الحجيج الى حدود غزة

التقاط.PNG
حجم الخط

 

اعتاد الاسرائيليون على ترتيب زيارات للزعماء و الوزراء و السفراء و الوفود الاجنبية الزائرين او المقيمين في اسرائيل وكجزء من البروتوكول زيارة متحف الكارثة و البطولة الذي يخلد من وجهة نظرهم ضحايا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

في السنوات و الاشهر الاخيرة اضافوا بندا اخر لجدول هذه الزيارات، خاصة عندما يكون الزائر امريكي او من احد دول الاتحاد الاوروبي المؤثرة في القرار، و هو زيارة الى حدود قطاع غزة و عمل جولة في احدى الانفاق التي تم اكتشافها ، تماما كما حدث يوم امس مع المبعوث الامريكي جيسي غرنبلات وقبله مندوبة امريكا في الامم المتحدة نيكي هيلي.

الهدف الاسرائلي من ترتيب الزيارات لمتحف المذابح النازية هو تذكير الزائرين كم كانت حجم الكارثة و كم كان قيام اسرائيل مهم لحماية اليهود و كم هو مهم الاستمرار في دعم اسرائيل و الحفاظ على تفوقها.

الهدف من زيارات الوفود الى حدود قطاع غزة و عمل جولة لهم في الانفاق التي تم اكتشافها ليس للاطلاع على حجم الكارثة الانسانية التي يعيشها الناس في قطاع . ليس ليشرحوا لهم كيف يموت المريض في غزة اما لانه لم يحصل على تحويلة مرضية من وزارة الصحة في رام الله او لانه لم يحصل على تصريح اسرائيلي للوصول الى مستشفيات الضفة او اي مستشفى اخر. و ان المريض يموت و يشبع من الموت قبل ان يحصل على التحويلة المرضية و يموت و يشبع موت قبل ان يتم حصولة على الفحض الامني الاسرائيلي الذي قد يستعرق اسابيع، وقلائل فقط من المحظوظين الذين يتمكنون من الخروج .

زيارة الوفود ليس لكي يقولوا لهم ان الوضع الاقتصادي في غزة يتراجع بشكل جنوني و ان هناك انخفاض حاد في الاستيراد، و التصدير شبه معدوم، و البطالة هي القاعدة و توفير فرص عمل هي الاستثناء و ان نسبة الطلاق في ارتفاع نتيجة الظروف الاقتصادية و الاجتماعية ، خاصة بعد قرار السلطة “الحكيم” بتقليص رواتب الموظفين و احالة الالاف الى التقاعد المبكر و قطع رواتب المئآت تحت ذرائع مختلفة. يضاف الى كل ذلك الازمة التي تعاني منها وكالة الغوث و التي قد تشكل ازمتها صاعق التفجير .

ليس الهدف هنا هو القارنة بين المذابح النازية و بين المذبحة الانسانية التي تتعرض لها غزة و يشارك بها و يتحمل مسؤليتها اكثر من طرف ، المقارنة بلا شك ليست عملية و ليست موضوعية ، على الرغم ان اثنين مليون فلسطيني يعيشون في غزة يتعرضون للحرق البطيئ، ليس بأفران الغاز النازية ، بل بأفران الحقد و الظلم و الحصار .

ترتيب الزيارات الى حدود قطاع غزة يأتي لاسباب مختلفة تماما، متعددة الاوجه و متعددة الاهداف ، منها:

ان اسرائيل تريد ان تقول اولا وقبل كل شيئ انها غير مسؤولة عن الازمة الانسانية التي يعاني منها اهل القطاع ، بل المسؤول هو اولا حركة حماس من خلال تفضيلها لبناء قوتها العسكرية و الاستثمار في بناء الانفاق، و المسؤول ايضا هي السلطة الفلسطينية و الرئيس عباس من خلال الاجراءات العقابية التي تم اتخاذها و التي قيل انها اتخذت ضد حماس رغم ان نتائجها الكارثية هي على عموم الناس و خاصة الموظفين التابعين للسلطة.

و السبب الاخر هو لاطلاع المسؤولين الزائرين، خاصة الامريكان منهم على مدى التقدم التكنلوجي الذي حققته اسرائيل في حربها ضد الانفاق، سيما ان معظم الصناعات الحربية الاسرائيلية مدعومة امريكيا بما فيها الابحاث التي لها علاقة بأكتشاف الانفاق.

اسرائيل ارادت ان تقول لغرنبلات و قبله لنيكي هيلي ان دعمكم كان مهما و ان استمرار دعمكم هو اكثر اهمية.

اما السبب الثالث فأن الهدف منه هو اطلاع الزائرين على حجم التهديد التي تواجهه اسرائيل من غزة و ان هذا الامر قد يؤدي الى مواجهة في المستقبل ، و لذلك عليهم ان يتفهموا الموقف الاسرائيلي في حال الانفجار.

على اية حال، دوام الحال من المحال، وهناك حد معين يمكن ان يتم فيه شد الحبل الملتف علي اعناق الناس و ان الامور وصلت الى درجة لم يعد الناس قادرين على تحملها.

اذا كان هو هذا الاهدف الاسرائيلي فانهم اصبحوا قريبين جدا من تحقيقة. و اذا كان هذا هو الهدف من العقوبات التي فرضت على غزة فأن هذا الهدف على وشك ان يتحقق.

السؤال هو اذا كانت النتائج المرجوه من تحقيق هذا الهدف ( الانفجار) سيتم تحقيقها وفق ما هو مخطط له ام سينقلب السحر على الساحر؟ ان غدا لناظره قريب