكرية.

وتجري عمليات الهدم "الإسرائيلية" غالباً في مناطق مصنفة "ج" وفق اتفاقية أوسلو 2 "1995"، وفيها يُحظر البناء أو استصلاح الأراضي من دون تراخيص من السلطات المحتلة، والتي تُعد من شبه المستحيل الحصول عليها.

كما صنَّفت الاتفاقية الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل" أراضي الضفة الغربية إلى 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" لسيطرة أمنية "إسرائيلية" ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية "إسرائيلية" وتُشكل نحو 60 بالمئة من أراضي الضفة.

وجاءت عملية الهدم في حينه بعد ساعات من مطالبة بعثات دول الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله الليلة قبل الماضية، إسرائيل بوقف جميع عمليات الهدم التي تُنفذها في الأراضي الفلسطينية.

وطالب بيان مشترك صدر عن البعثات دول الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله، ليلة الأربعاء الماضي، "إسرائيل" بوقف جميع عمليات الهدم التي تنفذها في الأراضي الفلسطينية، لافتاً إلى أنّه "في عام 2021 شرَّدت إسرائيل 595 فلسطينياً، بما في ذلك 320 طفلاً في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو ما يُمثل زيادة بنسبة 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي".

وبحسب تقرير صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" أخيراً، فإنّ السلطات "الإسرائيلية" هدمت أو صادرت ما لا يقل عن 421 مبنى فلسطينياً في الضفة الغربية منذ بداية العام الجاري بينها 130 مبنى ممولة من قبل الدول المانحة.

وعادة ما تُبرر السلطات "الإسرائيلية" عمليات الهدم بالافتقار إلى رخص البناء "مع أن الفلسطينيين لا يستطيعون الحصول على هذه الرخص بسبب نظام التخطيط التقييدي والتمييزي".

60 فرد من أهالي حمصة الفوقا بلا مأوى

حربي أبو كباش، 50 عامًا وهو أحد سكان قرية حمصة الفوقا في الأغوار الشمالية الذين هجرهم الاحتلال، قال: "إنّه متواجد في العراء بلا مأوى هو وأفراد عائلته المكونة من ستة أبناء بالإضافة إلى زوجته، بعد طرد الاحتلال لهم من أراضيهم يوم 7 يوليو دون سابق إنذار".

وأضاف أبو كباش، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنّه يتواجد ما يعادل عن 60 فردًا من الشيوخ والنساء والأطفال في العراء الآن بعد طرد الاحتلال لهم من أراضيهم ومصادرته كافة ممتلكاتهم من ماشية وبركسات"، مُستدركًا: "حتى أنّ الاحتلال حاول اعتقال السكان أيضُا من خلال إحضارهم لمركبات عسكرية لنقلهم بالقوة من أراضيهم".

وبيّن أنّه لم تُقدم لهم أيّ جهة مساعدات إنسانية حتى اللحظة لمساعدتهم على التغلب على ظروفهم الصعبة بعد تهجيرهم من أراضيهم، مُوضحاً أنّ أهالي حمصة قاموا بإنشاء باركس، للمكوث به هربًا من شمس شهر تموز الحارقة؛ لكن الاحتلال قام أيضًا بمصادرته، بذريعة أنّ المنطقة المتواجدين بها الآن والتي تبعد 700 متر عن حمصة الفوقا، يُوجد أمر احترازي من محكمة العليا بعدم ترخيصها.

وأردف: "نملك أوراق ثبوتية تؤكد ملكيتنا لأراضينا في حمصة الفوقا"؛ مُشدّداً على أنّها أراضي زراعية مملوكة لهم، وتبلغ مساحتها حوالي 65 ألف دونم، ويملك هو منها 300 دونم، وبالتالي هي ليست أراضي عسكرية بالمطلق.

ولفت إلى أنّ الاحتلال يُحاول تهجيرهم إلى منطقة عين شبلي التي تبعد 5 كيلو عن حاجز الحمرا بالأغوار الشمالية، مُستدركًا: "مصممون على العودة إلى حمصة الفوقا لآخر نفس من أبنائها". على حد وصفه.

أطماع سياسية اقتصادية بذرائع أمنية

بدوره، قال مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شمال الشفة الغربية، مراد اشتيوي: "إنّ معظم التجمعات البدوية في جميع مناطق الضفة الغربية؛ وخاصة في مناطق الأغوار الشمالية والوسطى، مصنفة "ج" وتقع في منظور الاحتلال في مناطق تدريب عسكري في الأغوار الشمالية وتحديدًا في طوباس".

وأضاف اشتيوي في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "وبالتالي تضيبق الخناق على التجمعات البدوية في هذه الفترة ينسجم مع رؤية الاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة على الأراضي المصنفة "ج" والتي من ضمنها الأراضي التي تحتوي على المواطنين الفلسطينيين في التجمعات البدوية".

واستدرك: "يُمارس الاحتلال التضييقيات والاعتداءات بحقهم من خلال الإخلاء المتكرر طوال أيام السنة؛ بحجة التدريبات العسكرية أو من خلال الضغط من أجل تهجيرهم إلى مناطق أخرى كما هو الحال في منطقة حمصة الفوقا التي يُحاول الاحتلال تهجيرهم منها إلى منطقة عين شبلي بالأغوار الشمالية".

وبيّن أنّه أيًا كانت الذرائع لإخلاء التجمعات البدوية فإنّ الهدف هو إفراغ هذه المناطق من الوجود الفلسطيني وتسهيل مهمة سيطرة المستوطنين على أراضيهم بحماية جيش الاحتلال "الإسرائيلي".

وبالحديث عن سعى الاحتلال من وراء تهجير البدو إلى تجمعات مشابه لبدو الجهالين، قال اشتيوي: "إنّ الاحتلال يسعى للترحيل بالدرجة الأولى، بغض النظر عن الهدف الذي يسعى إليه من وراء التهجير، وإفراغ التجمعات البدوية سواء تجميعهم في مناطق بعيدة عن أطماعه، أو حتى ترحيلهم في المناطق التي يسعى إلى تجميعهم بها".

وأشار إلى أنَّ الاحتلال يسعى لترحيل أهالي حمصة وفوقا إلى أراضي دولة في منطقة عين شبلي، مُوضحاً أنّها محط أطماع المستوطنين، وبالتالي ستتم ملاحقتهم في الأراضي التي سيتم إخلائهم لها.

أما عن طبيعة أطماع الاحتلال في المناطق التي يسعى للسيطرة عليها؛ خاصة في الأغوار الشمالية، أشار اشتيوى، إلى أنّ طريقة السيطرة على الأراضي في الضفة الغربية تسير في أربعة اتجاهات، الأول هو ما يُسمى بالأمر العسكري، والثاني هو طريقة أملاك الدولة والتي تُسهل أيضًا سيطرة المستوطنين، والثالث هو المحميات الطبيعية، والرابع هو مناطق آثار.

واستطرد: "بمعنى أنّه بهذه الطرق الأربعة يحظر على المواطن الفلسطيني أنّ يستغل أرضه، وكل الطرق السابقة تُسهل الاستيطان، بذرائع عسكرية".

كما أكّد على أنّ الأهداف من ذلك سياسية بالدرجة الأولى كما جرى في حمصة الفوقا، لمنع إقامة دولة مستقلة مترابطة الأطراف ذات حدود شرقية مع جوارها العربي الأردني.

وأكمل حديثه: "يوجد أهداف اقتصاديية، باعتبار الأغوار " سلة فلسطين الغذائية"، حيث إنّ حوالي 50% من مجمل الأراضي الخصبة تقع في الأغوار الشمالية، وحوالي 60% من مجمل الناتج المحلي الفلسطيني من الأغوار الشمالية".

وختم اشتيوي حديثه، بالقول: "الأهم من ذلك هو أنّ الأغوار تقع على ثاني أهم حوض مائي في فلسطين، وبالتالي تجمعت الأطماع الاقتصادية والسياسية في زيادة أطماع الاحتلال بذريعة تدريبات عسكرية؛ لكن في نفس المنطقة هناك مستوطنين وهذا يُؤكّد أنّ الاحتلال يكيل بمكيالين، لأنّ الأمر العسكري يفترض إخلاء المستوطنين أيضاً".