لماذا لم تغضب حكومة نتنياهو من تبني "حماس" عمليات عسكرية؟!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 بعد نجاح التحالف الإسرائيلي" المعادي لاتفاق "إعلان المبادي" المعروف إعلاميا باتفاق أوسلو، بقيادة الثنائي نتنياهو – شارون، حاولت تلك الحكومة أن تلجأ لاستخدم سلاح عملية تحصيل المال الفلسطيني الدارجة باستخدام "المقاصة"، لفرض بعض أجندتها الخاصة، كان دوما يجد صدا ورفضا، ومواجهة، ما أوقف ذلك الاستخدام حتى بدأت المواجهة الكبرى سبتمبر 2000، بعد المؤامرة المشتركة بين رئيس حكومة دولة الكيان الاحلالي يهود براك في حينه، والإرهابي شارون، لتدمير الكيانية الفلسطينية والخلاص من مؤسسها وقائد الشعب الفلسطيني ياسر عرفات.

دولة الاحتلال، تعاقب السلطة الفلسطينية بشكل دائم، منذ اغتيالها الخالد أبو عمار، ولم تتوقف بعد انتخاب محمود عباس رئيسا لها مارس 2005، وخياره الابتعاد عن المواجهة الصدامية مع حكومة شارون، لكنها سارت بها باعتبارها أحد أسلحة "الابتزاز" التي تعتقد أنها مفيدة ونافعة، رغم انه مال فلسطيني خالص، لا يوجد به أي "شبهة مساعدة"، بل تقوم دولة العدو بتحصيله بمقابل كأي جابي ضريبة، لكنها تمارس أوقح عملية لصوصية في التاريخ، لا تراها الولايات المتحدة، وبالطبع معها دولة الاستعمار الغربي التقليدية والمستحدثة.

ووفقا لأرقام أعلنها قبل فترة د.اشتية رئيس الوزراء الفلسطيني، مجمل ما تقوم حكومة العدو بسرقته من أموال الضريبة الفلسطينية يبلغ شهريا ما يقارب الـ "30 مليون دولار"، كفيلة بأن تسد كثيرا من النفقات الخاصة بالعمل العام، دون الحاجة لأي مساعدة من حكومة التحالف الفاشي التي تتحدث عنها خداعا.

مبدأ استخدام "سلاح مال الضريبة – المقاصة"، تحت ذريعة دفع رواتب الشهداء والأسرى، وأيضا عدم مكافحة منفذي العمليات العسكرية، وخاصة في الفترة الأخيرة، التي تعتبر الأكثر فاعلية منذ 2004، رغم موقف السلطة الرسمي الذي لا يتبنى ذلك، بل أن قناة "التنسيق الأمني" بينهما لم تنقطع بالمعنى العام، وهناك "زواريب متعددة" لم تغلق يوما، لاعتبارات مختلفة، بينها حركة السفر والعودة للرئيس محمود عباس والتشكيل الحكومي العام.

لم يعد خافيا أبدا، ان حكومات إسرائيل المتعاقبة، وخاصة في السنوات الأخيرة، لجأت الى تطوير مظهر الاستخدام المالي بما يخدم مشروعها الرئيسي في تهويد وضم غالبية الضفة والقدس، و"فكفكة" الوحدة الجغرافية لبقايا الضفة داخليا، ومع قطاع غزة، أي مرحلة تفوق قذارة سياسية من المشروع الذي تحدثوا عنه في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وهو ما بدأ جليا في موقفها من حكومة حماس، وصياغتها "المعادلة الذهبية": "الامتيازات المالية مقابل التعهدات الأمنية"، وحققت ما لم تتوقعه مكاسبا من وراء ذلك، دون ان يدرك غالبية الشعب الفلسطيني مخاطرها، وخاصة أنها مغلفة بغلاف خادع جدا، بمسمى "المقاومة".

ويبدو أن الأسابيع الأخيرة بدأت تكشف ملامح مختلفة عما سيكون، ولذا ومن باب التفكير السياسي المبكر لما هو قادم، يجب التوقف بعيدا عن "الشعاراتية الخادعة"، أو بيع الأوهام"، حول بعض العمليات الأخيرة، والتي أعلنت حركة حماس تبنيها "رسميا"، لكن المثير هنا، بعيدا عن حقيقة المنفذين، هو موقف أكثر حكومات دولة الكيان فاشية وكراهية للفلسطيني، وغياب أي رد فعل من قبلها ضد حكومة حماس، او ضد حركة حماس ذاتها.

وللدلالة على ضرورة التفكير العميق بعيدا عن "الابتزاز العاطفي" أو "الصراخ الكاذب"، سنضع 3 أمثلة ربما تساعد في تنشيط "خلايا الفعل التفكيري" حول ما يتم ترتيبه للقادم السياسي، ومنها:

 *عملية مستوطنة "عيلي" يوم 20 يونيو 2023، قتل فيها 4 مستوطنين، كان الرد الإسرائيلي عليها إقرار مخطط استيطاني هو الأكبر منذ عام 1972. (توقيتا يوم تالي لفضيحة سحب آليات العدو من مخيم جنين).

*عملية تل أبيب يوم 4 يوليو 2023، دهس نتج عنه عشرات الإصابات، وبعيدا عن حقيقة أن المنفذ الشهيد منتم لحماس أم لغيرها، كونها أخطأت بالاسم والصورة منذ البداية قبل التعديل بناء لمعلومة شاباكية. (خلال معركة جنين).

*عملية قلقيلية قرب مستوطنة "قدوميم" يوم 6 يوليو 2023، وهي مستوطنة ذات حساسية خاصة، كون الوزير الإرهابي سموتريتش (وزير مال وجيش "ب" ورئيس "الحكم الإسرائيلي في الضفة الغربية) يقطنها، وقتل فيها جندي من جيش الاحتلال. (بعد فضيحة انتهاء معرمة جنين وافتضاح دورها الغائب).

ورغم غياب حماس عن أي فعل عسكري حقيقي في الضفة والقدس وداخل دولة الكيان بعد فوز تحالف نتنياهو – شارون يونيو 1996 بالانتخابات الإسرائيلية، ثم خروج خالد مشعل رئيس الحركة في حينه، ومعه آخرون من الأردن بعد السماح لهم بالعمل منذ عام 1988، قبل أن يعود مجددا أواخر عام 2022 ليقيم بها، لكنها فجأة عادت لتعلن عن عمليات سياقها يلفت الانتباه كثرا، ولكن ليكن لذلك حساب مختلف، لأن الأهم لماذا لم تغضب إسرائيل، ذات الحكومة الأكثر فاشية مما أعلنته حماس رسميا، ولا فرق هنا بين غزة وضفة وخارج، عندها.

لم تعلن مثلا، حكومة "التحالف الفاشي الحكم" في تل أبيب أي اجراء ضد حكومة حماس في غزة، فلا وقف لأي من "أشكال الامتيازات المالية" التي تقدم لها شهريا، بل العكس هي تبحث عن تعزيزها وفتح مجالات أخرى، بينها عمل مطار رامون ليصبح "مطار استخدام حكومة حماس".

كان يمكن للبعض القول أن عمليات داخل الضفة لا تستوجب رد فعل كبير، رغم انها تعاقب السلطة الفلسطينية فورا، على أي عمل يحدث، لكن ماذا عن عملية في قلب تل أبيب، ألم يكن ذلك يوما "خطا أحمرا" لحكومات الكيان.

السؤال الذي يحتاج لتفكير هادئ، دون صراخ ومكذبة سياسية تقليدية، لماذا لم تغضب حكومة التحالف الفاشي في إسرائيل من "عمليات حماس" الأخيرة، ولم تعاقب حكومتها التي تدعي أنها "مقاومة"، في حين أنها تعاقب السلطة الفلسطينية فورا رغم الاتهام لها بأنها "سلطة تنسيق امني وخائنة".

هل تعامل حكومة التحالف الفاشي مع حكومة حماس من الباب "الإنساني" أم له أبعاد أخرى تقع في دائرة "الحلال السياسي"..بعضا من الهدوء للتفكير قبل الحديث عن قضايا أخرى.

ملاحظة: يوم الثامن من يوليو 1972، أكدت دولة العدو، ان القلم لم يكن اقل ألما عليها من رصاص ثائر..حقدا وكراهية وفاشية جسدتها في اغتيال غسان كنفاني ابن الـ 36 عاما...رحل ليصبح "شرنقة" تتنج ثورة في مقاومة المستعمر الجديد..غسان رحل دون أن يغيب..سلاما لك أيها "المثقف النبيل".

تنويه خاص: كم هي سقطة عار أن تخرج فئة صحفية من الوسط الفلسطيني لتنتصر لقناة على حساب الحق الوطني، مقابل ثمن ترويجي رخيص...نقابة الصحفيين عليها ملاحقة من كان خصما للرواية الوطنية أي كان مسماه بلا ارتعاش.