عقد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم الأربعاء، ندوة ناقشت حالة حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة وفلسطين المحتلة.
جاء ذلك على هامش الجلسة الـ29 للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في مبنى الأمم المتحدة بجنيف، والذي يشمل في دورته الحالية استعراض حالة حقوق الإنسان في الدولتين المذكورتين.
ووسط حضور العديد من النشطاء في مجلس حقوق الإنسان والعاملين في المنظمات الدولية، تناولت الندوة أربعة محاور، شملت مناقشة العواقب الإنسانية المترتبة على الحصار الإسرائيلي لغزة وسياسات "الأبارتايد" والاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية.
كما تناولت تداعيات الأزمة الخليجية وتأثيرات العقاب الجماعي الذي تفرضه الإمارات ضمن دول أخرى على قطر، والذي أثر على المدنيين بشكل واسع، فضلاً عن تسليط الضوء على انتهاكات الحق في حرية الرأي والتعبير في دولة الإمارات.
وأوضحت المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي "سارة بيرتشيت" خلال كلمتها في المجلس، والتي تناولت التداعيات الإنسانية للأزمة الخليجية، أن إجراءات دولة الإمارات والمتمثلة في إجبار المواطنين القطريين المقيمين في البلاد على مغادرتها، ودعوة مواطنيها المقيمين في دولة قطر للعودة إلى بلادهم، تسببت في انفصال وتشتت ما يقارب 6500 أسرة.
ونوهت "بيرتشيت" إلى أن تداعيات الأزمة أدت إلى انفصال آباء قسرا عن أطفالهم، وأزواج عن زوجاتهم، ومرضى وكبار سن عن ذويهم ومن يتولون ورعايتهم، وشملت انتهاك حقوق الأسر في الخصوصية والحماية من التدخل التعسفي، وحرية التنقل.
ولفتت إلى إجبار المرضى القطريين المتواجدين في الإمارات على مغادرة البلاد قسرًا، ما أدى إلى حرمان العشرات منهم من إجراء عملياتهم الجراحية، وحرمان آخرين من تلقي الرعاية الطبية، مشددة على تحمل الإمارات كامل المسؤولية عن حياة المرضى، خاصة أن الإجراءات التي اتخذتها تشكل تهديدًا حقيقيًا وحاسمًا لحياتهم.
وحول قضية سجناء الرأي وانتهاكات الحق في حرية التعبير في الإمارات، قالت الخبيرة القانونية "جوليا لينغز": "إنه وبالرغم من انضمام دولة الإمارات إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، إلا أنها ما زالت تستخدمه كأداة ضد المعتقلين في سجونها".
ولفتت "لينغز" إلى أن الإمارات تقاعست في تقديم تقريرها الأولي إلى لجنة مناهضة التعذيب، والذي كان من المفترض أن يسلم منذ أغسطس/ آب 2013، وهو ما يعني عدم الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بتقديم التقارير المطلوبة، ما يثير شكوكاً جدية حول التزام الحكومة بالقضاء على هذه الممارسات، في ظل تصاعد شكاوى التعذيب من بعض الموقوفين، الذين أكدوا تعرضهم للضرب بالأنابيب البلاستيكية، والصعق بالكهرباء، والسجن الانفرادي، إضافة إلى تهديد أسرهم بالقتل والاغتصاب.
وفيما يخص العواقب الإنسانية المترتبة على الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، أكدت الباحثة القانونية في الأورومتوسطي "غادة الريان"، أن الحصـار المفـروض علـى القطاع، والذي بدأ فعليًا في شهر يناير/كانون الثاني من العام 2006 عقب نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية، تسبب بإغلاق شبه تـام لجميع منافـذه، حيـث تفـرض السـلطات الإسـرائيلية قيـودًا مشـددة علـى حركـة الأفـراد والبضائـع مـن وإلـى القطـاع، وتسـمح بدخـول كميـات محـدودة مـن المنتجـات الغذائيـة والوقـود والسـلع اليوميـة.
وبينت "الريان" أن الحصار حرم العديد من المرضى من تلقي العلاج المناسب في الخارج، وكذلك مئات الطلبة من السفر إلى الجامعات والبرامج التعليمية والثقافية في الخارج.
ولفتت "الريان" إلى أن الحصار الإسرائيلي طوال الـ12 عامًا الماضية، أدى إلى انهيار المنظومة الاقتصادية في القطاع، حيث أصبح 80% من سكانه معتمدين بشكل كبير على الإغاثة والمعونات الدولية المقدمة من قبل الأونروا والمنظمات الدولية الأخرى، كما أصبح 72% من عائلات القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما أصبحت معظم الشركات غير قادرة على الاستثمار في السلع الإنتاجية ما أدى إلى انخفاض حاد في إنتاجية العمل في قطاع غزة مقارنةً بما هو عليه في الضفة الغربية.
وبينت "الريان" أن الحصار امتدت آثاره سلبًا على قطاعي الصيد والزراعة، حيث يُسمح للصيادين بالإبحار فقط لمسافة تتراوح بين 3-6 أميال في البحر، وفي حال عدم التزامهم بنطاق الصيد يصبحون عرضة للاعتقال أو إطلاق النار.
وفي المحور الأخير في الندوة، لفتت الباحثة في المرصد الأورومتوسطي "إيمان زعيتر"، في كلمة لها حول سياسات السلطات الإسرائيلية التمييزية في الأراضي الفلسطينية، إلى معاناة الفلسطينيين اليومية من الممارسات الإسرائيلية العنصرية، بما فيها القوانين التي تُطبّق بناء على العرق، بالإضافة إلى التمييز المتبع في الخدمات المقدمة لصالح أكثر من 640 ألف من المستوطنين الذين يتوزعون على حوالي 196 مستوطنة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وبينت "زعيتر" أن الأراضي الفلسطينية المحتلة تحتوي على نظاميين قانونيين، نظام قانوني مدني يُطبَّق على المستوطنين الإسرائيليين وآخر عسكري يتمثل في الأوامر العسكرية الصادرة من قبل قادة الجيش الإسرائيلي والذي يُطبَق على 4.7 مليون فلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأوضحت "زعيتر" أن الخضوع لمثل هذا النظام قد يُعرض الفلسطينيين للسجن حتى قبل تبليغهم بالتهمة الموجهة إليهم، ويبقيهم معرضين للقمع والحرمان من الحقوق الطبيعية التي يتمتع بها المستوطنون في الإقليم ذاته. إلى جانب تعرضهم للتمييز العنصري حتى في السجون، حيث يصنفون كـ "سجناء أمنيين" مما يحرمهم من حقوق عدة يتمتع بها السجناء الإسرائيليون الموجهة إليهم التهم ذاتها. واعتبرت "زعيتر" أن هذه الممارسات تجعل من إسرائيل دولة "فصل عنصري".
وفي ختام الندوة، دعا المرصد الأورومتوسطي السلطات الإماراتية إلى ضرورة احترام قواعد القانون الدولي ووقف الإجراءات التعسفية التي طالت المدنيين في قطر، ووقف التعذيب في السجون والإفراج عن سجناء الرأي.
كما طالب المرصد الحقوقي المجتمع الدولي بالتحرك العاجل من أجل الضغط على إسرائيل لإنهاء حصارها غير القانوني لقطاع غزة، ومساءلتها عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان والتمييز المنهجي المتبع في الأراضي الفلسطيني.
يذكر أن الاستعراض الدوري الشامل هو أحد الأنشطة الرئيسية التي يقوم بها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وذلك بموجب القرار 251/60 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعبره يتم استعراض أوضاع حقوق الإنسان في جميع الدول الأعضاء في المنظمة الأممية، بهدف تحسين أوضاع حقوق الإنسان في تلك الدول ودفعها للوفاء بالتزاماتها في هذا المجال.