معاريف : "المعسكر الوطني" الإسرائيلي يعمل ضد الصهيونية !

5F2B5869-594E-4D22-822E-FE215D68D7F8.jpeg
حجم الخط

بقلم: النائب يئير غولان*

 

 


أبو مازن ابن 86 عاماً، ويوجد في أواخر حكمه. في المدى الزمني القريب سيطرأ تغيير زعامي على السلطة الفلسطينية. من الصعب ان نتنبأ من سيكون البديل، ولكن تعالوا نفترض ان ذاك الشخص سيميل، بخلاف محمود عباس، ليتخذ قرارات حاسمة. لنفترض أن تلك الشخصية المجهولة ستخرج في الإعلان الآتي: "نحن، الفلسطينيين، يئسنا من اقامة دولة مستقلة، ولهذا فنحن نحل مؤسسات السلطة الفلسطينية ونلقي على إسرائيل بالمسؤولة الكاملة عن المنطقة في كل الجوانب: جباية الضرائب، بناء البنى التحتية، حفظ النظام، الأمن وغيرها. وحدها السلطات المحلية تبقى على حالها، وبالطبع، نحن الفلسطينيين نطالب ان نكون مواطنين متساوي الحقوق في دولة إسرائيل".
سيؤيد العالم كله هذه الخطوة. محافل اليمين في إسرائيل سيتنفسون الصعداء؛ انقضى عنهم خطر الدولة الفلسطينية. دفعة واحدة سنجد انفسنا مع 2.7 مليون فلسطينيين آخرين، الذين يشكلون إلى جانب مواطني إسرائيل العرب 38 في المئة من سكان إسرائيل. معظم هذه الزيادة تعيش وتتلقى الرواتب التي هي بعيداً دون خط الفقر بمقاييس إسرائيلية.
ما هو احتمال أنه من خلال هذا الانضمام الطوعي سينشأ الخير لدولة إسرائيل؟ إذا استندنا إلى التجربة الإقليمية والعالمية فان الاحتمال هو صفر. سنوات طويلة من الضغينة والعنف، بيوت عديدة فيها الأب، الأخ، أو الزوج كان في السجن الإسرائيلي، رواسب لا نهاية لها من المهانة والخوف، لن تولد الخير.
لا توجد هنا مسألة "من المحق؟" بل حدث بشري طويل السنين كان الفلسطيني فيه مقموعا، وكان الإسرائيلي قامعا، وامكانية انه من داخل هذا الدمج للطرفين سيولد مستقبل افضل هو أمر غير معقول.
على مدى سنوات عديدة أُلقيت محاضرات عن الأمن الوطني، وفيها جميعها عدت وشددت على أن العنصر الاول في الأمن الوطني لكل أمة هو "التكتل الوطني". هذا التكتل منوط بالعلاقة التي بين القوى المفككة والقوى المكتلة في جمهور الناس ذوي الصلة. فأي احتمال يوجد لنا كأمة، إذا كان 38 في المئة من مواطني إسرائيل عرباً، أو إذا كان هناك 47 في المئة منهم عربا، إذا ما الحقنا قطاع غزة أيضا، كما يطالب اليمين المتطرف – المسيحاني في إسرائيل؟
المدهش في هذا النقاش هو الفجوة بين المواقف السياسية وبين الواقع اليومي لمعظم الإسرائيليين.
فمعظم الجمهور الإسرائيلي يمتنع عن المرور عبر مناطق "يهودا" و"السامرة"، وهو غير معني بما يحصل خلف جدار الفصل، وحتى شرق القدس هو بمثابة بلاد غير معروفة بالنسبة له.
من ناحية معظم الجمهور الإسرائيلي، فإن ضم ملايين الفلسطينيين إلى داخلنا هو ببساطة كابوس لا يمكن القبول به، ولكن من ناحية نمط التصويت السياسي في أوساط الجمهور اليهودي في معظمه، الذي يمثله 110 نواب، فان 72 مقعدا أُعطيت للأحزاب المؤيدة للضم (بما فيها الأحزاب الحريدية)، و25 مقعدا أُعطيت للأحزاب التي ليس موقفها السياسي واضحا حقا ("يوجد مستقبل" و"أازرق أبيض")، وفقط 13 مقعدا أعطيت للأحزاب التي تتبنى صراحة الانفصال عن الفلسطينيين ("العمل" و"ميرتس"). "المعسكر الوطني"، هو عمليا معسكر مناهض للوطنية، يؤمن ضمنا بالقدرة على دمج شعبين معا بحجم سكاني شبه متشابه إلى كيان وطني مستقر على مدى الزمن، وبخلاف مطلق لما علمتنا اياه الاحداث في منطقتنا ولا تزال تعلمنا اياه.
المعسكر المقلص، الذي كان يسمى في الماضي معسكر السلام، والذي شهد على جلدته حملة نزع شرعية لاذعة ومستمرة، هو عمليا المعسكر الوطني الحقيقي.
غابي ليسكي أكثر صهيونية من ايتمار بن غبير، ميراف ميخائيلي أكثر صهيونية من دودي إمسلم وموسيه راز أكثر صهيونية من غاليت ديستل اتربيان.
هذا هو الوقت للعودة إلى المصادر. المعسكر الوطني الحقيقي هو المعسكر المؤيد للرؤية الصهيونية الأصلية: وطن قومي للشعب اليهودي – دولة حرة وديمقراطية. تحقيق هذه الرؤية يوجب الانفصال عن الفلسطينيين. وهذا الانفصال من الأفضل أن يكون في إطار اتفاق إقليمي أو في مفاوضات مباشرة.
ولكن إذا لم ينجح هذان الأمران، فان علينا أن نأخذ مصيرنا في ايدينا وننفصل عن الفلسطينيين بأسرع وقت ممكن. الانفصال هو الصهيونية.

عن "معاريف"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*نائب وزير الاقتصاد والصناعة ونائب في الكنيست عن حركة ميرتس.