"لماذا يتقدم الورد لقتال الشوك؟ بهاء كان نقيا صادقا في عشقه للحياة وناسها والقدس وتاريخها وصل الليل بالنهار لُتنج أطول سلسلة قارئة حول سور القدس، فكانت الفكرة – الفنتازيا- حقيقة واقعة بنجاحها أذهلت الأصدقاء قبل الأعداء، بهاء كان خلوق خجول مرح، لعب دور المهرج ليدخل البسمة إلى قلوب الأطفال، وقائد الكشافة ...كان يحلم بحياة أنقى وأجمل فما الذي حصل؟.. من استفز هدوءه وشوه جماله" بهذه الكلمات يصف الكاتب الفلسطيني ابراهيم جوهر الشهيد بهاء عليان، لينتقم الاحتلال من بهاء باحتجاز جثمانه منذ استشهاده في 13 أكتوبر الماضي ويرده لولده بقالب ثلج، محاولاً اهانة جثمانه الطاهر ، فيرفض والده إلا بإكرامه دفنا كما أكرم حيا، فكيف يرى العالم الحر فعلة إسرائيل مع جثمان بهاء ورفاقه؟
الشهيد المثقف
أعلن والد الشهيد بهاء عليان (22) عاما، أنه لن يقبل استلام جثمان ابنه من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي في قالب من ثلج، معتبرا أن ابنه دفن وأكرم من عند الله تعالى.
وذكر والد عليان في تدوينه له عبر حسابه الشخص
وتحتجز اسرائيل جثمان الشهيد عليان منذ 13 أكتوبر الماضي بعملية إطلاق نار داخل حافلة اسرائيلية أدت لمقتل ثلاثة إسرائيليين".
ويرد والد بهاء، محمد خليل عليان، على تساؤلات بشأن ما الذى دفع بهاء قائلا "العنف الذي يمارسه الاحتلال على الناس هو السبب "وكذلك ضعف القيادة الفلسطينية بحسب ما كان بهاء يعتقد".
وأضاف "أنا احترم قرار ابني بما فعل وإذا قررت سلطات الاحتلال عدم تسليمه لنا ودفنه في مكان آخر، فهو سيكون مدفونا في تراب فلسطين أنا أريد فقط تشيع يليق به ولن أسمح بأن يذلوني في هذا الموضوع".
مشاهد التشيع ...تستفز الاحتلال
مشاهد تشيع قوافل الشهداء بخروج الآلاف من الفلسطينيين رغم الشروط اللاأخلاقية التي تفرضها على ذويهم، دفعته للانتقام من "جثامين الشهداء" بتسليمها بطريقة تخالف كافة الشرائح والقوانين الإنسانية.
"مسألة احتجاز جثامين الشهداء لا أخلاقة ولا قانونية وتدلل هنجعية اسرائيل ومحاولتها معاقبة الشهداء حتي بعد ارتقائهم لله عز وجل" هكذا يصف المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى حسن عبد ربه احتجاز جثامين الشهداء ومحاولات تشويهها، كحالة بهاء عليان بتسليمها بلوح من ثلج .
ويذكر عبد ربه أن الاحتلال يحتجز منذ بداية انتفاضة القدس في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 50 شهيدا علاوة على 250 شهيدا في مقبرة الأرقام منذ سنوات مضت.
وينوه أن "حالة الشهيد بهاء عليان فريدة من نوعها، وسابقة خطيرة، بأن يتم تسليمهم بقوالب ثلج"
وتفرض إسرائيل شروط مجحفة بحق ذوي الشهداء بالتلاعب بمواعيد التسليم، وتحديد عدد المشيعين، والاشتراط كذلك بالتشيع ليلا وفرض غرامات مالية في حالة مخالفة الشروط آنفة الذكر.
ويؤكد أن ما استفز إسرائيل في أمر جثامين شهداء الهبة ودفعها لهذا التصرف هو مواكب التشيع المهيبة التي استقبلت بها جثامين الشهداء وبخاصة شهداء مدينة الخليل مؤخرا.
وحول جهود هيئة شؤون الأسرى للإفراج عن جثامين الشهداء يقول عبد ربه أن الهيئة منذ 3 أسابيع قامت ببلورة خطة قانونية للتعاطي مع هذا الأمر، بضوابط تضمن للشهداء تكريمهم، وكذلك تسخير محامين من كافة الهيئات للإفراج عنهم، ويتم تسليم جثمان شهيد إلى شهيدين يوما من عشرة أيام.
ووجه عبد ربه رسالة من هيئة شؤون الأسرى لعائلة الشهيد بهاء عليان بالقول أن" وجوده ورفاقة وسام شرف لأرض فلسطين، أينما كانت تحتجزهم ، وواجب الكل الفلسطيني إكرامهم بدفنهم بطريقة تليق بهم، مع كامل التقدير للألم النفسي والمعنوي لذويهم"
من مقابر الأرقام....إلى لوح الثلج
لا تتواني إسرائيل في ابتكار أساليب وطرق لتشوية جسد الفلسطيني فمن مقابر الأرقام التي تحتفظ بها بجثامين الشهداء لسنوات، بعيدا عن وداع الأحبة لهم إلى وضعهم مؤخرا في ألواح من ثلج لمحو جريمتها بحقهم.
يؤكد المحامي في مركز الميزان لحقوق الإنسان "لوكالة خبر" رأفت صالحة أن "ما قامت به اسرائيل بحق جثمان الشهيد عليان يعد سابقة خطيرة تصل لهذا المستوى من التحريف بإخفاء جريمتها بحق جثمانه"
ويتابع "ما قامت به اسرائيل هو محاولة بائسة لإخفاء ما تم تنفيذه بحق جثمانه، ومن المعروف سابقا أنها كانت مقبرة الأرقام ولا تزال تخفي من خلالها جرائمها بحق الشهداء الفلسطينيين، مشددا لذلك تعمد اسرائيل لفرض شروط مجحفة بحق عائلة الشهيد بضرورة تشيعه ليلا بعدد محدد من أقربائه وأحبائه"
يذكر أن مقبرة الأرقام عبارة عن اسم رمزي لمجموعة كبيرة من المقابر السرية التي أنشأتها اسرائيل من أجل دفن جثامين الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال.
ويشدد أن دولة الاحتلال وفق العديد من التقارير والقضايا التي رفعت عليها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك سرقتها لأعضاء جثامين شهداء وأسرى، مخالفة بذلك كافه حقوق الانسان .
وذكرت تقارير اسرائيلية قيام دولة الاحتلال بسرقة أعضاء تعود لجثامين شهداء في معهد التشريح "أبو كبير" الواقع في مدينة يافا.
ودعا صالحة كافة الدول السامية الموقعة على اتفاقية جنيف معاقبة اسرائيل على جريمتها التي تمس بالانسان الذى كرمه الله، والمعايير الانسانية الدولية.
وقال إن كافة المؤسسات الحقوقية الفلسطينية تقوم بإعداد ملف جرائم ضمن سلسلة الملاحقات للاحتلال في كافة بقاع الأرض الفلسطينية.
وًذكر أن ما تقوم به اسرائيل بحق الشهيد عليان تخالف المعايير الدولية وما نصت عليه بشكل صريح وبخاصة اتفاقية جنيف من ضرورة تسليم من يقتل على يد قوات الاحتلال لأهله، ودفنه حسب الشرائح السماوية موضحا أنها بذلك ترتكب عقوبات جماعية بحق الشهيد وعائلته وأحبائه ليس فقط بإهانته جثمانه بل بهدم بيته ومحاصره الحي الذي كان يقطنه واعتقال ذويه.
في الختام: نذكر وصية الشهيد بهاء عليان "إن أرادوا هدم بيتي فليهدموه فالحجر لن يكون أغلى من روح خلقها ربي"