صفقة تبادل متوقعة.. إنجاز لحماس أم انتكاسة لحكومة نتنياهو؟

doc-33yu7hn-1698029851.jpg
حجم الخط

وكالة خبر

تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية معلومات مفادها بأن المفاوضات بشأن تحرير "جزء من المحتجزين" لدى حركة حماس والفصائل الفلسطينية في غزة، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، حققت تقدما ملحوظا قد يُدخل الصفقة حيز التنفيذ قريبا.

ووفق هذه المصادر، فقد وافقت حركة حماس على الخطوط العريضة للصفقة، بينما ما تزال إسرائيل تناقش بعض التفاصيل.

ووفق آخر تقرير صادر عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أسرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والفصائل الفلسطينية حوالي 240 شخصا، إسرائيليين وأجانب، من بينهم أطفال ونساء ومسنون، خلال معركة "طوفان الأقصى" والهجوم المفاجئ لمقاتلي كتائب عز الدين القسام على مستوطنات "غلاف غزة" والنقب الغربي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ويعيش المجتمع الإسرائيلي حالة من القلق وسط ضبابية مصير المحتجزين في قطاع غزة، في ظل اشتداد المعارك ودخول الحرب على القطاع يومها الـ41 بدون تحقيق أهدافها المعلنة من قبل الحكومة الإسرائيلية بالقضاء على "حماس" سياسيا وعسكريا وتحريرهم بدون صفقة تبادل، وسط تصاعد حدة احتجاجات عائلات المحتجزين.

هواجس نتنياهو

وتحظى هذه الاحتجاجات بالتفاف الشارع الإسرائيلي وتضغط على حكومة نتنياهو للإفراج عن جميع المحتجزين فورا، حتى لو كان الثمن صفقة تبادل شاملة.

وعكست نقاشات نتنياهو المُراوِغة وعدم التجاوب مع مقترحات الصفقات التي طُرحت حتى مع بداية الحرب، وفقا لصحيفة "هآرتس"، معارضة الحكومة لأي صفقة.

وتعبّر هذه المواقف عن هواجس نتنياهو من دفع الثمن حيال صفقة تبادل وتصويرها على أنها إنجاز لحماس، خاصة أنها ستكون الأولى التي تنفذها إسرائيل خلال حرب.

وبحسب الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان"، فإن حماس وافقت على إطلاق 50 محتجزا إسرائيليا من النساء والأطفال بالمرحلة الأولى، مقابل إفراج إسرائيل عن جميع الأسيرات الفلسطينيات، والأسرى الأطفال، والمسنين، والمرضى.

وكشف المراسل السياسي للموقع الإلكتروني "واللا"، براك رافيد، النقاب عن الشروط المشار إليها في الصفقة المتوقعة، والخلافات الأساسية حولها.

مماطلة إسرائيل

وبحسب رافيد، فإنه تم خلال المحادثات صياغة مقترحين لصفقات محتملة. وتتركز الفجوة الأساسية في المواقف حول مدة وقف إطلاق النار الذي ستوافق عليه إسرائيل ضمن هذه الخطوة، بين 7 أو5 أو 3 أيام، وعدد المحتجزين الإسرائيليين الذين سيتم الإفراج عنهم.

وأكد أن إسرائيل أوضحت للوسطاء أنها لن توافق على وقف مؤقت لإطلاق النار إلا إذا تضمن إطلاق سراح عدد كبير من المحتجزين لدى حماس والفصائل الأخرى في غزة، بدون الكشف عن عدد الرهائن الذي تطلبه حكومة الاحتلال.

وذكر المراسل السياسي أن حركة حماس طالبت في البداية بهدنة لمدة 7 أيام، إلا أن الوسطاء القطريين تمكنوا من تقليص مطلبها إلى 5 أيام فقط، في حين لا توافق إسرائيل في هذه المرحلة إلا على 3 أيام هدنة.

اعلان

وضمن هذا الطرح، ستطلق حماس في اليوم الأول للهدنة 50 طفلا وامرأة، ويمكنها إطلاق سراحهم فورا بدون الحاجة إلى التنسيق مع التنظيمات الأخرى التي تحتجز هي أيضا عشرات الإسرائيليين.

وبعد اليوم الأول، ستطلق الحركة سراح نحو 10 رهائن يوميا لبقية أيام الهدنة. وفي مثل هذه الحالة، يمكن التوصل إلى إطلاق سراح 70 مختطفا خلال 3 أيام هدنة، و90 آخرين خلال 5 أيام هدنة.

وكجزء من هذا الاقتراح، ستطلق إسرائيل تدريجيا سراح الأسيرات الفلسطينيات والقاصرين الفلسطينيين والأسرى الفلسطينيين المسنين المحتجزين في سجونها، وفق المصدرين.

وذكرت المصادر أن الاقتراح يشمل أيضا إدخال الوقود للمستشفيات والمخابز في قطاع غزة تحت إشراف الأمم المتحدة، فضلا عن الالتزام بزيادة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل القطاع يوميا من مصر إلى 200 شاحنة، ولهذا الغرض هناك حاجة إلى موافقة ومساعدة مصرية.

وتقول الدكتورة موران كيندلشتاين من "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" إن قضية صفقة تبادل الأسرى، التي عادت إلى جدول الأعمال، تعدّ من أكثر القضايا الحساسة التي يتعين على الحكومة الإسرائيلية التعامل معها.

اعلان

وتضيف "على مر السنين، تم تقديم العديد من مشاريع القوانين التي تسعى إلى إرساء مبادئ تنطبق على معاملات "فدية الأسرى والمختطفين".

وفي عام 2008، تم تعيين لجنة عامة برئاسة رئيس المحكمة العليا المتقاعد مئير شمغار، بهدف بلورة مبادئ لإجراء المفاوضات من أجل "تحرير" الأسرى، حيث قدمت اللجنة استنتاجاتها عام 2012. وتوضح كيندلشتاين أنها "لا تزال سرية حتى يومنا هذا".

ثمن صدمة إسرائيل

ورغم تقديم توصيات اللجنة المتعلقة بالصلاحيات بشأن التوصل لصفقة التبادل إلى مجلس الوزراء السياسي الأمني (الكابينت) ​​في عام 2014، إلا أنه لم يتم عرضها للتصويت على الإطلاق. وتم رفض التماس لنشر تقرير اللجنة الكامل، والذي تم تصنيفه على أنه "سري للغاية"، بحسب كيندلشتاين.

وفي سنة 2014، بادر الكنيست إلى تعديل "قانون الحكومة" الذي ينظم لأول مرة سلطة الحكومة في اتخاذ قرار بشأن الإفراج المبكر عن الأسرى لأسباب تتعلق بالأمن وبإدارة العلاقات الخارجية.

وتمنح المادة "8 ب" من القانون الحكومةَ صلاحية قرار إطلاق سراح الأسرى للأسباب الواردة في نص القانون الذي يشترط أن يتم الإفراج والتوصل لصفقة تبادل في ظل ظروف حددها بـ"إطلاق سراح مختطفين أو أسرى من المواطنين الإسرائيليين أو المقيمين في إسرائيل".

اعلان

كما تشمل هذه الظروف "استعادة جثث الأسرى أو تلقي معلومات بشأنهم أو بشأن المختطفين أو المفقودين من المواطنين الإسرائيليين أو المقيمين في إسرائيل"، و"حسن نوايا سياسية"، و"اتفاق سياسي يشمل تسوية مؤقتة أو تفاهمات".

وكتب الصحفي الإسرائيلي نير كيبنيس، وهو مقدم برامج في "راديو تل أبيب"، مقالا بعنوان "صفقة الرهائن تقترب، هل ستكون انتصار لإسرائيل أو لحماس؟" في موقع "واللا" الإلكتروني، مشيرا إلى أن إسرائيل تقترب من لحظة اتخاذ قرار شبه مستحيل في قضية محتجزيها.

وتساءل كيبنيس إذا ما ستكون صفقة التبادل وتحرير المحتجزين الإسرائيليين وعودتهم، صورة انتصار لحكومة نتنياهو أم لحماس.

ويقول الصحفي الإسرائيلي إن المشكلة ليست فقط في صعوبة القرار بشأن صفقة التبادل، "بل في أن مجرد وجود مناقشة واقعية بالأروقة والحكومة الإسرائيلية، بمثابة أمر مستحيل"، قائلا إنه يتم مناقشة صفقة تبادل وإسرائيل ما تزال في ساحة القتال، "وهو الأمر الذي يلخص كل المشهد".

ويعتقد أن الاحتجاجات وحملة "تحرير المحتجزين الإسرائيليين" تحققان انتصارا على الحكومة الإسرائيلية، خصوصا أن أهداف الحرب في غزة تتغير أمام أعين المجتمع الإسرائيلي، بعد أن كانت في الأيام الأولى تهدف إلى هزيمة حماس، وقتل قادتها، وتدمير مقدراتها السياسية والعسكرية "وكأنه لا يوجد ملف محتجزين".

اعلان

وأوضح كيبنيس أنه كان يُنظر في بداية الحرب إلى ملف المحتجزين الإسرائيليين إلى حد كبير كجزء من الضحايا وثمن الصدمة الذي دفعته إسرائيل خلال "طوفان الأقصى".

وأضاف أن حكومة نتنياهو اعتبرت في البداية عملية أسر المحتجزين بمثابة كارثة ثانوية أو على الأقل ليست واضحة، بيد أن الملف تحول شيئا فشيئا إلى قضية حارقة وفي أولويات المجتمع الإسرائيلي، "بل أهم من سير الحرب واستمرارها".

المصدر : الجزيرة