جريمة اجتماعية إنسانية تحمل أبعاداً متعددة تمارس بوعي وتخطيط مسبق، وغالباً تمارس دون وعي ودون تخطيط، وعدم الوعي يشكل خطورة أكثر لأنه يكون ناقلاً لما تيسر له سماعه من المخططين والمدركين لما يفعلون، ليشكلوا لهم منصةً وأداة توصيل مجانية على قاعدة أنهم يعرفون وواثقون مما يقولون وهم ليسوا كذلك.
جريمة اغتيال السمعة تستهدف فئات عدة في المجتمع وأبرزهم الساسة والبارزون في قضايا الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وبعض القطاعات الاقتصادية، واتسعت الدائرة ليدخل إلى المضمار الجامعات، ويتفاوت برنامج الاستهداف حسب الوضع والمناخ العام، فتارة ترى استهداف ساسة بعينهم عندما تشتد الهجمة العالمية أو الإقليمية ضد القضية الوطنية الفلسطينية، يستنفر مجرمو اغتيال السمعة وكأنهم يحركون عن بعد موجة البث المفتوح والمدعوم لزعزعة مكامن القوة الذاتية التي قد تحقق تقدماً ولو محدوداً، وتلك المسألة ليس لها علاقة بنظرية المؤامرة بالمطلق.
عملياً، المطلوب من ممارسة جريمة اغتيال السمعة أن لا يظهر هناك متميز أو مبدع، وأن لا يكون بيننا قائد نقابي أو طليعي في الدفاع عن حقوق المواطن، وتسعى لكي تلغي دوراً لصحافة استقصائية أو مقالات إبداعية، والمطلوب تصغير دور البلديات وإظهارها جميعها دون تفاوت أنها لم تعمل ولن تعمل، وبالتالي لماذا ندفع لهؤلاء الرسوم والمستحقات.
واقع الحال يفيد بأن التعاطي مع هذه الجرائم لم يرتقِ بعد لمستوى خطورتها ولا يتم تكييفها قانونياً، وبقي التعاطي معها بأشكال بدائية غير مسعفة تتلخص بتدخلات عشائرية أو تدخلات فصائلية على قاعدة أن درء المفاسد أفضل من جلب المنافع، وتتوج ببيان اعتذار في الصحف وشكر للعفو والصفح، لكن الأمر يجب ان يتجاوز ذلك كله من خلال إجراءات قانونية دون تعسف باللجوء للقانون أو التعسف باستخدام القانون لتلبيس قضايا حرية الرأي والتعبير والنقد الموضوعي على انها جرائم اغتيال السمعة او جرائم إلكترونية او جرائم اقتصادية.
صمام الأمان لمكافحة جريمة اغتيال السمعة هو بالشفافية والحوكمة وتعميم ونشر المعلومات واحترام النقد الموضوعي، واحترام المواقف التي تنطلق من منطلقات المطالبة بالحقوق دون اغتيال السمعة ودون الطعن والتشهير، المصارحة والمفاتحة والمكاشفة قضايا محورية وتشكل طوق نجاة.