عادت عبارة "أكلنا السمك يما" إلى الأذهان مرةً أخرى، وهي العبارة التي استمع لها الكثير من المواطنين عبر منصات التواصل الاجتماعي لشاب من عائلة بربخ جنوب قطاع غزّة قبل نحو عام أثناء رحلة هجرة عبر البحر للأراضي اليونانية، حيث انقلب بهم القارب الذي ينقلهم، وفي حينه رأى الشاب رفاقه يغرقون أمام عينيه ويأكلهم السمك فبعث برسالة لأمه يستنجد بها ويقول لها تلك العبارة التي أوجعت الفلسطينيين ولم تُوجع غيرهم، وقد أجج مقطع الفيديو الرأي العام على كل مسؤول وكل من تسبب في هجرة هؤلاء الشباب.
اليوم أصبح الأمر مخيفاً لدرجة أنّ توسعت بقاع البحار والأنهار والغابات التي يموت فيها الشباب وهم يُحاولون اجتيازها للعبور إلى أوروبا هرباً من الواقع الاقتصادي الصعب الذي عاشوه في غزّة، بعد أنّ أُغلقت أمامهم جميع الطرق التي تمنحهم حياة كريمة، فلا يكاد يمر يوم أو يومين إلا وتتناقل وسائل الإعلام المحلية والدولية أنباء انقلاب مراكب الهجرة أو غرق مجموعة من المهاجرين، من ضمنهم شباب قطاع غزّة.
شباب بعمر الزهور أصبحوا طعاماً للسمك في البحار والأنهار، يُغادرون ذكرياتهم وآمالهم وأحلامهم، ويتلقفهم الموت، تاركين غصة وناراً لا تنطفئ في قلوب أحبائهم، في ليلة أمس تلقى المواطنون خبراً أفجعهم جميعاً بل أفجع جميع قلوب الأمهات وأصبحن يدعين الله أنّ يربط على قلوب أمهات الشهداء، فقد فُقد سبعة شباب من جنوب قطاع غزّة قبالة السواحل التونسية وهم في طريقهم إلى أوروبا، والذين تم إعلان العثور على جثامينهم هم: "آدم محمد شعث، مقبل مجدي مقبل عتيم، يونس حيدر عجية الشاعر، بالإضافة إلى السوري محمد محجوب عبد الله".
وكانت سفارة فلسطين لدى تونس قد أعلنت أسماء الشباب السبعة، وكشفت مصادر دبلوماسية في السفارة عن بعض ما توفر من معلومات حول حادثة غرق قارب مهاجرين من غزّة قبالة سواحل تونس.
وقالت: "إنَّ الجمهورية التونسية تُتابع بشكلٍ ميداني مع السلطات المختصة للتأكد من هوية الجثامين التي عُرف منها حتى اللحظة سبعة شبان منهم شقيقان وأربعة من عائلة واحدة".
وفور تلقى الخبر ضجت موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بعبارات الدهشة والحزن والسخط والغضب على ما آل له حال الشباب المُهاجر الذي يموت وحيداً غريباً في أرضٍ ليست أرضه.
وقد تابعت وكالة "خبر" الفلسطينية ردود أفعال المواطنين عبر صفحاتهم الشخصية، في موقع "فيسبوك" والتي من بينها ما يلي:
وما أوجع قلوب الجميع هو منشور يعود لشقيقة المفقود محمد الحساسنة، الذي فُقد بتاريخ 27-3-2019، قبالة سواحل فتحية التركية، وقد أجج خبر غرق الشبان السبعة خوف هذه الأخت وحزنها على فقدان شقيقها الذي يُصادف يوم ميلاده وقت غرق الشباب السبعة.
وفيما يلي رابط تقرير أعدته وكالة "خبر" قبل أيام عن المفقودين قبالة شواطئ "فتحية" التركية، بعنوان "اللغز الغامض.. مفقودو تركيا 2019 أوجاعٌ تتجدد كل يوم". للاطلاع على التقرير: اضغط هنا
وقبل أيام معدودة غرق أيضاً شابين من قطاع غزّة، قرب جزيرة "كوس" في اليونان وهما الشابين خالد حافظ عطا شراب، ومصطفى خالد مصطفى السماري.
يُذكر أنَّ المتسبب في غرق تلك القوارب هم المهربين الذين يضعون أعداداً كبيرة على متن قارب أو بلم مهترئ ويُبحرون في ظروف جوية ومناخية لا تسمح بالإبحار معرضين حياة الناس للخطر، وهمهم الوحيد فقط هو جمع مزيد من الأموال.