تشهد الساحة العربية حالة من التوتر غير المسبوق، من خلال تصريحات وزير الخارجية القطري السابق حمد بن قاسم آل ثاني، التي كانت تحمل في جوهرها العديد من الرسائل السياسية، خصوصًا في الملفين الأكثر تعقيدًا في المنطقة "السوري والليبي" ، مما فتح باب التساؤلات.
حيث أن وزير الخارجية القطري السابق، صرح بأن بلاده كانت المحرك الأساسي في الأزمة السورية، لتنقلب عليها السعودية لاحقًا وتحاول الاستئثار بالملف وحدها .
أكد المحلل السياسي فتحي بوزية لـ "وكالة خبر"، على أن تناقضاً كبيراً بين موقف قطر والسعودية فيما يخص الملف السوري، حيث أن قطر تحاول إبقاء علاقاتها جيدة مع النظام السوري، موضحاً أن الموقف القطري موقف مشلول بالقضايا العربية، حيث أن ما تُحصّله الولايات المتحدة الأمريكية لا تُحصّله المصالح الوطنية أو القومية أو الإسلامية في الوطن العربي .
وقال الخبير في تاريخ الحركات الإسلامية خالد صافي، إن قطر عرّاب أمريكا في المنطقة، موضحاً أن السعودية اعتبرت أن قطر تقوم بدور أكبر منها، ورأت أن هذا سيؤثر على النشاط السعودي في المنطقة، مما أدى إلى تشاحن العلاقات السعودية القطرية، بالإضافة إلى سحب السفير السعودي من قطر، والضغوط على قطر من قبل الدول الإمارات العربية، حيث أن ذلك أدى إلى سوء في العلاقات بين الإمارات وقطر وكذلك قطر والسعودية، وذلك على اعتبار أن قطر كانت بالفعل تلعب دورًا كبيرًا في سوريا.
وأضاف صافي، أن تراجع قطر عن الدعم الواضح للأحرار في سوريا جاء نتاج غموض الأوضاع في سوريا وعدم الرغبة الأمريكية في الممارسات القطرية، حيث أن ذلك الأمر أدى إلى إبراز حليف جديد في المنطقة - وهي السعودية - في تنفيذ المخططات المرجوة من قبل أمريكا .
وأشار إلى أن الدعم السعودي للسنة في سوريا ليس بعين الطائفية، بل من أجل تمرير المصالح عبر خلاف الحزب الطائفي، مما أدى إلى وصف السعودية بالنظام السعودي الشيعي ذو الامتداد الإيراني في المنطقة، موضحاً أن هذا الأمر أدى إلى إنزعاج السعودية وتدخلها بشكل واضح، مما أدى إلى تراجع الدور القطري، وذلك بسبب أن قطر ليست دولة ذات قوة عسكرية في المنطقة، وعدم الرضى الأمريكي عن هذا التدخل.
واعتقد بوزية، أن هناك خطة أمريكية إسرائيلية تم وضعها لقطر من أجل أن يكون لها دور أكبر من حجمها، وأن تبسط سيطرتها على الساحة الفلسطينية، لافتاً إلى أنها تراجعت عن ذلك بضغط عربي، وذلك بسبب أن موقف السعودية واضح وصريح.
وأكد صافي على أن هناك تمدّد في الأزمة العربية في المنطقة، خاصة على صعيد الأزمة الليبية التي كانت تلعب قطر والإمارات دورًا هامًا في هذا الأمر، إلا أنهما تراجعا كليًا عن هذه المخططات، وذلك بسبب أن قطر دولة صغيرة وحجمها لا يتناسب مع هذه الأزمات .
ولفت بوزيه، إلى أن تدخل روسيا في الأزمة السورية أسهم في قلق الجهات المعنية، وقلب الموازين لصالح النظام السوري، مؤكداً على أن التدخل الروسي كان أقوى بكثير من دعم إيران وحزب الله، مما أدى إلى إنقاذ النظام السوري.
وأكد صافي على أن تدخل روسيا في المنطقة أربك السياسة السعودية والقطرية ، وأدى إلى تراجع الخليج عن التدخل في الأزمة السورية، وذلك في زمن الرؤساء الحاليين لهذه الدولة المتمثلة في قطر والسعودية، موضحاً أن ما حصل في قطر هو عبارة عن انقلاب سياسي على الحكم، وذلك لعدم القبول بالتدخل القطري، حيث أن السعودية كانت من أحد المحركات لهذا الانقلاب السياسي داخل دولة قطر.
بدوره اعتبر صافي، أن التدخل الروسي أحدث تغيرات جذرية في الملف السوري، حيث أنه وقف عائقاً أمام المخطط السعودي والقطري في المنطقة، وأدى إلى ارتباك المصالح وأصبحت السعودية هي أداة أمريكا في المنطقة من أجل مواجهة المخطط الروسي داخل الأراضي السورية.
وأضاف أن التدخل الروسي أدى إلى ظهور تحالف سعودي تركي في المنطقة، من أجل مواجهة تحالف سوريا مع الدب الروسي الداعم الأساسي للنظام السوري ، مضيفاً أن هذا الأمر دفع تركيا إلى محاولة تحجيم الامتداد الروسي، وكان أبرزها تحطيم الطائرة الروسية، وقد باءت هذه المحاولات بالفشل، وذلك بسبب قوة روسيا عسكرياً.