يخشي أهالي قطاع غزّة من تكرار سيناريو العام الماضي الذي أدى في نهاية المطاف إلى اندلاع عدوان مايو 2021؛ بسبب مسيرة الأعلام الاستفزازية في باب العامود آنذاك، وذلك في ظل تصاعد تحذيرات فصائل المقاومة الفلسطينية لدولة الاحتلال الإسرائيلي من مغبة مرور مسيرة الأعلام وفقًا للمسار المُحدد لها من باب العامود إلى الحي الإسلامي في البلدة القديمة في القدس وصولاً إلى حائط البراق.
لكِن مع إصرار حكومة الاحتلال بقيادة الثلاثي" بينت ولبيد وغانتس" على مسار مسيرة الأعلام المستفزة لمشاعر المسلمين في محيط المسجد الأقصى المبارك، وتجاهل والتحذير الأمريكي بضرورة تغيير المسار منعًا للتصعيد، تتصاعد التخوفات من اندلاع مواجهة جديدة بين غزّة ودولة الاحتلال، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول السيناريو المتوقع ليوم غدٍ الأحد، ومدى إمكانية توسع الحرب حال اندلعت نحو حرب إقليمية.
مسيرة الأعلام قائمة مُنذ ثلاثين عاماً
من جهته، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، أنَّ مسيرة الأعلام المقررة غدًا الأحد ستمر، دون ذهاب فصائل المقاومة في غزة نحو المواجهة مع دولة الاحتلال وذلك لعدة اعتبارات.
واستعرض الهندي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، تلك الاعتبارات التي في المقدمة منها عدم تحمل قطاع غزّة المحاصر من 15 عاماً وتعرض لأربعة حروب على احتمال مزيدٍ من الضربات، إضافةً إلى أنّه لم يتم حتى اللحظة إصلاح نتائج العدوان الأخير؛ وبالتالي فالمتوقع رد فعل فلسطيني من داخل القدس وليس من خارجها.
وأضاف: "ما لم يكن هناك أحداث خارجة عن المألوف في مسيرة الأعلام يوم غدٍ، فإنّها ستمر دون رد من الفصائل"، مُشيراً إلى أنَّ المسيرة تتم تاريخيًا تتم مُنذ ثلاثين عاماً؛ لكِنها خلال السنوات الخمسة الأخيرة برزت؛ بسبب عمليات الاستفزاز والاعتداءات من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين على الفلسطينيين.
وبدأت مسيرة الأعلام في مطلع سنوات السبعينيات من القرن الماضي، لكِنها لم تكن تمر من باب العامود، إذ كانت تمر من خلال باب الخليل، الأقرب من أبواب القدس القديمة، إلى القدس الغربية.
ولاحقاً جرى إطالة مسار المسيرة لتمر من باب الأسباط، أحد أبواب البلدة القديمة، لكِن شرطة الاحتلال الإسرائيلي منعت في السنوات 2010-2016 هذا المسار، بسبب تكرر المواجهات مع الفلسطينيين فتم إلغاء هذا المسار نهائياً.
كما بدأت منذ سنوات أعداد المشاركين بالمسيرة المارين من باب العامود بالازدياد، وبرز اسم المسيرة بشكل أكبر في العام الماضي، عندما هددت فصائل فلسطينية بإطلاق الصواريخ من غزّة على القدس الغربية في حال السماح بالمسيرة، فتم تأجيلها عن موعدها لعدة أسابيع قبل أنّ تتم تحت إجراءات أمنية مشددة.
احتمالات الحرب الإقليمية ضعيفة
وبالحديث عن إمكانية اشتراك أطراف إقليمية في أيّ مواجهة قادمة، استعبد الهندي، أنّ "يكون هناك تصدٍ مُشترك لإسرائيل من جانب حزب الله في لبنان أو من سوريا؛ وبالتالي لن تكون هناك حرب مشتركة".
وقال: "إنَّ الحرب المشتركة تحتاج إلى دول وهذه الدولة غير جاهزة"، مُستدركاً: "سوريا غير جاهزة لأيَّ حرب إقليمية مع إسرائيل؛ لأنَّ خسائرها في الحرب الأهلية تتراوح بين 600 إلى 700 مليار دولار، بالإضافة إلى أنَّ الجيش السوري منشغل بكثير من الصراعات الداخلية".
وأردف: "كذلك في لبنان فإنَّ حزب الله لم يعد يمتلك الشرعية الكاملة للقيام بحرب باسم المقاومة؛ خاصةً بعد اتخاذه منحني مذهبي، وبالتالي نحن أبعد عن الحرب الإقليمية، وأقرب إلى سيناريو حرب مُنفردة مع غزّة حال قادت التطورات الميدانية لذلك".
التطورات ستحكم الميدان
واعتقد أنَّ حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ستُمارسان سياسية ضبط النفس؛ إلا في حال حدوث أمر استثنائي يتطلب الرد، مُشيراً إلى أنّه من الناحية العملية لن يكون الرد من جانب حماس التي تُعتبر المسؤولة عن الحكم في غزّة ومهمتها توفير مستلزمات الحياة.
وأكمل: "بالتالي فإنَّ جزءً من الرد أو حتى رد خجول سيكون من طرف حركة الجهاد الإسلامي وليس من حماس المسؤولة عن الحكم".
أما عن وجود مصلحة إسرائيلية بشنّ عدوان جديد على غزّة، رأى الهندي، أنّه لا يوجد أزمات داخلية في "إسرائيل" تتطلب تصديرها على غزّة، كما أنّه لا يوجد ضربات من فصائل المقاومة في غزّة تتطلب شن هجوم.
وتابع: "المجتمع الدولي لا يُريد حرباً على غزّة؛ خاصةً أنَّ الولايات المتحدة مشغولة بمسألتين الحرب في أوكرانيا والتهديد الصيني وهي غير معنية بتطورات جديدة في الساحة الدولية".
وختم الهندي حديثه، بالقول: "في الصراع الإسرائيلي العربي، من الممكن أنّ تنطلق الشرارة؛ نتيجة اعتداء مُعيّن في المسجد الأقصى أو الاغتيالات؛ لكِن الأمر خاضع للتطورات الميدانية على الأرض وليس للمخططات".